الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر أخبار آل داود
. . .
وأمّا أخبار آل داود وملوكهم، فإنّ الملك الثالث بعد سليمان عليه السلام، (165) وهو آشا بن آشاش بن رحبعم بن سليمان بن داود كان رجلا صالحا، وكان أعرج من عرق الانسا. وإنّ أحربا بن يورام، وهو السادس بعد سليمان، قتل واستولت أمّه عثليا على الملك، وقتلت الداودين بأسرهم، ما عاد ابن ابنها يواش بن احربا-فإنها أهملته أو سهت عنه، وكان له من العمر سنة واحدة. فضمّه إليه يهربدع الهارونيّ وأخفى أمره، وربّاه حتّى صار له من العمر ثمان سنين. فبايعه الرؤساء والأجلاّء.
وقلت عثليا في دهليز البيت المقدّس.
ثمّ ملك أمصبا بن يواش، وكان ضعيفا. ثم ملك ميشا بن حزقيا، وهو الرابع عشر بعد سليمان، فإنّ ملك بابل أسره وحبسه في تمثال
نحاس، وأمر أن يوقد عليه، فتاب من عصيانه فأعانه الله وخلّصه ونجّاه.
وأمّا يوشا-وهو السادس عشر بعد سليمان-فإنّه كان أصلح الجماعة. وهو الذي أجار فتيان أهل مصر، فسباه ملك مصر، فمات هناك.
وأمّا يهوياخي بن يهوياقيم، فإنّ بختنصّر أجلاه-قبل خرابه البيت المقدّس-إلى بابل. ثمّ رفع شأنه في بابل بعد ذلك وأقطعه حظّه نهر الملك.
وأمّا صدقيا-وهو آخرهم-فإنّ بختنصّر استخلفه بعد أن استحلفه على الطاعة وأداء الخراج إليه، فأقام على ذلك برهة ثمّ مرق من الطاعة.
وكان ذلك سببا لأن قصدها بختنصّر واستأسره بعد أن أخرب بيت المقدّس، فلم يدع فيه حجرا على حجر. ثمّ أكحله، ومات في أسره، وصار ملك أورشليم لبختنصّر.
وقال القضاعيّ: لم يزل الملك في آل داود إلى صاحب شعيا. فقال ابن إسحاق: اسمه صديقه. وقال غيره: اسمه حزقيا. وإنّ شعيا نبيّ بعثه الله تعالى إلى صديقه ليبشّر بعيسى ومحمّد، صلّى الله عليهما. وإنّ سنحاريب، ملك بابل، قد سار يريد قتال صديقه. فكفاه الله أمره، وأوحى
إلى شعيا: قد أخّرت أمر صديقه خمس عشر سنة. وأمّا قول ابن اسحاق، فذكر أنّ بني إسرائيل ملّوا شعيا بعد موت صديقة، (166) فأرسل الله عليهم عدوّهم، فأفناهم وشرّدهم. قال ابن اسحاق: نشروه بالمنشار.
ولمّا عظمت أحداث بني إسرائيل وأكثروا من البدع ورغبوا عن البيت المقدّس، وصار عودهم سيحد ضران، فغزاهم بختنصّر، فتابوا إلى الله تعالى، فردّه عنهم أوّلا، ثمّ نكثوا وعادوا إلى ما كانوا عليه، وأكثروا من الأحداث. فأرسل الله إليهم أرميا، فأخبرهم بغضب الله عليهم، فضربوه وقيّدوه. فبعث الله إليهم بختنصّر، فقتل منهم وصلب وحرق وسبا الدراري وأخرب بيت المقدّس وحرثه، وأخرج أرميا إلى مصر، فأقام بها. ثمّ أمره الله تعالى بالعود إلى الشام، فسار حتّى أشرف على بيت المقدّس. فقال:
إنّا نحيي هذه المدينة بعد موتها. فأماته الله مائة عام، ثمّ بعثه بعد أن عمر بيت المقدّس.
قال ابن إسحاق: إنّ أرميا هو الخضر. وقال قتادة: الذي مرّ على قرية وهي خاوية على عروشها هو العزيز. وقال قوم: إنّ بختنصّر كان بعد قتل يحيى بن زكريّا، وأنّه وجد دمه يغلي على الأرض، فقتل عليه سبعين ألف فسكن الدم.
قلت: وفساد هذا القول ظاهر. وقد كان في جملة السّبي الذي حمله بختنصّر إلى العراق: دانيال والعزيز، عليهما السلام. وإن بختنصّر رءا رؤيا هالته، فعبّرها له دانيال.
واتّفقوا على مدّة إقامة السّبي ببابل، فكان سبعين سنة، إلى أن ملك كورش الفارسيّ، واسمه في اللغة الفارسيّة: بهمن. فأذن لهم في العودة إلى أورشليم، وفي بناء بيت المقدّس. إلاّ أنّ الملك <كان> قد زال عنهم. وكانت المدّة منذ عود بني إسرائيل إلى أورشليم وإلى أوّل التاريخ اليونانيّ-الذي أوّله ظهور الإسكندر-أمّا على رأي اليونان فمائة وسبعون سنة، وأمّا على الرأي العبريّ فمائة وخمس وثمانون سنة.
ولمّا رجع بنو إسرائيل إلى أورشليم، أقام العزيز التوراة بعد دروسها، وإنّ بختنصّر كان أحرقها، فأملاها العزيز من حفظه. وقيل: إنّه كان (167) من زعمائهم، ولم يكن نبيّا.
قال العتبيّ: كان قد أكثر من المناجاة في القدر، فمحي اسمه من ديوان الأنبياء. وكان ذلك سببا لقول اليهود فيه: إنّه ابن الله-تعالى <الله> عمّا يقول المشركون. وزعم بعض اليهود أنّ عزره وهو العزيز، وأنّه دبّر بني إسرائيل هو وثلاثة نفر معه أربعين سنة، وأنّ من ولادة داود إلى موت العزيز: خمس مائة سنة وأربع وستّون سنة.
فكان عدّة ملوك آل داود من رحبعم بن سليمان إلى صاحب شعيا- وهو صديقة-عشرون ملك. والمتّفق عليه في مدّة ملكهم أربع مائة سنة