الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مهلهل
* مهلهل:
ذكر المؤلف قول ابن سلام: إن العرب كانت ترى أن مهلهلاً كان يتكثر، ويدّعي في شعره، وزعم أن مهلهلاً لم يتكثر، أو لم يدع، وإنما تكثرت تغلب في الإسلام، وادعت.
وقال في (ص 160): "ولم تكتف بهذا الانتحال، بل زعمت أنه أول من قصد القصيد، وأطال الشعر. ثم أحست ما نحس الآن، أو أحسه الرواة أنفسهم، وهو أن في هذا الشعر اضطراباً واختلاطاً، فزعمت، أو زعم الرواة: أنه لهذا الاضطراب والاختلاط سمّي مهلهلاً؛ لأنه هلهل الشعر. والهلهلة الاضطراب. ويستشهد ابن سلام على هذا بقول النابغة:
أتاك بقول هلهل النسج كاذب
وليس من شك في أن شعر مهلهل مضطرب فيه هلهلة واختلاط".
شاعر نشأ في عصر جاهلي، ليس في البيئة التي عاش فيها عناية بالكتابة، وإنما ينقل حديثه وأشعاره الناس الذين شهدوا عصره، ويتلقاها من بعدهم فمن بعدهم إلى عصر التدوين، وكل أهل العلم أو أشباه أهل العلم لا يفوتهم أن أخباراً هذا شأنها لا تخلو من إضافات، أو إعطائها لوناً غير لونها الموافق للحقيقة، ومن الذي لا يشعر بأنه يطمئن إلى أن قصيدة: "السيف أصدق أنباءً
من الكتب" لأبي تمام أكثر مما يطمئن إلى أن قصيدة: "خليلي لا تستعجلا أن تزوّدا" لعمرو بن قميئة؟.
وهذا ما دعا الثقات النبهاء من الرواة أن نقدوا تلك الأشعار من جهة نسبتها إلى قائليها، وما لم يبد على طريقه أثر الاختلاق، ولم يلقوا في نفس الشعر ما ينبو به عن أن يكون لمن نسب إليه، رووه على هذا الوجه، وتلقاه الناس عارفين بمبلغ هذه النسبة من قوة أو ضعف.
وما ذكره المؤلف من أن مهلهلاً مأخوذ من الهلهلة، وهي الاضطراب،
شيء يقوله بعض الرواة، ويذهب آخرون إلى أن هذا الاسم مأخوذ من الهلهلة، وهي رقة نسج الثوب، ويقولون: سمّي مهلهلاً؛ لأنه أول من رقق الشعر، وتجنب الكلام الغريب الوحشي (1)، فهما روايتان، وقد تخير المؤلف منهما الرواية التي تساعده على أن يداعب القراء.
هذا وقد نظر الرواة النبهاء في شعر مهلهل، ولم يقبلوه مطوياً على ما فيه من مصنوع، ونبهوا على هذا بكلمات عامة؛ كقول الأصمعي:"وأكثر شعره محمول عليه (2) ". وتراهم ينقدون أبياتاً بعينها؛ كما قال الأصمعي أيضاً: "إن هذا البيت الذي يروى لمهلهل مصنوع محدث، وهو قوله:
انبضوا معجس القسي وأبرقْنا
…
كما توعد الفحول الفحولا
فقال إسحاق بن إبراهيم الموصلي: لم أر أكثر حفظاً وفهماً منه، نعم، هذا من قديم المولد (3) ".
(1)"الموشح"(ص 74).
(2)
"الموشح" للمرزباني.
(3)
"الموشح"(ص 196).