الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رفيع العماد طويل النّجا
…
د ساد عشيرته أمردا
يحمل للقوم ما عالهم
…
وإن كان أصغرهم مولدا
ومن مليح شعرها (من المتقارب):
تعرّفني الدّهر نهشا ووخزا
…
وأوجعني الدّهر قرعا وغمزا
وأفنى رجالي فبادوا معا
…
وغودر قلبي بهم مستفزّا
(302)
وكنّا قديما حمى نتّقى
…
إذا النّاس إذ ذاك من عزّ بزّا
وخيل تكردس بالدّارعين
…
وتحت العجاجة يجمزن جمزا
جززنا نواصي فرسانهم
…
وكانوا يظنّون أن لن تجزّا
ونلبس في الحرب نسج الحديد
…
ونسحب في السّلم خزّا وبزّا
ومن ظنّ ممّن يلاقي الحروب
…
بأن لا يصاب فقد ظنّ عجزا
ذكر بقيّة ما أثبتناه من خبرها عند ذكر النّابغة، إن شاء الله.
ذكر ذو الإصبع العدوانيّ، جاهليّ
هو حرثان بن الحارث بن محرّث بن ثعلبة، بنسب متّصل إلى عدوان
ابن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار، وقبيلته عدوان بطن من جديلة. وهو شجاع من شجعان الجاهليّة وشاعر من شعرائها القدماء، وله حروب ووقائع وغارات كثيرة مشهورة في أيّام وقائع العرب.
وروى الأصمعيّ قال: نزلوا عدوان قديما على ماء فأحصوا سبعين ألف غلام أعزل سوى من كان مختونا لكثرة عددهم، ثمّ وقع بأسهم بينهم حتّى تفانوا، فقال ذو الإصبع في ذلك (من الهزج):
عذير الحيّ من عدوا
…
ن كانوا حيّة الأرض
بغى بعضهم بعضا
…
فلم يبقوا على بعض
فقد صاروا أحاديثا
…
برفع القول والخفض
ومنهم كانت السّادا
…
ت والموفون بالقرض
ومنهم من يجيز النّا
…
س بالسّنّة والفرض
ومنهم حكم يقضي
…
فلا ينقض ما يقضي
(303)
قوله: فمنهم حكم يقضي، فإنّه عنى: عامر بن الظّرب العدوانيّ وكان حكما للعرب تحتكم إليه.
قال أبو عمرو: وكان سبب تفرّق عدوان وقتال بعضهم بعضا حتّى تفانوا، أنّ بني ناج بن يشكر بن عدوان أغاروا على بني عوف بن سعد بن ظرب بن عمرو بن عباد بن يشكر بن عدوان، ونذرت بهم بني عوف فاقتتلوا، فقتلت بنو ناج من بني عوف ثمانية نفر فيهم عمير بن مالك، سيّد بني عوف، وقتلت بنو عوف من بني ناج رجلا يقال له: سنان بن جابر، وتفرّقوا على حرب. وكان الذي أصابوه من بني وائلة بن عمرو بن عباد، وكان سيّدا، فاصطلح القوم على الدّيات بينهم واجتمع على ذلك سائر الناس، وأبى مرّ بن جابر أن يقبل في أخيه سنان بن جابر دية، واعتزل هو وبنو أبيه ومن أطاعهم ومالأهم، وبايعه على ذلك كرب بن جبلة، أحد بني عبس بن ناج، فمشى إليه الناس-وفيهم ذي الإصبع-وسألوه قبول الدّية، وقال: قد قتل منّا ثمانية نفر، وفيهم سيّد وشريف: عمير بن مالك، فقبلنا الدّية وأخمدنا جمرها، وقتل منكم رجل واحد، فأقبلوا ديته. فأبا مرّ بن جابر. وأقاموا على الحرب، فكان ذلك مبدأ حربهم حتّى تفانوا وتقطّعوا.
فقال ذو الإصبع في ذلك (من الطويل):
فيا بؤس للأيّام والدّهر هالك
…
وصرف اللّيالي يختلفن كذلك
أبعد بني ناج وسعيك فيهم
…
فلا تتبعن عينيك من كان هالكا
إذا قلت معروفا لأصلح بينهم
…
يقول مرير لا تحاول ذلك
فأضحوا كظهر العود جبّ سنامه
…
تحوم عليه الطّير أحدب باركا
فإن تك عدوان بن عوف تفرّقت
…
فقد غيّبت دهرا ملوكا هنالكا
(304)
وهي قصيدة طويلة وقد لخّصتها للاختصار.
قال أبو عمرو الشّيبانيّ: وفي مرّ بن جابر يقول ذو الإصبع من قصيدة طويلة أوّلها (من البسيط):
يا من لقلب شديد الهمّ محزون
…
أمسى تذكّر ريّا أمّ هرون
أمسى تذكّرها من بعد ما شحطت
…
والدّهر ذو علطة حينا وذو لين
ومنها يقول:
لي ابن عّم على ما كان <من> خلق
…
مخالف لي فأقليه ويقليني
فإن ترد عرض الدّنيا بمنقصتي
…
فإنّ ذلك ممّا ليس يشجيني
ولا يرى فيّ غبر الصّبر منقصة
…
وما سواه فإنّ الله يكفيني
لولا أباصر قربى ليس يحفظها
…
ورهبة الله ممّن لا يعاديني
إذا بريتك بريا لا انجبار له
…
إنّي رأيتك لا تنفكّ تبريني
إنّ الّذي يقبض الدّنيا ويبسطها
…
إن كان أغناك عنّي سوف يغنيني
ومنها يقول:
كلّ امرئ صائر يوما لشيمته
…
وإن تخلّق أخلاقا إلى حين
قال أبو عمرو: ومن قوله لأمامة ابنته، وقد رأته لمّا أسنّ نهظ فسقط وتوكّأ على العصا، فبكت، فقال (من الكامل):
جزعت أمامة أن مشيت على العصا
…
وتذكّرت إذ نحن بلا لقيان
فلقلّ ما رام الإله بكيده
…
إرما وهذا الحيّ من عدوان
بعد الكرامة والفضيلة والنّهى
…
طاف الزّمان عليهم بأوان