الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موائد عليها من كلّ الأطعمة والألوان من سائر الأصناف، لا يعلم من صنعها، وكذا كلّ الأشربة في أواني تستعمل ولا تنقص، وفي وسطه بركة من ماء جامد، تراه ظاهرا متحرّكا وهو جامدا، وأشياء كثيرة أضربنا عنها للاختصار-ممّا يحيّر العقول. فأعجبه ما رآه، ورجع إلى مصر على كواهل الشياطين. واستخلف ابنه عرياق، وأوصاه بما يجب أن يفعله، وقلّده الملك، ورجع إلى ذلك القصر، وأقام به حتّى هلك، واستقرّ القصر بحاله. وإلى هذا الملك عيقام تعزى مصاحف القبط، التي فيها تواريخهم، وأكثر اعتمادهم في ذلك على ذكره.
ذكر قومة الكاهنة وما صنعت من العجائب في وقتها
قومة الكاهنة وأنّها كانت تجلس في عرش من نار، وإذا جاءها من يحتكم إليها، وكان محقّا صادقا، خاض النار إليها ولم تضرّه شيئا، وإن كان كاذبا مبطلا وقدم عليها أحرقته النار. وكانت تتصوّر لهم في صور كثيرة كيف شاءت.
ثمّ بنى لها قصرا واحتجبت عن الناس، وجعلت في حيطانه أنابيب نحاس طاهرة مجوّفة، وكتبت على كلّ أنبوبة فنّا من الفنون التي يتحاكم إليها فيه. فكان الذي يتحاكم إليها يأتي إلى الأنبوبة، فيأتيه الجواب لكلّ ما يريد. ولم يزالوا يستعملون ذلك دهرا طويلا، حتّى هلكت قومة الكاهنة، والله أعلم.
كذلك عرياق بن عيقام الملك، قد تكهّن أيضا، وعمل العجائب الكثيرة، منها: شجرة صفراء، لها أغصان حديد بخطاطيف حادّة، إذا اقترب إليها (76) الظالم أو الكذّاب اختطفته تلك الخطاطيف وتعلّقت به وتشبّكت فيه، فلا تفارقه حتّى يحدّث في نفسه بالصدق ويعترف بظلمه ويخرج عن ظلامة خصمه.
وعمل أيضا صنما من صوّان أسود وسمّاه عبد قرويس، أي عبد رجل كاهن كانوا يعظّمونه ويحتكمون إليه، وكان معلّم هذا الملك عرياق. فمن زاغ عن الحقّ ثبت مكانه، ولا يقدر على الخلاص والخروج حتّى ينتصف من غريمه، ويخرج عن الحقّ. ومن كانت له حاجة أو طلب شيء، يصنع عملا يشاكل مطلوبة، ويأتي إلى ذلك الصنم ليلا، وينظر إلى الكواكب، ويذكر اسم الملك عرياق الكاهن <وتضرّع>، فيصبح وقد وجد حاجته على باب منزله.
ومن الكهنة قبل الطوفان أفليمون الكاهن؛ الذي ركب السفنية وآمن بنوح، عليه السلام، وبرسالته.
ومنهم سنون الكاهن القبطيّ، وهو الذي يقد النار، ويتكلّم عليها، فيطلع منها صورا بادية. ولم يزل هذا سنون كاهنا، إلى وقت فردان