الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وركبت معه الساحرة معمن اختاره من خواصّه. ولمّا توسّط النيل هاج عليه البحر بالرياح، فاقلبه ذلك الزورق فغرق هو ومن معه، وأصبح الناس شاكّين في أمره، لا يعلمون ما نزل به، إلى أن وجدت جثّته طافية، وعرف بخاتمه وبجوهر كان متقلّدا به، فحمل إلى ناؤوسه في غربيّ النيل، وقدّم الوزير ولده مقاريوس.
<
ذكر مقاريوس
>
وجلس مقاريوس على سرير الملك وهو صبيّا، وبايع له الجيش على كره منهم، ثمّ أوعدهم الخير فرضوا به. ويسميّه أهل الأثر: معدان. وهو خامس الفراعنة بمصر. وكان في زمانه طوفان أضرّ ببعض البلاد فكرهه بعض الناس واستاشموا به.
وكبر بنو يوسف، عليه السلام، وعابوا الأصنام وباينوها. وهلك أيضا وزير أبوه فاستوزر كاهنا يقال له: املاده. فلمّا رأى فعل الإسرائيليّين أنكره، وأشار أن يفردوا بناحية من البلد ولا يختلطوا مع القبطيّين. فقطعوا لهم موضعا في قبليّ منف، اجتمعوا إليه وعملوا لأنفسهم متعبّدا. (137) وكانوا يتلون صحف إبراهيم، عليه السلام. وإنّ رجلا من القبط رأى امرأة
من الإسرائيليّين فهويها وطلبها من قومها ليزوّجوه بها، فأبوا ذلك. فعظم على القبط ذلك واجتمعوا إلى الوزير وقالوا: إنّ هؤلاء الإسرائيليّين يعيبونا ولا يرضونا. فقال الوزير: قد علمتم ما كان من إكرام طوطيس الوزير لهم من قبلي ونهراوش الملك، ووقفتم على بركة يوسف، عليه السلام، حتّى جعلتم قبره وسط النيل، فأخصب جانباه. فلا تخوضوا في شيء ممّا يكرهون.
وكان ملوك الكنعانيّين على الشام، وامتنع أهلها أن يؤدّوا ما كان مقرّر عليهم. فأنكر أهل مصر ذلك، وشكوا للوزير، فعرف الملك، فقال:
إن تجاوزوا حدود أرضنا غزوناهم، وإنّما نحن في غناء عمّا في أيديهم.
وكان هذا الملك كثير التعبّد في الهيكل مواضبا على العبادة. وتقول القبط: إنّه كان-فيما يزعمون-ذات يوم قائما في هيكل زحل، وكان قد أجهد نفسه في التعبّد له، فغشّاه نور، وتراا له رجل وخاطبه وقال له: قد جعلتك ربّا على أهل بلدك، وحبوتك بالقدرة عليهم. فعظم عند نفسه.
قلت: وهذا جميعه كان من فعل الشيطان بهم، إن صحّ ذلك عنهم، لما يريده الله تعالى من شقائهم. فنعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
فأمر الناس أن يسمّونه ربّا، ولم يرجع ينظر في شيء من أمر الملك، وجعل أمر الملك لولده اقسامين.