الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
انتحال شعر أمية بن أبي الصلت:
قال المؤلف في (ص 86): "ونحن نعتقد أن هذا الشعر الذي يضاف إلى أمية بن أبي الصلت وإلى غيره من المتحنفين الذين عاصروا النبي، أو جاؤوا قبله إنما انتحل انتحالاً. انتحله المسلمون ليثبتوا -كما قلنا- أن للإسلام قدمة وسابقة في البلاد العربية".
جاءت الرواية الصحيحة بأن أمية كان يصوغ شعره في شيء من التوحيد، وفي رواية الإِمام مسلم لحديث عمرو بن السَّبِّريد المسوقة آنفاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حين سمع شعر أمية: "كاد ابن أبي الصلت أن يسلم"، فما يروى من شعر يعزى إلى أمية، وفيه تحنف، محتمل لأن يكون ثابتاً عنه، وليس من أدب البحث التسرع إلى الحكم بانتحاله لمجرد ما فيه من التحنف، وإنما ينظر فيه كشعر خال من هذا المعنى، فإن لم نصل إلى الطعن في نسبته إلى أمية من طريق اللفظ أو المعنى أو الرواية، جاز لنا أن نكتبه في ديوان أمية، ونقول عند إنشاده: هذا الشعر لأمية.
*
الإِسلام والسيف والجزية:
تحدث المؤلف عن حال اليهود، واستعمارهم جزءاً من البلاد العربية، ثم تحدث عن النصارى، وكيف انتشرت ديانتهم في بعض بلاد العرب.
ثم قال في (ص 87): "ويظهر أن قبائل من العرب البادين تنصرت قبل الإِسلام بأزمان تختلف طولاً وقصراً. فنحن نعلم -مثلاً-: أن تغلب كانت نصرانية، وأنها أثارت مسألة من مسائل الفقه. فالقاعدة أنه لا يقبل من العربي إلا الإِسلام أو السيف، فأما الجزية، فتقبل من غير العرب. ولكن تغلب
قبلت منها الجزية، قبلها عمر فيما يقول الفقهاء".
يتحدث المؤلف في مسائل دينية؛ ليظهر للقراء أنه درس الشريعة؛ حتى يطمئنوا لما يقوله عن الإِسلام في غير إخلاص. يقول المؤلف: القاعدة أنه لا يقبل من العربي إلا الإِسلام أو السيف. يقف القارئ في هذه الفقرة وقفة متردد، ولا يدري هل هذا المؤلف يتكلم في الدين مجتهداً لنفسه، أو مقلداً لذوي الاجتهاد، أو كاجنبي يحكي قاعدة في الإِسلام، وليس له به صلة اجتهاد أو تقليد؟.
نحن نعلم أن ليس للمؤلف من صلة اجتهاد أو تقليد بالإِسلام؛ لأن كلاً من الاجتهاد والتقليد لا يقوم إلا على الإيمان بالقرآن، وشرط هذا الإِيمان أن يدخل من ناحية العقل، لا أن يذهب من اليد أو الأذن إلى القلب رأساً، وقد رأيتم المؤلف كيف يعبث حول القرآن، والقرآن قول فصل وما هو بالهزل، إذاً ليس هو بذي اجتهاد، ولا ذي تقليد.
وإذا كان يتكلم في الدين بلسان أجنبي عن الدين، فالأجنبي لا يقرر قاعدة يعزوها إلى الإِسلام إلا أن يكون مجمَعاً عليها، أو تكون من المواضيع التي تواردت عليها كلمة الجمهور. وأنت إذا نظرت إلى قاعدة المؤلف، وهو أن العربي لا يقبل منه إلا الإِسلام أو السيف، لم تجدها فيما أجمعوا عليه، ولا فيما تواردت عليه كلمة الجمهور. فالشافعية يقولون: تقبل من أهل الكتاب عرباً كانوا أو عجمًا (1)، والحنفية يقولون: لا يقبل من مشركي العرب إلا الإِسلام أو السيف، وتقبل من أهل الكتاب من العرب ومن سائر كفار
(1)"فتح الباري" للحافظ ابن حجر.