الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعرض جيشه فنفد منه سبعين ألفا، وقد كان خرج في ألف ألف عيال. ولمّا سمع الملوك به وبقوّة عزمه هابوه وخافوا شدّة بأسه، فهادوه وتلطّفوا في إصلاح شأنهم معه.
وقيل: إنّ خراج مصر بلغ في أيّامه تسعة وتسعين ألف ألف ألف.
وهذا فرعون يوسف، عليه السلام، وسيأتي خبره معه، عند ذكر يوسف، عليه السلام، إن شاء الله تعالى. وفي أيّامه ابتنا يوسف، عليه السلام، مدينة الفيّوم، كما يأتي بيانه في موضعه.
<
ذكر دريوش
>
ولمّا مات نهراوش استخلف ولده دريوش. وهذا دريوش تسميّه أهل الأثر من العلماء: داروم بن الرّيّان. وإنّما وجدت اسمه: دريوش بن نهراوش في هذا الكتاب القبطيّ الذي ذكرته، وجميع هذا الكلام فهو منه بعدما أصلحت منه ألفاظا أدرتها إلى العربيّة بعقلي، ولعلّها الصواب، والله أعلم.
وداروم هذا هو الفرعون الرابع بمصر، ولمّا ملك خالف سنّة أبيه.
وكان يوسف، عليه السلام، خليفة، أمره الرّيّان بذلك. وكان يشدّد ويطلب سنّة (135) العدل، وكان ربّما وافقه حينا، وربّما نقض أمره حينا.
وطهر في وقته معدن فضّة على ثلاث أمثال من النيل وأثار منه شيء كبير. وعمل منه صنما على اسم القمر، لأنّ طالعه كان السّرطان، ونصبه على قصر الرخام الذي كان أبوه بناه في شرقيّ النيل مع عدّة أصنام أخر.
وعمل للصنم الكبير عيدا في كلّ سنة، وهو إذا حلّ القمر السرطان.
وكان كلّما أراد <أن> يضرّ بالناس بحال منعه يوسف، عليه السلام، ودفعه عنه، إلى أن مات يوسف، عليه السلام، في أيّامه، وله من العمر ثلاث وعشرون ومائة سنة. فأمر داروم أن يكفّن في ثياب الملوك، وجعل في تابوت من رخام، ودفن في الجانب الغربيّ <من النيل>، فأخصب ونقص <الجانب> الشرقيّ. فنقل إلى الشرقيّ، فأخصب ونقص الغربيّ. فاتّفقوا أن يجعلوه في الغربيّ عاما وفي الشرقيّ عاما. ثمّ حدث لهم رأيا أن يجعلوا له حلقا وثاقا، ويشدّوا التابوت بحبال من حديد من جانبي النّيل ويلقوه في النيل. ففعلوا ذلك، فأخصبت الجانبين.
وإنّه وزر بعده بلاطيش الكاهن، فوافق الملك على أخذ أموال الناس، فبلغ من ذلك مبلغا عظيما.
وعمل الوادي المنحوت بين جبلين في الناحية الغربيّة من النيل، وكنز الأموال، فلا يوصل إليها بحيلة. وجع لذلك صقالة من ذلك الوادي إلى الحيّ، وجعل له بابا يصل إليه ويدخل إليه، وترى الأموال موضوعة مكشوفة مضروبة في كلّ مثقال من المائة إلى عشرة مثاقيل عليها صورة
الملك. وفي الوجه الآخر اسمه وتاريخ وقته. فإن التمس أحدا منها شيئا انطبق عليه الباب، فلم يقدر على الخروج حتّى يردّ ما أخذه. وقيل: إنّه إلى الآن كذلك.
ثمّ زاد أمره في التجبّر حتّى اقتلع نساء الناس منهم غصبا. واجتمع الناس على خلعه، وامتنعوا الناس من عمل سائر الصنائع حتّى الزراعات والغروس، فخاف الوزير من إفساد (136) أمور المملكة. فدخل إليه وأشار عليه أن يردّ إلى الناس نساءهم ويتودّد لهم، فأبا عليه وهمّ بالخروج عليهم في خاصّته، وقال: إنّما هم عبيدي. فلم يزل يرفق به حتّى رجع.
ثمّ إنّ أهل الصعيد حشدوا عليه وحاربوه، فخرج عليهم وأهلك منهم خلق كثير. وعاونته امرأة أبيه بسحرها وأظهرت من أنواع السحر ما أضعف أبصارهم، وغشيهم ما لا طاقة لهم به. ثمّ قتل عالما كثيرا منهم، وصلب على غربيّ النيل. ورجع إلى ما كان عليه من الظلم وأخذ الأموال والنّساء وسفك الدماء واستخدام الأشراف من القبط والإسرائيليّين.
وكان قد صنع له قصرا من خشب مضبّب بالفضّة والذهب. وجعله في النيل يركب فيه مع وجوه خواصّه. فأراد أن يعدوا من العدوة الأخرى، وكان زمان قوّة نيل مصر، فلم يوافقه القصر بالسرعة لثقله. فركب زورق