المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر السد الذي سده ذو القرنين على يأجوج ومأجوج - كنز الدرر وجامع الغرر - جـ ٢

[ابن الدواداري]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة المصنف]

- ‌ذكر انقضاء مدّة العالم وابتدائهواختلاف العلماء في ذلك

- ‌ذكر ما لخّص من مقامة لابن الجوزيّ، رحمه اللهوهي الباينة مما يتعلّق بذكر آدم، عليه السلام

- ‌نستفتح الكلام بذكر آدم، عليه السلام

- ‌فصلفي إعلام الله تعالى الملائكة بخلقه

- ‌فصلفي الخليفة

- ‌فصلقوله تعالى: {أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها} الآية

- ‌فصلفي قوله تعالى: {إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ}

- ‌ذكر خلق آدم، عليه السلام

- ‌فصلفي تعليمه الأسماء كلّها

- ‌فصلفي سجود الملائكة، عليهم السلام

- ‌(28) فصلفي قوله تعالى: {إِلاّ إِبْلِيسَ أَبى وَاِسْتَكْبَرَ}

- ‌فصل ذكر خلق حوّاء، عليها السلام

- ‌فصل(31)في مقام آدم في الجنّة

- ‌فصل: ذكر الشجرة المنهيّ عنها

- ‌فصل في احتيال إبليس على دخول الجنّة

- ‌فصلقوله تعالى: {وَقُلْنَا اِهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} الآية

- ‌فصلفي ذكر المكان الذي أهبطوا إليه

- ‌فصلفيما تجدّد لآدم بعد هبوطه من الجوار

- ‌(42) فصلفيما نزل مع آدم من الجنّة

- ‌ذكر قابيل بن آدم وما كان من أمره بعد أن قتل أخاه هابيل

- ‌ذكر شيث بن آدم، صلوات الله عليهما،وعدد الكتب والصحف التي أنزلت عليه

- ‌ذكر أنوش بن شيث بن آدم، عليه السلام

- ‌ذكر قينان بن أنوش بن شيث بن آدم، عليه السلام

- ‌ذكر برد بن قينان بن أنوش بن آدم، عليه السلام

- ‌ذكر أخنوخ، وهو إدريس النبيّ، صلوات الله عليه وسلم

- ‌ذكر متوشلح بن إدريس، عليه السلام

- ‌ذكر لامك، أبو نوح، عليه السلام

- ‌ذكر نوح، عليه السلام، وقصّته مع قومه

- ‌ذكر أولاد نوح، عليه السلام، وهم سام وحام ويافثوما ولد كلّ إنسان منهم من الأمم

- ‌ذكر كنعان بن حام وأولاده وشعوبه والفراعنة منهم

- ‌ذكر ملوك مصر من ولد حام

- ‌ذكر أولاد يافث بن نوح، عليه السلام،وقبائلهم وشعوبهم وأخبارهم

- ‌ذكر يأجوج ومأجوج

- ‌ذكر السدّ الذي سدّه ذو القرنين على يأجوج ومأجوج

- ‌ذكر الصقالبة

- ‌ذكر اليونانيّون الأوّلون من ولد يافث بن نوح عليه السلام

- ‌ذكر مملكة الروم

- ‌ذكر ملوك الصّين من ولد يافث

- ‌ذكر الإفرنج

- ‌ذكر مملكة الأندلس

- ‌ذكر مملكة الترك

- ‌ذكر مملكة خراسان

- ‌ذكر أولاد سام بن نوح، عليه السلام

- ‌ذكر تفرّق الطوائف من الناس بعد الطوفان

- ‌ذكر عاد

- ‌ذكر الكهّان القديمة بمصر من قبل الطوفان

- ‌ذكر قومة الكاهنة وما صنعت من العجائب في وقتها

- ‌(77) ذكر الأهرام وأوّل بنائها والسبب في ذلكوما فيها من العجائب

- ‌ذكر ملوك من ولد سوريد واتّصال بعضهم ببعض إلى آخر وقت

- ‌ذكر الكهّان من بعد الطوفان إلى حين خراب مصر

- ‌(91) ذكر ملوك مصر بعد الطوفان من وجه آخر

- ‌ذكر الوليد بن دومغ، أوّل الفراعنة بمصر

- ‌أخبار الوليد بن دومغ

- ‌ذكر نهراوس

- ‌ذكر دريوش

- ‌ذكر مقاريوس

- ‌ذكر اقسامين

- ‌ذكر ظلما بن فرمس

- ‌ولنبتدئ بذكر بقيّة الأنبياء، صلوات الله عليهم،بعد نوح عليه السلام

- ‌ذكر هود، عليه السلام

- ‌ذكر صالح، عليه السلام

- ‌ذكر إبراهيم الخليل، صلوات الله عليه

- ‌ذكر لوط، عليه السلام

- ‌ذكر إسماعيل، عليه السلام

- ‌ذكر يعقوب، عليه السلام

- ‌ذكر يوسف، عليه السلام

- ‌ذكر أيّوب، عليه السلام

- ‌ذكر شعيب، عليه السلام

- ‌ذكر الخضر، عليه السلام

- ‌ذكر موسى وهارون، عليهما السلام

- ‌ذكر أشمويل، عليه السلام، وداود، عليه السلام

- ‌ذكر سليمان بن داود، عليه السلام

- ‌ذكر رحبعم

- ‌ذكر أخبار آل داود

- ‌ذكر يونس بن متّا، عليه السلام

- ‌ذكر زكريّا، عليه السلام

- ‌ذكر عيسى ابن مريم، صلوات الله عليه

- ‌ذكر أهل القرية

- ‌ذكر ذو الكفل

- ‌ذكر لقمان الحكيم

- ‌ذكر أصحاب الأخدود

- ‌ذكر أصحاب الكهف

- ‌ذكر سائر ملوك الأرض وأسمائهمومدد تملّكهم إلى آخر وقت

- ‌ذكر الطّبقة الأولى لملوك الفرس

- ‌(177) ذكر الطبقة الثانية من ملوك الفرس وهم الكيسانيّة

- ‌ملحق من الأصل

- ‌ذكر الطبقة الثالثة من ملوك الفرس

- ‌ذكر ملوك الطبقة الرابعة من الفرس وهم الساسانيّة

- ‌ذكر نبذ من أخبارهم

- ‌ذكر الخبر الأوّل عن بهرام جور

- ‌ذكر الخبر الثاني عن بهرام جور

- ‌ذكر شابور ذي الأكتاف

- ‌ذكر ملوك البطالسة، وهم اليونانيّون

- ‌ذكر ملوك رومية، وهم المعروفون بالقياصرة

- ‌ذكر ملوك القسطنطينيّة بحكم الاختلاف

- ‌ذكر من ملك مصر من ملوك بعدما غرّق الله تعالى فرعون

- ‌ذكر بخت نصّر وسنة دخوله مصر وسبي بني إسرائيل

- ‌ذكر سبب انكشاف فارس عن الروم

- ‌ذكر ملوك العرب وأصولها وفروعها وبطونها

- ‌ذكر ملوك اللّخميّين وهم ملوك الحيرة، عرب العراق

- ‌ذكر ملوك العرب من آل جفنة

- ‌(233) ذكر التّبابعة من حمير ملوك اليمن

- ‌ذكر ملوك كندة بحكم التلخيص

- ‌ذكر وقائع العرب وحروبها في أيّامها المشهورة

- ‌ذكر كليب ومهلهل ابنا ربيعة،وهو حرب البسوس المذكور

- ‌(253) ذكر حرب عبس وبنو عامر والسبب فيه

- ‌هذا ذكر حرب داحس والغبراء المشهورة من أيّام حروب العرب

- ‌ذكر حاتم الطّائي ونبذ من أخباره

- ‌ذكر أيضا حاتم من وجه آخر

- ‌ذكر عنترة العبسيّ من وجه آخر

- ‌ذكر عروة بن الورد العبسيّ، جاهليّ

- ‌ذكر دريد بن الصّمّة والخنساء بنت عمر بن الشّريد السّلميّ

- ‌ذكر ذو الإصبع العدوانيّ، جاهليّ

- ‌(305) ذكر تأبّط شرّا وطرفا من خبره

- ‌ذكر الفحول من شعراء الجاهليّة ولمعا من شعرهم

- ‌ذكر امرئ القيس بن حجر

- ‌ذكر النّابغة الذّبيانيّ ولمعا من أخباره وأشعاره

- ‌ذكر زهير بن أبي سلمى وطرفا من شعره

- ‌ذكر طرفة بن العبد، جاهليّ

- ‌ذكر علقمة بن عبدة الفحل، جاهليّ

- ‌ذكر المتلمّس وبعض أخباره وطرف من أشعاره، جاهليّ

- ‌ذكر الأعشى، جاهليّ

- ‌ذكر عبيد بن الأبرص، جاهليّ

- ‌ذكر لبيد بن ربيعة وطرف من أخباره

- ‌ذكر عمرو بن كلثوم، جاهليّ

- ‌(336) ذكر المرقّشان: الأكبر والأصغر، جاهليّين

- ‌ذكر الأسود بن يعفر الدّارميّ، جاهليّ

- ‌ذكر عمرو بن قميئة

- ‌ذكر أبو دؤاد الإياديّ، جاهليّ

- ‌ذكر عديّ بن زيد

- ‌ذكر الأفوه الأوديّ، جاهليّ

- ‌(343) ذكر أبو كبير الهذليّ، جاهليّ

- ‌ذكر من تلا هؤلاء من المبشّرين بظهور سيّد المرسلين

- ‌ذكر زيد بن عمرو بن نفيل، جاهليّ، وفيه حديث

- ‌ذكر مدرج الرّيح، عامر المجنون الجرميّ

- ‌ذكر سعية بن غريض

- ‌ذكر أبو الصّلت، جاهليّ

- ‌ذكر ورقة بن نوفل، جاهليّ، وفيه حديث

- ‌ذكر ما الخّص من كهّان العرب في الجاهليّة

- ‌ذكر عدد الأنبياء والمرسلين والكتب المنزلة عليهم،صلوات الله عليهم أجمعين

- ‌ذكر التواريخ من لدن، آدم عليه السلام، إلى آخر وقت

- ‌ملحق

- ‌سرد المصادر والمراجع

الفصل: ‌ذكر السد الذي سده ذو القرنين على يأجوج ومأجوج

التاريخ: أنّ أولاد يافث سبعة وثلاثون بطنا، لكلّ واحد منهم لغة يتكلم بها هو ونسله. منهم: الانسار والروس وبرجان والحرز (60) والترك والصقالبة ويأجوج ومأجوج وفارس ويونان وأصحاب جزائر البحر والصين والثغور وأمم لا تحصى.

‌ذكر يأجوج ومأجوج

. . .

يأجوج ومأجوج: فقد زعموا أنّ العامر من الأرض مائة وعشرين سنة. فقالوا: إنّ سبعون سنة منها ليأجوج ومأجوج، واثنا عشرة للسودان وثمانية للروم، والبقيّة لسائر الأمم، منها للعرب ثلاثة. ويأجوج ومأجوج أربعين أمّة مختلفة الألوان والقدود، ومنهم المشوهين الخلق.

‌ذكر السدّ الذي سدّه ذو القرنين على يأجوج ومأجوج

قال الشيخ جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن الجوزيّ في تاريخه المعروف بمرآة الزمان: روى أبو الحسين ابن

ص: 83

المناديّ بإسناده: لمّا عزم ذو القرنين الأكبر على المسير إلى مطلع الشمس، أخذ طريق كابل والهند وبلاد تبت، فتلقّته الملوك بالتّحف والأموال والهدايا، فانتهى إلى الحصون المعطّلة، وقد بقيت فيها بقايا.

فسألوه أن يسدّ الرّدم. فنزل ومعه الصّنّاع، واتّخذ قدورا من حديد، كبار كالخوابي. وأمر أن يجعل كلّ أربعة من تلك القدور على ديدكان، طول كلّ واحد خمسون ذراعا. وأمر الصنّاع أن يضربوا لبن الحديد، فضربوها، طول كلّ لبنة ذراع ونصف، وسمكها شبرا بالكبير. وبنوا السّدّ وجعلوا من وسطه بابا عظيما، عليه مصراعين، كلّ مصراع خمسون ذراعا، وعليه قفل نحو عشرة أذرع. فلمّا فرغ من بناء السدّ، أضرم عليه النار، فصار معجونا كأنّه حجر واحد.

قال أبو الحسين ابن المنادي: حدّثني أبي، قال: سمعت ابن خرداذبه، قال: سمعت سلاّم التّرجمان يحدّث، وأنا أسمع: أنّ الواثق بالله، أمير المؤمنين، (61) لمّا رأى في المنام أنّ السدّ الذي سدّ على يأجوج ومأجوج قد انفتح، أمر في أن أتوجّه إليه وآتيه بخبره عيانا،

ص: 84

وضمّ إليّ خمسين رجلا من أرباب البيوت، كبار في قومهم. ووصلني بخمسة آلاف دينار، وأعطاني بعدها دية نفسي: عشرة آلاف درهم، وأمر أن يعطى كلّ رجل توجّه معي عطاءة عن سنتين معجّلة، وأنعم على كلّ واحد بعد ذلك بمائة دينار، وجهّزني في مائتي بغل تحمل زادنا وماءنا.

فشخصنا من سرّ من رأى وعلى أيدينا كتاب من الواثق إلى إسحاق ابن إسماعيل، وهو يومئذ صاحب أرمينية. فكتب لنا إسحاق إلى صاحب السرير، وكتب لنا صاحب <مملكة> السّرير إلى ملك اللاّن، وكتب لنا ملك اللان إلى قيلانشاه، وكتب لنا قيلانشاه إلى ملك الخزر. فأقمنا عند ملك الخزر أيّاما لأجل الراحة، ثمّ وجّه معنا خمسين رجلا أدلاّء، فسرنا من عنده خمسة وعشرون ليلة، ثمّ انتهينا إلى أرض سوداء منتنة الريح. وقد كنّا تزوّدنا معنا قبل دخولنا إليها طيبا نشمّه لمنع تلك الرائحة الكرهة. فسرنا فيها عشرة أيّام، ثمّ صرنا إلى مدن خراب، فسرنا فيها تسعة وعشرون أيام.

فسألنا عن تلك المدن فخبّرونا أنّها المدن التي كان يأجوج ومأجوج يطرقونها حتّى أخربوها. ثمّ صرنا إلى حصون خربة وبعضها عامرة بالقرب من الجبل الذي فيه السدّ، وفي تلك الحصون قوم يتكلّمون بالعربيّة

ص: 85

والفارسيّة، مسلمون يقرؤون القرآن، لهم كتاتيب ومساجد. فسألوا: من أين أقبلتم؟ فأخبرناهم أنّا رسل أمير المؤمنين. فأقبلوا يتعجّبون لذلك ويقولون: أمير المؤمنين؟! قلنا: نعم. فقالوا: وكم يكون له من العمر الطويل كذا من عام؟ فقلنا: بل ممات حسن. فتعجّبوا لذلك (62) وقالوا:

أين يكون مقامه؟ قلنا: بالعراق، في مدينة يقال لها: سرّ من رأى. فقالوا:

ما سمعنا بهذا قطّ.

ثمّ أكرمونا وعادوا يتبرّكون بنا. ووجّهوا معنا من جهتهم من وصّلنا إلى ذلك الجبل، فإذا هو جبل أملس، ليس به خضرا، شاهق إلى العنان، ليس عليه طريق، ولا إليه تسليق، مقطوع بواد عرضه مائة وخمسون ذراعا. وإذا عضّادتان مبنيّتان ممّا يلي شعب في ذلك الجبل، من جنبي ذلك الوادي، عرض كلّ عضّادة خمسة وعشرون ذراعا، الظاهر من تحتها عشرة أذرع خارج الباب، وعليه بناء بلبن من حديد مغيّب في نحاس، في سمك خمسين ذراعا. وإذا دروند من حديد، طرفاه على العضّادتين، طوله مائة وعشرون ذراعا، قد ركّب على العضّادتين، على كلّ واحدة بمقدار عشرة أذرع في عرض خمسة أذرع، وفوق الدّروند بناء بذلك البن الحديد المغيّب في النحاس إلى رأس الجبل، في ارتفاعه مدّ البصر، وفوق ذلك شرف حديد، في كلّ شرفة قرنان، تنثني كلّ واحدة منهما على الأخرى، وإذا باب من حديد بمصراعين مغلقان، عرض كلّ مصراع خمسون ذراعا في ارتفاع مائة ذراع في سماكة عشرة أذرع وقيامتاهما في دوّارة قدر

ص: 86

الدروند، وعلى الباب قفل طوله عشرة أذرع في سمك ذراعين ونصف في الاستدارة وارتفاع القفل من الأرض خمسون ذراعا. وفوق القفل بمقدار خمسة أذرع غلق طوله أكثر من طول القفل، وقفيز كلّ واحد منها ثلاثة أذرع، وعلى الغلق مفتاح معلّق طوله ذراعين ونصف، وله اثنا عشر سنّة، كلّ سنّة كالهاون، معلّق في سلسلة طولها ثمان أذرع في استدارة أربعة أشبار. (63) والحلقة التي فيها السلسلة مثل حلقة المنجنيق العظيم، وعتبة الباب علوّ عشرة أذرع في بسط مائة ذراع، سوى ما تحت العضّادتين، الظاهر منها خمسة أذرع. وهذا الذرع كلّها بالذراع السوداء.

ورئيس تلك الحصون يركب في كلّ جمعة في عشرة فوارس، مع كلّ فارس مرزبّة حديد، وزن كلّ واحدة خمسون ومائة منّا. فيضرب القفل تلك المرزبّات في كلّ جمعة عدّة ضربات، ليسمع من وراء ذلك الباب الصوت وحسّ الضرب فيعلمون أنّ هنالك حفظة، ويعلموا أنّ هولائك لم يحدثوا في الباب حدثا؛ فهذا دأب سكان تلك الحصون.

ص: 87

فلمّا كان من غد يوم، وصلنا إلى السدّ، حضر رئيس تلك الحصون ومعه تلك الفوارس، وضربوا ذلك القفل، وصنتنا، فإذا من وراء الباب غوير ودويّ عظيم، يدلّ على عالم كبير جدا. . . من بعد المكان حصن كبير، يكون بقدر عشرة فراسخ تكسير مائة فرسخ. وعند ذلك الباب حصنان، يكون كلّ حصن منهما مائتي ذراع ارتفاع، مع دور. وعلى باب هذين الحصنين شجرتين، وبين الحصنين عين ماء عذبة. ورينا في أحد الحصنين آلة البناء الذي كان قد بني به السدّ، من القدور الحديد والمغارف الحديد والآلات التي كانت لتلك الصنّاع. والقدور شبه قدور الصابون، لكن أكبر منهم، مركّبة على كلّ ألفيّة أربع قدور. وهناك بقيّة من اللّبن الحديد، وقد التزق بعضها ببعض من الصدأ وطول العهد. والبنة ذراع ونصف طول، في نصف ذلك عرض، في سمك شبر ونصف. فتحيلنا حتى خلّصنا لبنة، وأحضرناها معنا للواثق. وسألنا من تلك الأقوام: هل رأيتوا أحدا من يأجوج ومأجوج؟ فذكروا أنّهم رأوا مرّة عددا منهم فوق الشّرف، فهبّت ريح سوداء فألقتهم (64) إلى جانبهم الذي يليهم، وكان مقدار الرجل منهم في رأي العين من هذا البعد وعلوّه تقدير الشبر ونصف ذراع، ولحاهم تلعب بها الريح.

ص: 88

قال سلاّم التّرجمان: فلمّا عاينّا ذلك وكتبنا بذلك أوراقا، ووضعنا خطوطا، وأخذنا خطوط تلك القوم المجاورون لتلك الديار، ثمّ أخذتنا الأدلاّء إلى ناحية خراسان، فسرنا إليها حتّى خرجنا من خلف سمرقند سبع فراسخ، وقد كان أصحاب الحصون زوّدونا ما كفانا. ثمّ صرنا إلى عبيد الله بن عبد الله بن طاهر، فوصلني بمائة ألف درهم، ووصل لكلّ واحد من أصحابي بألف درهم، وزوّدنا أتمّ زوادة، ورجعنا إلى سرّ من رأى، بعد غيبة ثمانية وعشرون شهرا، حتّى أتينا الخليفة فأخبرناه بذلك.

ومن رواية المسعوديّ: أنّ يأجوج ومأجوج فيهم من طوله الشّبر والشبران، ومنهم من هو أطول من ذلك، ومنهم من يفرش إحدى أذنيه ويتغطا بالأخرى، ومنهم من له ذنب وقرن وأنياب بارزة، ومنهم مشيته وثب، ويأكلون سائر اللحوم نية، بغير شيّ ولا صلق، ويأكلون لحوم الناس من بني آدم وجميع حساش الأرض. وكانوا قبل ذلك يغيرون على تلك الحصون والمدن المذكورة حتّى أخربوها، حتّى سدّ عليهم ذي

ص: 89