الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تقدمت به السن، وجاوز التسعين.
وقال في (ص 157): "ويزعم الشعبي، أو من روى عن الشعبي: أن عبد الملك بن مروان تمثل به في علته التي مات فيها".
ثم ساق المؤلف الشعر في سبعة أبيات.
هذا مروي في كتاب "الأغاني"(1). أما قصة إنشاء عمرو بن قميئة للأبيات، فرواها أبو الفرج عن ابن الكلبي، وأما تمثل عبد الملك بن مروان بها في علته، فرواه عن الهيثم (2) بن عديّ، وما يقرؤه أهل العلم لهذين الراويين لا يلحقونه بالتاريخ الصحيح، ولا يأخذ منهم مأخذ الظن الراجح، وإذا حكوه، فلأنه من أدب الشعر أو النثر.
*
العودة لقصة حرب البسوس:
عاد المؤلف يلهج بقصة حرب البسوس، ولم ينس أن ينبهك على أنه غير ساذج حتى يسلم بما يتحدث به الرواة من أمرها الطويل العريض، ولكنه اعترف بأن خصومة عنيفة كانت بين القبيلتين، وأن هذه الخصومة سفكت فيها الدماء، وكثرت فيها القتلى.
ثم قال في (ص 159): "على أن بعض الرواة كانوا يظهرون كثيراً من الشك فيما كانت تتحدث به بكر وتغلب من أمر هذه الحروب".
إذا كان المؤلف يعلم أن من الرواة من كان يظهر كثيراً من الشك في
(1)(ج 16) أخبار عمرو بن قميئة.
(2)
اجتمع المحدثون والأدباء على وصفه بالكذب. انظر: "لسان الميزان" لابن حجر (ج 6 ص 209)، و"البيان" للجاحظ (ج 2 ص 10).
حديث هذه الحروب، أفلا يكفكف من غلوائه حين ينسب إلى الرواة باطلاق: أنهم كانوا يقبلون ما يروى من أيام العرب، أو أيام الناس على أنه جد من الأمر! أو لا يخفف من نزقه حين يسمي القول بأن في حرب البسوس توسيعاً: نظرية له؟!.
حرب البسوس وردت في الجزء الرابع (1) من كتاب "الأغاني"، وتجد في مساقها ما ينبئك بأن القوم أعرف بطرق العلم، وأرفع من هذه المنزلة التي يلصقهم بها المؤلف في شيء من الازدراء: تجد في مساقها بعد أن يذكر لك اسم الراوي كلمة: "يزعم"، و"يزعمون"، وتجد مع هذا نقداً صريحاً، وإنكاراً لبعض ما تحتويه القصة من أخبار. وكيفما كان مسلكهم في هذه الأخبار، فإنه لا يليق بالمؤلف أن يباهي بنظرية دخول الوضع في حرب البسوس، فقد سبقه إلى هذه النظرية جرجي زيدان في "تاريخ آداب اللغة العربية"(2).
* * *
(1)(ص 140).
(2)
(ج 2 ص 293).