الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ} و {الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ} وما ذبح لغيري {وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاّ بِالْحَقِّ} .
ثمّ وجّه نوح التابوت الذي لآدم، عليه السلام، إلى مكانه بغار أبي قبيس. ثمّ قسّم الأرض بين بنيه. فقال لحام ويافث، إنّه أعطى لولده سام خير الأرض وأعلاه عليّا، فتعادوا منذ ذاك، وتحاربوا، وقتل بعضهم بعضا.
ذكر أولاد نوح، عليه السلام، وهم سام وحام ويافث
وما ولد كلّ إنسان منهم من الأمم
ونبتدئ بذكر حام وبعده يافث وبعده سام، ليكون متّصلا بالعرب والأنبياء، صلوات الله عليهم أجمعين.
فأمّا حام، فيقول أهل الأثر: إنّ نوحا، عليه السلام، دعا عليه بتشويه الولد وسواده، وأن يكونوا عبيدا لولد سام.
ففرقة من أهل العلم يدّعون أنّ سبب الدعوة كشف سوءة نوح، عليه السلام فغطّاها وسترها سام، وضحك وسخر منها حام. قلت: وهذا كلام ضعيف جدّا.
وأمّا المستحسن في هذه الحالة، ما رواه عبد الملك بن هشام في كتاب التّيجان، المختصّ بملوك التبابعة من حمير بن كهلان، وذلك أن السفينة، لمّا كان أوان الحجّ، قذفتها الرياح إلى أرض تهامة. وأوحى الله إلى نوح: إنّكم بالحجّ، فاعتزلوا النساء. فجعل النساء بمعزل والرجال
بمعزل، وجعل بينهم حاجزا من تراب. فلمّا كان الليل تخطّا حام ذلك التراب ووقع على أهله. فلمّا كان الغد رأى نوح الأثر، فقال: سوّد الله نطفة من فعله، ولم يعلم أنّه ولده، فأدركته الدعوة، فولدت زوجة حام غلاما أسودا فسمّي كوشا. فهو أوّل أسود كان بالدنيا. وربّما أنّ هذا الكلام يقع في النفس، (57) بخلاف غيره، والله أعلم.
ثمّ إنّ حام أراد قتل زوجته، لمّا رآه أسودا، فمنعه سام ويافث، وذكّراه بدعوة أبيه، فكفّ عن ذلك.
وقال آخرون: إنّ أوّل مولود ولد لحام هو كنعان. وقيل: إنّ بنوا نوح تحاملوا على بعضهم البعض بسبب قسمة الأرض، وتفرّقوا، ووقعت العداوة بينهم من ذلك العهد.
وكان آخر أمر حام أنّه هرب إلى ناحية مصر، وتفرّق بنوه، ومضى على وجهه يؤمّ المغرب حتّى انتهى إلى الغرب الأقصى، إلى موضع يعرف اليوم أصيلا، وهو آخر مرسى المراكب من بحر الأندلس إلى ناحية القبلة، وليس بعده للمراكب مذهب.
ويقال: إنّ بنوه اغتمّوا لمفارقته، وندموا على تركه، فخرجوا في أثره يطلبونه في النواحي التي أمّها.
ويقال: إنّ طائفة منهم وقعوا عليه وصاروا عنده إلى أن مات، وقطنوا بعده تلك الديار، وتناسلوا فيها، وهم أصناف السودان. وكلّ طائفة من