المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ القرآن لم يفرض على العرب لغة واحدة: - موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين - جـ ٨

[محمد الخضر حسين]

فهرس الكتاب

- ‌(14)«نَقْضُ كِتَابِ فِي الشِّعْرِ الجَاهِلي»

- ‌المقدمة

- ‌مقدّمَة الإمام محمّد الخضر حسين

- ‌محمّد الخضر حسين

- ‌الكِتابُ الأَوَّلُ

- ‌تَمهيد

- ‌ قيمة البحث العلمي:

- ‌ إعجاب المؤلف ببحثه:

- ‌ الحجة وصدق اللهجة:

- ‌ وجوه البحث الأدبي:

- ‌ البحث في علم المتقدمين:

- ‌ البحث العلمي بين مذهبي المناقشة والنقد:

- ‌ دراسة الشعر الجاهلي:

- ‌ التوسع في البحث وحريته:

- ‌ لباب الأدب وموضوعه:

- ‌ باب البحث الأدبي ما يزال مفتوحاً:

- ‌ اللذة في اعتناق الحكمة:

- ‌ الشك .. خفته وشدته:

- ‌ مسألة الشعر الجاهلي:

- ‌ عناية القدماء بشؤون العرب:

- ‌ الثورات الفكرية:

- ‌ تغيير التاريخ:

- ‌ الطعن والغمز:

- ‌ الدعاية إلى غير سبيل المؤمنين:

- ‌ نظرية الشك في الشعر الجاهلي:

- ‌ توارد طه حسين ومرغليوث:

- ‌ ما بقي من الشعر الجاهلي:

- ‌ مس شعور الأمة المسلمة:

- ‌ إنكاره شعر امرئ القيس:

- ‌ جواب على سؤال:

- ‌ اليهودية والمسيحية في بلاد العرب:

- ‌ البحث الفني اللغوي:

- ‌ الاستشهاد بالشعر على تفسير القرآن:

- ‌ عدم رسوخ المؤلف في أصول اللغة:

- ‌منهج البحث

- ‌ الخروج عن الأدب والطعن في الإسلام:

- ‌ منهج ديكارت:

- ‌ تجرد الباحث من كل علم سابق:

- ‌ حرية البحث والاستقصاء في الأدب العربي القديم:

- ‌ نسيان القومية والدين:

- ‌ محاباة وإرضاء العواطف المضادة للدين:

- ‌ العلم لا يعترض حقائق الدين:

- ‌ التعصب للحقيقة:

- ‌ دراسة القدماء من المسلمين للعلوم:

- ‌ المتعصبون على الإسلام:

- ‌ التفريق بين العقل والقلب:

- ‌ لا تثريب على القدماء:

- ‌ الغض من العرب والنعي على الإسلام:

- ‌ الدين والعلم:

- ‌ عثرة في طريق العقائد:

- ‌ لا تصلح لمنهج ديكارت إلا البصيرة النافذة:

- ‌ منهج ديكارت لا يحمي المؤلف من المناقشة:

- ‌مرآة الحياة الجاهلية في القرآن لا في الشعر الجاهلي

- ‌ دراسة الحياة الجاهلية:

- ‌ القرآن لم يات مؤرخاً ولا مادحاً:

- ‌ شعراء عصر النبوة:

- ‌ الحياة الجاهلية في الشعر الأموي:

- ‌ الشماخ عاصر النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يجادله

- ‌ نظرية: أن القرآن أصدق مرآة لحياة الجاهلية:

- ‌ القرآن ليس جديداً كله على العرب:

- ‌ حديث القرآن عن الديانات:

- ‌ القرآن برهان هداية وسعادة:

- ‌ الهجوم على الإسلام تحت ستار البحث العلمي:

- ‌ القرآن تحدث عن العرب وغيرهم:

- ‌ الشعر الديني في الحياة الجاهلية:

- ‌ دلالة القرآن على العرب:

- ‌ الجاهليون المجادلون:

- ‌ منزلة الشعر الجاهلي:

- ‌ طبقة المستنيرين وطبقة العامة:

- ‌ ليس في القرآن ما يخالف العلم الصحيح:

- ‌ العرب في عهد النبوة:

- ‌ العرب قبل الإسلام:

- ‌ الشعر الإسلامي أرقى من الشعر الجاهلي:

- ‌ اتصال العرب بالروم والفرس:

- ‌ رحلة الشتاء والصيف:

- ‌ عجز المؤلف:

- ‌ المؤلف وعد وأخلف:

- ‌الشعر الجاهلي واللغة

- ‌ تعرّف اللغة الجاهلية:

- ‌ القحطانية والعدنانية:

- ‌ أول من تكلم بالعربية

- ‌ اللغة القحطانية واللغة العدنانية:

- ‌ أطوار اللغة العربية:

- ‌ اتصال نسب العدنانية بإسماعيل عليه السلام

- ‌ ورود اسم في القرآن دليل على وجوده التاريخي:

- ‌ قصة إسماعيل عليه السلام

- ‌ الحروب بين العرب واليهود:

- ‌ الإسلام بريء من هذا السخف والهزل:

- ‌ مكانة مكة في قلوب العرب:

- ‌ احترام العرب لمكة يتصل بعهد إسماعيل وإبراهيم:

- ‌ هل حاولت قريش توجيه وحدة سياسية

- ‌ البحث عن أصل تاريخي قديم:

- ‌ مقابلة الحجة باللغو:

- ‌ أمر الطعن في هذه القصة:

- ‌ الاختلاف بين اللغة العدنانية والقحطانية:

- ‌ العاربة والمستعربة:

- ‌ الشعر القحطاني والعدناني:

- ‌ للشعر لغة غير لغة الكلام:

- ‌الشعر الجاهلي واللهجات

- ‌ إنكار القبائل والأنساب:

- ‌ اختلاف لغات العرب العدنانية:

- ‌ العزلة العربية:

- ‌ لغة أدبية منذ عهد الجاهلية:

- ‌ اللهجة المتماثلة والأوزان المتشابهة في المطولات:

- ‌ أثر اختلاف القبائل في الشعر:

- ‌ تعدد القراءات في القرآن واختلافها:

- ‌ أثر اختلاف اللهجات في الشعر:

- ‌ أوزان الشعر التي دوَّنها الخليل:

- ‌ لهجات العرب والأوزان الشعرية:

- ‌ القرآن لم يفرض على العرب لغة واحدة:

- ‌ لغة قريش ولهجتها في البلاد العربية:

- ‌ الاستشهاد بالشعر الجاهلي في القرآن والحديث:

- ‌ شواهد ابن عباس رضي الله عنه

- ‌ قصتا البنات السبع:

- ‌ ختام الكتاب الأول:

- ‌الكتاب الثانيأسباب انتحال الشعر

- ‌ليس الانتحال مقصوراً على العرب

- ‌ الاطلاع على تاريخ الأمم القديمة:

- ‌ مقارنة بين الأمم الثلاث: العربية، واليونانية، والرومانية:

- ‌ تكرار الشكوى من أنصار القديم:

- ‌ منهج ديكارت، ومنهج ابن خلدون:

- ‌ العبقرية لا وطن لها:

- ‌ المستقبل للحقائق والحجج:

- ‌السياسة وانتحال الشعر

- ‌ العرب لم يستطيعوا الخلوص من الدين:

- ‌ ظهور العرب على العالم بالإسلام:

- ‌ الدين والسياسة عند العرب:

- ‌ الإسلام عقيدة وشريعة ونظام:

- ‌ مكافحة الهجَّائين بسلاحهم:

- ‌ إسلام أبي سفيان:

- ‌ الخلافة حقيقة شرعية:

- ‌ خلافة أبي بكر قائمة على رضا الأمة:

- ‌ مقتل سعد بن عبادة الأنصاري:

- ‌ المقيمون من قريش والأنصار:

- ‌ إنشاد حسان للشعر في المسجد النبوي:

- ‌ سيرة عمر بن الخطاب متجلية:

- ‌ كتابة الأنصار لأشعارهم:

- ‌ حديث عن العصبيات:

- ‌ العصبية في عهد معاوية ويزيد:

- ‌ تشبيب عبد الرحمن برملة:

- ‌ يزيد بن معاوية:

- ‌ وقعة الحرَّة:

- ‌ أمانة صاحب "الأغاني

- ‌ قصيدة حسان في مدح الزبير:

- ‌ قصيدة النعمان بن بشير:

- ‌ ميل الأنصار إلى علي وتأييده:

- ‌ تهاجي ابن حسان وابن الحكم:

- ‌ عقوبة الشاعرين جزاء تهاجيهما:

- ‌ العصبية في بني أمية:

- ‌ رواية الشعر الجاهلي:

- ‌ قريش وانتحال الشعر:

- ‌ رواية ابن إسحق:

- ‌ القدماء ونقد الشعر:

- ‌ أثر السياسة في اصطناع الشعر الجاهلي:

- ‌ الشك في صحة الشعر الجاهلي:

- ‌الدين وانتحال الشعر

- ‌ شياطين الشعراء:

- ‌ وجود الجن حقيقة:

- ‌ حديث القرآن عن الجن:

- ‌ أشعار الجن

- ‌ النبي صلى الله عليه وسلم مكتوب في التوراة والإنجيل:

- ‌ محمد صلى الله عليه وسلم صفوة الإنسانية:

- ‌ انتحال البطون القرشية للأخبار والأشعار:

- ‌ قصة أبي بكر بن عبد الرحمن:

- ‌ الشعر المنسوب لآدم عليه السلام

- ‌ الاستشهاد على القرآن بالشعر:

- ‌ من يحق له أن يفسر القرآن

- ‌ المعتزلة والشعر الجاهلي:

- ‌ رواية الجاحظ للشعر:

- ‌ دين الإسلام هو ملة إبراهيم عليه السلام

- ‌ معنى الحنيفية:

- ‌ توحيد الله وإفراده بالعبادة:

- ‌ الإِسلام لم يجدد دين إبراهيم عليه السلام

- ‌ المعاني الدينية في الشعر الجاهلي:

- ‌ شعر أمية بن أبي الصلت:

- ‌ شبهة أن للقرآن مصادر من اليهودية والنصرانية:

- ‌ قصة النهي عن رواية شعر أمية بن أبي الصلت:

- ‌ انتحال شعر أمية بن أبي الصلت:

- ‌ الإِسلام والسيف والجزية:

- ‌ الإِسلام إصلاح لكل مزاج منحرف:

- ‌ تقسيم الشعر الجاهلي:

- ‌ شعر عديّ بن زيد:

- ‌ انتحال ولد السموأل للشعر:

- ‌القصص وانتحال الشعر

- ‌ العناية بدرس فن القصص:

- ‌ القرآن يهدي للتي هي أقوم:

- ‌ نظرة علماء العربية إلى الأدب:

- ‌ وضع الأحاديث:

- ‌ الشركة القصصية:

- ‌ الشعر في "سيرة ابن هشام

- ‌ الأمة العربية ليست كلها شاعرة:

- ‌ شعر الإمام علي:

- ‌ الشعر المنسوب إلى قائل غير معروف:

- ‌ الشعر الصادر عن العرب:

- ‌ إنكار رواية ابن إسحاق للشعر:

- ‌ مقدرة القدماء على النقد:

- ‌ قصة الزبّاء:

- ‌ أخبار العرب وآدابهم:

- ‌ حرب البسوس:

- ‌ عاد وثمود:

- ‌ تبع وحمير وسيل العرم:

- ‌الشعوبية وانتحال الشعر

- ‌ قصة إسماعيل بن يسار:

- ‌ شعر الأعشى، وعدي بن زيد:

- ‌ أبيات أبي الصلت بن ربيعة:

- ‌ أبيات إسماعيل بن يسار:

- ‌ واقعة ذي قار:

- ‌ علماء اللغة والأدب والكلام والفلسفة:

- ‌ أبو عبيدة معمر بن المثنى:

- ‌ علماء الموالي والإِسلام:

- ‌ الشعوبية والزندقة:

- ‌ خير العلم ما حمل عن أهله:

- ‌ انفراد الجاحظ بالرواية:

- ‌الرواة وانتحال الشعر

- ‌ رواة الأدب:

- ‌ حديث الأربعاء:

- ‌ حمّاد الراوية، وخلف الأحمر:

- ‌ القدماء من الزنادقة وإخوانهم في هذا العصر:

- ‌ رواية المفضل الضبّي:

- ‌ قصيدة الحطيئة في مدح أبي موسى:

- ‌ قصة حمّاد مع المهدي:

- ‌ خلف ووالبة بن الحباب:

- ‌ الراوية أبو عمرو الشيباني:

- ‌ إيجار الراوية نفسه للقبائل:

- ‌ الراوية أبو عمرو بن العلاء:

- ‌ الأصمعي واصطناع الشعر:

- ‌ معانقة الكذب للزندقة:

- ‌ فصحاء الأعراب:

- ‌ قصة داود وأبي عبيدة:

- ‌ انتحال الشعر وتلفيقه في حياة المسلمين:

- ‌ نقد الرواية والرواة:

- ‌الكتاب الثالثالشعر والشعراء

- ‌قصص وتاريخ

- ‌ السخط على الرأي:

- ‌ نية الانحراف عن الأدب:

- ‌ القابض على الماء:

- ‌ عناية العرب برواية الشعر وإنشاده:

- ‌ كلحم خنزير ميت، حرام في حرام:

- ‌ نوبة أنصار القديم وأنصار الجديد:

- ‌ حديث قيس بن الملوّح:

- ‌ الطيب والخبيث في كتب الأدب:

- ‌ أداة حاكية، وكتب ومقالات متحركة:

- ‌ الملكات الناقدة:

- ‌ نقد خرافات في أفواه العجائز:

- ‌ قوة الحافظة عند القدماء والمعاصرين:

- ‌ عقول المحدثين والقدماء:

- ‌امرؤ القيس

- ‌ قبيلة امرئ القيس:

- ‌ ترجمة امرئ القيس:

- ‌ امرؤ القيس وعبد الرحمن بن الأشعث:

- ‌ شعر امرئ القيس:

- ‌ قصيدة امرئ القيس في السموأل:

- ‌ قصيدة الأعشى في شريح بن السموأل:

- ‌ قصة ذهاب امرئ القيس إلى القسطنطينية:

- ‌ امرؤ القيس: يمنيّ الأصل، نجدي المولد والنشأة:

- ‌ شعر امرئ القيس في أخواله:

- ‌ معلقة امرئ القيس:

- ‌ اختلاف الرواة في ألفاظ القصيدة:

- ‌ أبيات لامرئ القيس:

- ‌ تقسيم القصيدة إلى ثلاثة أقسام:

- ‌ الحديث عن القسم الثاني من القصيدة:

- ‌ الحديث عن القسم الثالث من القصيدة:

- ‌ امرؤ القيس و (هوميروس):

- ‌ امرؤ القيس وعلقمة:

- ‌علقمة

- ‌ معاصرة امرئ القيس لعلقمة:

- ‌عبيد

- ‌ عبيد بن الأبرص:

- ‌ قول ابن سلام في شعر عبيد:

- ‌ قصيدة عبيد:

- ‌ الكيد للحقيقة والتاريخ:

- ‌ قصيدتان لعلقمة:

- ‌عمرو بن قميئة

- ‌ عمرو بن قميئة، مهلهل، جليلة:

- ‌ قصة ابن قميئة وقصيدته في عمه:

- ‌ أبيات لابن قميئة:

- ‌ العودة لقصة حرب البسوس:

- ‌مهلهل

- ‌ المتقدمون من الشعراء:

- ‌جليلة

- ‌عمرو بن كلثوم

- ‌ قصيدة عمرو بن كلثوم:

- ‌ قصة قتل عمرو بن كلثوم لعمرو بن هند:

- ‌ اختلاف الرواة في أبيات من قصيدة ابن كلثوم:

- ‌ ألا لا يجهلن أحد علينا:

- ‌ كيف كان شعراء ربيعة يتحدثون

- ‌الحارث بن حلزة

- ‌ الأقواء في بيت لابن حلّزة:

- ‌ المقايسة بين قصيدتين:

- ‌طرفة بن العبد

- ‌ مطلع قصيدة طرفة:

- ‌ سهولة الألفاظ وغرابتها في الشعر الجاهلي:

- ‌ أبيات طرفة في وصف الناقة:

- ‌ الحديث عن اللهو واللذة والإلحاد:

- ‌ نقد الرواة لشعر طرفة:

- ‌المتلمّس

- ‌ المتلمس أحد شعراء بني ضبيعة:

- ‌نتيجة البحث

- ‌ طريقة المؤلف في درس الشعر الجاهلي:

- ‌ نتيجة البحث:

- ‌ شعر مضر واليمن وربيعة:

- ‌ هدم الآراء الحائرة والأقوال الخادعة:

- ‌ سبيل أهل العلم في الشعر الجاهلي:

- ‌ نفي الشعر الجاهلي لا يمس القرآن بسوء:

- ‌ عربية القرآن حكم مسمّط:

- ‌ عناية المسلمين بالشعر:

- ‌ إننا أمة بحث ونظر:

- ‌تر‌‌اجم الأعلام

- ‌ا

- ‌ ب

- ‌ت

- ‌ث

- ‌ج

- ‌ح

- ‌خ

- ‌د

- ‌ ذ

- ‌ر

- ‌ز

- ‌ س

- ‌ص

- ‌ ش

- ‌ط

- ‌ ض

- ‌ع

- ‌ف

- ‌ق

- ‌ل

- ‌ ك

- ‌م

- ‌ ن

- ‌و

- ‌ ه

- ‌ي

الفصل: ‌ القرآن لم يفرض على العرب لغة واحدة:

*‌

‌ لهجات العرب والأوزان الشعرية:

قال المؤلف في (ص 35): "وإذا لم يكن نظم القرآن، وهو ليس شعراً، ولا مقيدًا بما يتقيد به الشعر، قد استطاع أن يستقيم في الأداء لهذه القبائل، فكيف استطاع الشعر، وهو مقيد بما تعلم من القيود، أن يستقيم لها، وكيف لم تحدث هذه اللهجات المتباينة آثارها في وزن الشعر وتقطيعه الموسيقي؛ أي: كيف لم توجد صلة واضحة بين هذا الاختلاف في اللهجة، وبين الأوزان الشعرية التي كانت تصطنعها القبائل؟ ".

إن كان المؤلف يكتب لأولي الألباب، فأولو الألباب لا ينزلون إلى فهم ما يقوله، إلا أن يأتي إلى الفوارق بين لهجات العرب، ويريهم كيف يأبى بعض هذه اللهجات أن يفرغ في الأوزان التي استقرأها الخليل. والفوارق التي ذكرها في القراءات مما تحتمله هذه الأوزان جميعاً، فإن أراد فوارق غيرها، واعتذر بأنه لا يعرفها، فخير له أن يكتم هذا البحث حتى يقف عليها، وتكون ملموسة له، أو كالملموسة، ثم يتحدث بها على بينة، ويجد يومئذ من أولي الأبصار سامعًا وظهيرًا.

*‌

‌ القرآن لم يفرض على العرب لغة واحدة:

أورد المؤلف سؤالاً ملخصه: أن اللهجات استمرت قائمة بعد القرآن، وفي هذا العهد كانت القبائل تتعاطى الشعر، وإذا استقامت لهم أوزانه، مع اختلاف اللهجات بعد الإسلام، فما الذي يمنع من أن تستقيم لهم في العصر الجاهلي؟.

ثم قال كالمجيب عن هذا السؤال في (ص 35): "ولست أنكر أن اختلاف اللهجات كان حقيقة واقعة بعد الإِسلام، ولست أنكر أن الشعر قد استقام

ص: 142

للقبائل كلها رغم هذا الاختلاف. ولكني أظن أنك تنسى شيئاً يحسن ألا تنساه، وهو أن القبائل بعد الإسلام قد اتخذت للأدب لغة غير لغتها، وتقيدت في الأدب بقيود لم تكن لتتقيد بها لو كتبت أو شعرت في لغتها الخاصة؛ أي: أن الإسلام قد فرض على العرب جميعاً لغة عامة واحدة، وهي لغة قريش، فليس غريبًا أن تتقيد هذه القبائل بهذه اللغة الجديدة في شعرها ونثرها، في أدبها بوجه عام. لم يكن التميمي أو القيسي حين يقول الشعر في الإسلام يقوله بلغة تميم أو قيس ولهجتها".

قال المؤلف فيما سلف (1): "قبل أن يفرض القرآن على العرب لغة واحدة"، وقال هنا:"إن الإسلام قد فرض على العرب جميعاً لغة واحدة هي لغة قريش"، والخبير بحقائق الإسلام يعرف أن القرآن أو الإسلام لم يفرض على العرب لغة واحدة، واختلاف القراءات القائم على اختلاف اللهجات شاهد صدق على أن الإسلام لم يكلف القبائل بترك لهجاتها، ولم يحملها على لغة "النبي وعشيرته من قريش". والواقع أن الوحدة العربية التي استحكمت حلقاتها بهداية الإسلام، وكون أكثر القائمين بالدعوة إلى هذه الهداية، والممثلين لسياستها ينطقون باللغة التي نزل بها القرآن، وكون القرآن أصبح متلواً بكل لسان، هذه الأسباب الثلاثة ذهبت بجانب عظيم من اختلاف اللهجات، وأصبحت اللغة الجارية على ألسنة العرب تقارب لهجة القرآن، فمان أراد المؤلف بفرض القرآن وفرض الإسلام هذا المعنى، وأغضينا عن هذا التعبير الذي يوهم طلاب الجامعة أن الإسلام يفرض على الناس لغة واحدة، كان معنى جوابه: أنه وجد سبب طبيعي لتوحيد تلك

(1)(ص 33).

ص: 143

اللهجات أو تقاربها، وهو واقعة الإسلام.

ونحن نعرف ما للإسلام من تأثير في تقارب اللهجات، وهذا لا يمنع من أن يكون سبب آخر طبيعي قد وجد قبل ظهور الإسلام، فساق ذوي العقول المنتجة من هذه القبائل إلى أن يشتركوا في لغة يصوغون فيها الأشعار والخطب مسجعة أو مرسلة، وقد ذكرناك بسبب يصح أن يكون السائق إلى هذه اللغة الأدبية، وهو فصاحة لسان قريش، وتلك المجامع التي كانت تنعقد حوالي مكة، وتؤمها القبائل للتفاخر بالأحساب، أو التنافس في حلبة البيان.

ضرب المؤلف لذلك الجواب ثلاثة مُثُل:

أولها: أن الدوريين كانت لهم لهجة وأوزان دورية، ولما ظهرت أثينا على البلاد اليونانية عامة، عدلوا عن لهجتهم وأوزانهم إلى اصطناع اللهجة والأوزان اليونانية، والنثر الأتيكي.

ثانيها: أن لكل إقليم في فرنسا لغة ذات قوام خاص، ومع ذلك، فأهل الإقليم إذا أرادوا أن يظهروا آثاراً أدبية، يعدلون عن لغتهم الإقليمية إلى اللغة الفرنسية.

ثالثها: أن في مصر لهجات وأوزاناً مختلفة، ومع هذا، فإن من ينظم الشعر الأدبي، ويكتب النثر الأدبي يعدل عن لهجته الإقليمية إلى هذه اللغة لغة قريش ولهجتها. وقد أخذت المؤلف عند ضرب هذا المثل نشوة فاتح البلاد بعد حروب عنيفة، فافتتحه بقوله في (ص 37):"وأنا أشعر بالحاجة إلى أن أضرب مثلاً آخر قد يدهش له الذين يدرسون الأدب العربي؛ لأنهم لم يتعودوا مثله من الباحثين عن تاريخ الأدب".

لندع البحث في هذه الجملة من جهة صلتها بنفس كاتبها، ودلالتها

ص: 144

على ازدهائه بما يسميه رأياً له، وإن كان مطروحاً في كل سبيل، ولا يحتاج الأحداث في فهمه إلى تلقين، وإنما نعرض لبحثها من حيث صلتها بالمثل الذي ألقاها في صدره؛ فإن إهمال نقدها من هذا الوجه "قد يدهش له الذين يدرسون الأدب العربي؛ لأنهم لم يتعودوا مثله من" الناقدين للحديث الذي يتغنى صاحبه بمديحه قبل أن يصل إلى آذان قرائه.

هل من أحد يقرأ أو يستمع إلى من يقرأ، لا يدري أن اللهجة التي يقال فيها الشعر، وتؤلف فيها الكتب غير اللهجة التي يتحاور بها الناس في شؤونهم الخاصة أو العامة؟! ومن ذا الذي يقرأ، أو يسمع مقالاً أو إعلانًا في هذه الصحف السيارة، أو قصيدة لأحد أدباء العصر، فلا يفرق بين لهجتها واللهجة التي يتحدث بها السوقة، أو ينظم بها بعض الأميين ما يسمونه:"زجلاً"؟.

فإن قال المؤلف: إنهم يدركون هذا الفرق، ولكنهم لا يستطيعون كما أستطيع ضربه مثلاً لحال العربية الفصحى مع بقية اللهجات بعد ظهور الإسلام، قلنا: إن ربط حال اللغة الفصحى في هذا العصر بحالها يوم ساد الإسلام، قد يحفل به الأطفال الذين لم يأخذوا في أذهانهم غير البديهيات، أما الذين يدرسون الأدب العربي، فلا أحسبهم يحفلون به، فضلاً عن أن يدهشوا له، فقد جالوا في نتائج عقول راقية، وألفوا من الآراء المستنبطة بحكمة وروية ما لا يُبقي لأمثال هذا الحديث في أعينهم قيمة ولا خطراً.

ولعل المؤلف رأى بعض طلابه في الجامعة العتيقة يقابلون ما كان من نوع هذا الحديث بالتصدية، فتخيل أنّ كل من يسمع حديثاً كهذا تقع به الدهشة على وجه الأرض أنَّى كان قائماً، ولم يستطع أن يكتم هذا الخيال،

ص: 145