الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نقص. وقد نصّ ابن عبّاس على هذا <التفضيل>، فقال: علّمه الأسماء، أسماء الخلق والقرى والمدن والجبال، وأسماء الطيور والأشجار وما (26) كان ويكون وكلّ نسمة الله خالقها إلى يوم القيامة.
وقال الطبريّ في تاريخه: علّمه كلّ شيء، حتّى الفسوة والضّرطة، وقد أخذ ابن الجوزيّ، رحمه الله، في هذه اللفظة على الطبريّ، وقال: أما كان في مخلوقات الله ما يعبّر عنه بعبارة تليق بالله، إلاّ هذه العبارة؟!
وقال السدّيّ: لمّا قال الله: {إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} قال الملائكة فيما بينهم: ليخلق ربّنا ما شاء، فلن يخلق خلقا أفضل ولا أكرم عليه منّا، وإن كان خيرا منّا فنحن أعلم منه، لأنّا خلقنا قبله ورأينا ما لم يره. فلمّا أعجبوا بعلمهم وعباداتهم، فضّل عليهم آدم بالعلم، فعلّمه الأسماء كلّها، وهذا قول الحسن وقتادة وعامّة العلماء.
وقال أبو القاسم الورّاق، رحمه الله: علّمه ألف حرفة، ثمّ قال له:
قل لأولادك إن لم يصبروا فليطلبوا الدنيا بهذه الحرف، ولا يطلبوها بالدين، وويل لمن طلب الدنيا بالدين.
فصل
في سجود الملائكة، عليهم السلام
ثمّ أمرهم الله تعالى بالسجود لآدم، لقوله تعالى:{وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اُسْجُدُوا لِآدَمَ} الآية. وقال ابن عبّاس: لمّا اعترفوا بالعجز، أمر الله آدم أن
يخبرهم بالأسماء. فلمّا أخبرهم، قال:{أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ} يا ملائكتي {إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماااتِ وَالْأَرْضِ} أي ما كان فيها وما يكون {وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ} من الطاعة والخضوع لآدم {وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} في أنفسكم له من العداوة.
وقال ابن عبّاس أيضا: المراد به إبليس، فإنّه كان إذا مرّ على جسد آدم وهو ملقى بين مكّة والطائف، يقول لمن معه من الملائكة:(27) أرأيتم إن فضّل عليكم هذا ماذا تصنعون؟ فيقولون: نطيع أمر ربّنا. فيقول في نفسه: إلاّ أنا؛ والله لإن سلّطت عليه لأهلكنّه، ولإن سلّط عليّ لأعصينّه.
وقال الحسن وقتادة رحمهما الله: {ما تُبْدُونَ} من قولكم {أَتَجْعَلُ فِيها} {وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} من قولهم: أن تخلق خلقا أفضل منّا.
واختلفوا في السجود لآدم على أقوال: أحدها: أنّه سجود تعظيم وتحيّة، لا سجود صلاة وعبادة، كقوله في قصّة يوسف، عليه السلام {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً} وكان ذلك تحيّة الناس وتعظيم بعضهم بعضا. ولم يكن وضع الوجه على الأرض، وإنّما كان انحناء وإيماء ووضع اليد على الصدر. وأصل السجود الانحناء والميل، يقال: سجدت النّخلة إذا مالت.
فلمّا جاء الإسلام أبطل ما كانوا يصنعونه وعوّضهم بالسلام. ولمّا رجع معاذ بن جبل من اليمن سجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتغيّر وجهه وقال: «ما هذا