الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حزن عليه كلّ شيء في الجنّة إلاّ الذهب والفضّة، فأوحى الله عز وجل إليهما: جاوركما عبد من عبادي، فحزن عليه كلّ شيء إلاّ أنتما. فقالا:
إلهنا، ما كنّا لنحزن على من عصاك. فقال الله:«وعزّتي وجلالي، لأعزّنّكما في الدنيا، فلا ينال شيئا إلاّ بكما» .
وقال الجوهريّ: الدينار أصله دنّار-بالتشديد، فأبدل من أحد حرفيه بضعفه ياء، لئلا يلتبس بالمصادر التي تجيء على وزن فعّال، كقوله تعالى:{وَكَذَّبُوا بِآياتِنا كِذّاباً} .
قال: وأمّا الدرهم ففارسيّ معرّب، وكسر الفاء فيه لغة، وبرعا قالوه بالألف: درهام. قال: وجمع الدرهم: دراهم، وجمع الدرهام: دراهيم.
فصل
فيما تجدّد لآدم بعد هبوطه من الجوار
حكى سعيد بن جبير، رحمه الله ورضي عنه، عن ابن عبّاس، رضي الله عنه، قال: لما أهبط آدم إلى الدنيا لم <يكن> فيها سوى حوت ونسر، فكان النسر يطير نهارا ثمّ يأوي في الليل إلى جانب البحر، يستأنس بالحوت. فرأى النسر آدم (40) فاستغربه، فلمّا أوى إلى الحوت، قال له:
قد نزل إلى الأرض حيوانا يمشي على قدميه ويبطش بيديه. فقال الحوت:
إن كنت صادقا، فما لي في البحر منه مهرب، ولا لك في البرّ منه مذهب.
وحكى الطبريّ، رحمه الله، في تاريخه، قال: جاع آدم، فاستطعم ربّه، فأتاه جبريل بسبع حبّات حنطة، فوضعها في يده، فقال: ما أصنع بها؟ فقال: أضعها في الأرض، فوضعها، فأنبتها تعالى من ساعته، ثمّ أمره فحصدها وفركها بيده، ثمّ ذرّاها وأتاه بحجرين فطحن، وأتاه جبريل بنار وخبزه ملّة، وآدم أوّل من خبز الملّة.
وروى سفيان بن عيينة بإسناده إلى ابن عبّاس، رضي الله عنه، قال:
لمّا أنزل الله تعالى آدم الأرض جاع، فقال: يا ربّ، أطعمني. فأوحى الله إليه: لا تنال دون أن تعمل عملا يعرق منه جبينك. فخبز خبز الملّة.
وقال أبو صالح عن ابن عبّاس، قال: لمّا رأى الله تعالى عري آدم وحوّاء أمره أن يذبح كبشا من الضأن، من الأزواج الثمانية، فذبحه، ثمّ أخذ صوفه، فغزلته حوّاء ونسجه آدم، فعمل منه جبّة لنفسه ودرعا وخمارا لحوّاء؛ وهو أوّل من حاك في الأرض وخاط. ثمّ أنزل الله عليه الكلبتين والمطرقة، فكان يكسر الأشجار بالمطرقة، وعمل التّنّور الذي ورثه نوح وفار الماء منه كما نذكر من خبره في قصّة نوح، عليه السلام، إن شاء الله تعالى.
وقال مجاهد: أتاه جبرائيل بالجلم فجزّ الشاة، وغزلت حوّاء صوفها، وحاكه آدم عباتين فلبساهما. ثمّ جاء جبرائيل بثورين فعمدهما، ثمّ زرع عليهما، ثمّ حصد ودرس، ثمّ ذرّى، ثمّ صفّى، ثمّ طحن وعجن، ثمّ خبز وأكل.
وقال سعيد بن جبير: (41) ثمّ جاءه جبرائيل بثور أحمر، فكان يحرث عليه ويمسح العرق عن جبينه ويقول لحوّاء: أنت عملت بي هذا.
قال سعيد: فليس أحد من ولد آدم يعمل على ثور إلاّ ويقول: حو، حو.
قال: فحينئذ قال آدم: هذا ما وعدني ربّي من قوله: {فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى} .
قال قتادة: جاءه جبرائيل بنار، فأخذها بيده فاحترقت يده، فقال: يا جبرائيل، احترقت يدي ولم تحترق يدك! فقال: لأنّ يدك خاطئة. قال:
وجبرائيل جاءه بالمقدحة وغيرها.
وروى مجاهد، قال: عن ابن عبّاس، لمّا هبط آدم إلى الأرض على جبل سرنديب فقد كلام الملائكة وتسبيح أهل السموات ونظر إلى الأرض وسعتها واستوحش، فقال: يا ربّ، املأ هذه الأرض من يسبّحك ويقدسّك. فأوحى الله تعالى إليه: قد استجبت دعاءك، وسأفعل ذلك.
ومن الحوادث <بكاؤه. حدّثنا عبد الرحمن بن أبي حامد الحربيّ