الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما علم سائر المنافع من عمل الخير وتجنّب الشرّ وجميع ما يحدث في العالم، وتمّ للعالم في وقت وصيّة برد بن قينان ألف سنة وستّمائة سنة وأربعين سنة. هذه رواية محمّد بن جرير الطّبريّ. وولد له أخنوخ وهو ابن مائة سنة، ومات وله من العمر سبع مائة وسبعين سنة، وأوصى إلى ولده أخنوخ.
ذكر أخنوخ، وهو إدريس النبيّ، صلوات الله عليه وسلم
هو إدريس، عليه السلام، وسمّاه الله تعالى إدريس لكثرة دراسته للصحف، وأنزل الله تعالى عليه ثلاثين صحيفة. وكان أوّل من أعطي النبوّة، وأوّل من خطّ بالقلم، وأوّل من خاط الثياب، وأوّل من أظهر علم النّجوم ودلّ على تركيب الأفلاك وقدّر سير الكواكب ونبّه على عجائب الصنع فيها، وأوّل من جاهد، وأوّل من استرقّ الرقيق من ولد قابيل. قال:
وكان ذلك كلّه في حياة آدم، عليه السلام. ورفع إلى السماء وله من العمر ثلاثمائة وخمس وستّون سنة. ويقال: إنّه قبضت روحه في السماء الرابعة، وصلّت عليه الملائكة، وبدنه في السماء الرابعة، تصلّي عليه الملائكة كلّما هبطت. وقيل: مات وأحياه الله تعالى وأدخله الجنّة، وهو فيها إلى الآن.
(48)
هذا ما رواه محمّد بن سلاّم القضاعيّ في تاريخه.
وأمّا رواية المسعوديّ، فقال: إنّ الله تعالى أنزل على إدريس، عليه السلام، ثلاثين صحيفة، فتمّت الصحف يومئذ: ثمانون صحيفة. وكان أبوه برد قد دفع إليه صحف السرّ، وقال: إن إدريس، عليه السلام، لم يدرك عهد آدم ولا شيث، عليهما السلام. ولم يفتح صحف السرّ بعد شيث إلاّ إدريس، عليهما السلام.
ووافق محمّد بن سلاّم في بقيّة ما رواه، وزاد عليه، أن قال: وإنّه جمع جميع الصحف، وتركها في هيكل، وأمر بني آدم وولدهم بدراستها.
ومن رواية الطبريّ والقضاعيّ: أنّهم كانوا يلبسون قبل إدريس عليه السلام، الجلود، وأنّ إدريس أوّل من خاط الثياب.
ومن رواية المسعوديّ، فقال: إنّهم كانوا يلبسون الخزّ والحرير وغيره من القمص الملوّنات والمنسوجات بالذهب والجوهر، ويلبسون التيجان المرصّعة بذلك.
وقد كانت حوّاء أمرت بالغزل والنسيج من القطن والكتّان والوبر، وكست أولادها.
ولمّا ولد إدريس، عليه السلام، سقط صنم عظيم من أصنامهم كانوا يعبدونه ويعتكفون عليه ويذبحون له الذبائح. وأتاهم إبليس في صورة شيخ قد شاب، وكان الشيب لا يعرفونه من قبل؛ وقيل: إنّ إبليس أتاهم في زيّ روحانيّ له جناحان، فأخبر محويل الملك يومئذ، أنّه قد ولد لبرد مولود، يكون عدوّا للآلهة، وسبب فسادها، وعدوّ الملك. فقال له محويل الملك: أفلا تقدر على هلاكه؟ قال: سأحرص على ذلك. فوكّل الله تعالى بإدريس، عليه السلام، ملائكة يحفظونه، فإذا أتاه إبليس وجنوده، منعوهم منه.
وظهر في وقته كوكب له عدّة ذوانب، أقام نيّفا وثلاثين يوما.
ولمّا كبر إدريس جعله أبوه سادن الهيكل، وعلّمه الصحف، ولم (49) يزل على ذلك حتّى بلغ أربعين سنة، فأتاه وراييل الملك، فعلّمه علم الفلك والكواكب وسعودها ونحوسها وصور البروج والمنازل والدرج.
وهو أوّل من نظر في النجوم بعد آدم، عليه السلام، وسمّي خادم الله. وفي التوراة مكتوب: إدريس أحسن خدّام الله.
ولمّا رأى إدريس انهماك بني قابيل في المعاصي وعبادة الأصنام سأل الله أن يرفعه إليه ويطهّره من خطاياهم، فأجابه الله تعالى إلى ذلك، وأوحى إليه أنّ: لازم الهيكل أنت وشيعتك أربعين يوما-وكانوا سبعين رجلا أحبارا. فاغتسلوا ودخلوا هيكل الله المنصور، فدرسوا فيه أربعين