الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال النّعمان: والله إنّكما لشريفان. ثمّ أمر لهما بجميع ما في بيت ماله، واعتذر لهما بالتقصير.
وذكر أنّه كان في بعض البادية راكبا جواده وقد انقطع عن قومه.
فخرج عليه فارسا من متحرّمة العرب، فتطاردا، (291) وطال بينهما المجال، فانكسر عود الفارس المنازع لحاتم واستظهر عليه حاتم. فبسط الفارس إليه بيده، وقال: هبني عودك. فأعطاه العود. فما هو إلاّ أن صار في يده، فصمّم على حاتم وشدّ عليه فلم يكن له منه غير الفرار، وكان جواد حاتم سابقا، فلم يدركه حتّى لحق بقومه. فقصّ عليهم ذلك، فلاموه على إعطائه عوده. فقال: ما كنت بالّذي امتنع من بسط يده لسؤالي. قيل:
فكان في ذلك تلاف نفسك فقال: قد كفيت ووفيت.
ذكر عنترة العبسيّ من وجه آخر
قال ابن الأعرابيّ: هو من فحول شعراء الجاهليّة المشهورة، ومن عظماء شجعانها المعدودة.
قال أبو عمرو: روي أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم، قال:«ما وصف إليّ عربيّ قطّ فأحببت أن أراه إلاّ عنترة» .
وقال إلهيثم بن عديّ: قيل لعنترة: أنت أشجع العرب وأشدّها، فبم نلت ذلك؟ قال: كنت أقدم إذا رأيت الإقدام غنما، وأحجم إذا رأيت الإحجام حزما، ولا أدخل موضعا إلاّ أرى لي منه مخرجا.
ومن مليح شعره القصيدة المشهورة التي أوّلها يقول (من الكامل):
يا دار عبلة بالجواء تكلّمي
…
عمي صباحا دار عبلة واسلمي
وهي من السّبع معلّقات، إلى أن يأتي فيها إلى قوله:
أثني عليه بما علمت فإنّني
…
سهل مخالقتي إذا لم أظلم
فإذا ظلمت فإنّ ظلمي باسل
…
مرّ مذاقته كطعم العلقم
وإذا سكرت فإنّني مستهلك
…
مالي وعرضي وافر لم يكلم
وإذا صحوت فما أقصّر عن ندا
…
وكما عرفت شمائلي وتكرّمي
هلاّ سألت الخيل يابنة مالك
…
إن كنت جاهلة بما لم تعلمي
(292)
يخبرك من شهد الوقائع أنّني
…
اغشى الوغى وأعفّ عند المغنم
ومن مليح شعره قوله أيضا (من الكامل):
بكرت تخوّفني الحتوف كأنّني
…
أصبحت عن غرض الحتوف بمعزل
فأجبتها: إنّ المنيّة منهل
…
لا بدّ أن أسقى بذاك المنهل
إنّ المنيّة لو تمثّل مثّلت
…
مثلي إذا نزلوا بضيق المنزل