الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل: إنّ الله تعالى ذكره في القرآن (14) في سبعة وعشرين موضعا.
فصل
في إعلام الله تعالى الملائكة بخلقه
قال الله تعالى: {وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} . واختلفوا في الملائكة الذين قال لهم هذا على قولين، أحدهما:
أنّهم جميع الملائكة. رواه عكرمة عن ابن عبّاس. والثاني: أنّهم الملائكة الذين كانوا مع إبليس في الأرض خاصّة. قاله مجاهد. والأوّل أصحّ. لأنّ الألف واللام للاستغراق.
واختلف العلماء في المقصود بإعلام المليكة بخلقه، على أقوال، أحدها: أنّ الله أراد أن يبلوا طاعة الملائكة، وهو أعلم بهم، قاله الحسن <البصريّ>. الثاني: أنّه أراد إظهار ما في باطن إبليس من الكبر، لما يرون تعبّده واجتهاده وتواضعه. رواه العوفيّ، رحمه الله، عن ابن عبّاس، رضي الله عنه. والثالث: أنّ الملائكة ظنّت أنّه لا يخلق خلقا أكرم منهم، فأخبرهم بوجود غيرهم ليوطّنوا أنفسهم على العزل. قاله مجاهد، رحمه
الله. والرابع: أنّه أراد تعظيم آدم بالخلافة قبل وجوده، ليعظّموه إذا وجد.
قاله الرّبيع بن أنس، رحمه الله. والخامس: أنّه لمّا خلق النار، جزعت الملائكة، وقالوا: ربّنا لمن هذه؟ قال: لمن عصاني. قالوا: أو يأتي علينا زمان نعصيك فيه؟ فأخبرهم أنّه يخلق لها من يعصيه، فاطمأنّوا. قاله الرّبيع زيد بن أسلم، رحمه الله. والسادس: لأنّه أراد إظهار عجزهم عن ما يعلم، لأنّهم قاسوا على من كان قبل آدم. قاله مقاتل، رحمه الله. والسابع: أنّه أعلمهم بما يكون في المستقبل ليعلموا علمه بالحوادث. قاله الوالبيّ، رحمه الله. والثامن:(15) أنّ الملائكة لمّا طردت المفسدين من الأرض، أقاموا يعبدون الله تعالى، وذلك قبل خلق آدم، فأخبرهم أنّه جاعل في الأرض <خليفة> غيرهم. قاله <مقاتل> ابن حيّان، رحمه الله.
التاسع: أنّه أعلمهم أنّه يسكن آدم الأرض، وإن كان ابتداء خلقه في الجنّة.
قاله السّدّيّ، رحمه الله. العاشر: أنّه خبر أخبرهم به وليس بمشورة، وهو أجود الأقوال.
وقيل: إنّ فيه إشارة إلى إخراج هذه الخليفة من الجنّة، بذنبه قبل أن يسكنها، فدلّ على أنّ الكلّ بقضائه وقدره، قاله أهل المعاني. وروى مجاهد عن ابن عبّاس بمعناه، فإنّه قال: أخرج الله آدم من الجنّة بذنبه قبل أن يسكنه إيّاها، ولو لم يرد إخراجه لما نوّه بقوله:{إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} .