الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على الروم سبع سنين. ثمّ أظهر الله الروم على فارس زمان الحديبيّة. ففرح المسلمون بنصر أهل الكتاب.
قال: عن عثمان بن صالح عن اللّيث بن سعد: وكان الفرس قد أسّست بناء الحصن الذي يقال له: باب الليون، وهو الحصن الذي بفسطاط مصر اليوم. فلمّا انكشف جموع فارس عن الروم وأخرجتهم الروم من الشام، أتمّت الروم بناء ذلك الحصن وأقامت به إلى حين المسلم.
(224)
قال: أخبرنا عليّ، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سعيد بن. . . عن ابن وهب، قال: ثنا ابن لهيعة، قال: يقال: فارس والروم قريش العجم.
ذكر سبب انكشاف فارس عن الروم
قال: حدّثنا عبد الرحمن، قال: وكان سبب انكشاف فارس عن الروم كما حدّثني عبد الله بن صالح عن ابن زياد عن معاوية بن يحيى الصدفيّ، قال: حدّثني الزّهريّ، قال: حدّثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أنّ ابن عبّاس أخبره، أنّه سمع عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه، يسأل الهرمزان، عظيم الأهواز، عن الذي كان سبب انكشاف فارس عن الروم، فقال له الهرمزان: كان كسرى بعث شهرزبان ومعه جنود فارس قبل الشام ومصر، وحرس عامه حصون الروم. وطال زمانه بالشام ومصر، وملك الأرض.
فطفق كسرى يستبطئه ويكتب إليه: إنّك لو أردت أن تفتح مدينة الروم،
فتحتها، ولكنّك قد رضيت مكانك وأردت طول السّلطان.
وكتب إلى عظيم من عظماء الفرس يأمره أن يقتل شهرزبان ويتولّى أمر الجند. فكتب إليه ذلك العظيم يذكر أنّ شهرزبان جاهد ناصح، وأنّه أبلى بالحرب منه. قال: فكتب إليه كسرى يعزم عليه ليقتله. فكتب إليه أيضا يراجعه ويقول: ليس لك عبد مثله، وإنّك لو تعلم ما يداري من مكايدة الروم، عذرته. فكتب إليه كسرى يعزم عليه أيضا بقتله. فراجعه فيه. فغضب كسرى وكتب إلى شهرزبان يعزم عليه بقتل ذلك العظيم.
فأرسل شهرزبان إلى ذلك العظيم، فأحضره وأقرأه الكتاب. فقال له: راجع فيّ. فقال: قد علمت أنّ كسرى لا يراجع، وقد علمت حسن صحابتي إيّاك؛ ولكن، جاءني ما لم أستطع دفعه. فقال له ذاك العظيم: ولا تمهلني حتّى أرجع (225) إلى أهلي فأرا رأيي فيهم، وأعهد إليهم عهدي. قال:
بلى، ذلك إليك. فانطلق ذلك العظيم حتّى أتا أهله. فأخذ صحائف كسرى إليه الثلاث، فجعلها في كمّه. ثمّ جاء حتّى دخل على شهرزبان، فدفع إليه الصحيفة الأولى. فقرأها، فقال له: أنت خير منّي. ثمّ دفع إليه الثانية. فقرأها، فنزل عن مجلسه، وقال له: احتكم فيّ. فأبا أن يفعل، فدفع إليه الصحيفة الثالثة. فما تمّ قراءتها حتّى نهض قائما ووقف بين يدي ذلك العظيم، وقال: أقسم بمعبودي لأجمعنّ المكر لكسرى.
وكاتب هرقل، ملك الروم، فذكر له أنّ كسرى قد أفسد فارس.
وذكر عدّة مساوئ لكسرى، كان يعلمها ويخفها لصحبته إيّاه. وسأله أن يلقاه بمكان يحكمان الأمر فيه، ويتعاهدان فيه، ثمّ يكفّ عنه جنود فارس، ويخلي بينه وبين المسير إليه.
فلمّا وصل كتاب شهرزبان إلى هرقل، ادعى رهطا من عظماء الروم، وقال: اجلسوا؛ أنا اليوم أحزم الناس أو أعجز الناس. قد أتاني ما لا تحتسبوه، وسأعرضه عليكم، فأشيروا عليّ فيه. ثمّ قرأ كتاب شهرزبان.
فاختلفوا عليه في الرأي؛ فقال بعضهم: هذا تحرّش من جهة كسرى. وقال بعضهم: أراد هذا العبد أن يلقاك، وخاف من كسرى. فليستغث، ثمّ لا نبالي ما لقي. قال هرقل: إنّ هذا الرأي ليس حيث ذهبتم إليه؛ إنّه ما طابت نفس كسرى إن فشيتم هذا الذي أجد في كتاب شهرزبان. وما كان شهرزبان ليكتب إليّ بهذا وهو ظاهر على عامّة ملكي إلاّ من أمر حدث بينه وبين كسرى. وإنّي والله لا ألقينّه. فكتب إليه هرقل: قد بلغني كتابك، وفهمت الذي ذكرت، وإنّي سأوافيك. فموعدك موضع كذا وكذا. فاخرج معك بأربعة آلاف من أصحابك، فإنّي خارج بمثلهم. فإذا بلغت مكان كذا وكذا فضع ممّن معك بخمس مائة، فإنّي واضع مكان كذا وكذا مثلهم. ثمّ ضع بمكان كذا وكذا مثلهم، فإنّي فاعل (226) كذلك، حتّى نلتقي أنا وأنت في خمس مائة خمس مائة.
وبعث هرقل الرّسل من عنده إلى شهرزبان ومعهم عيون. فإن فعل شهرزبان ما ذكره له هرقل، كان. وإن أبا عجّلوا بإنفاذ العيون يعرّفوه، فيرا برأيه. ففعلوا ذلك. وفعل شهرزبان جميع ما أمره به هرقل حتّى التقيا بالموضع المعيّن بينهما، ومع هرقل أربعة آلاف ومع شهرزبان خمس مائة.
فلمّا رآهم شهرزبان، أرسل إليه: أغدرت؟ فقال هرقل: لم أغدر، ولكنّي