المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ العرب قبل الإسلام: - موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين - جـ ٨

[محمد الخضر حسين]

فهرس الكتاب

- ‌(14)«نَقْضُ كِتَابِ فِي الشِّعْرِ الجَاهِلي»

- ‌المقدمة

- ‌مقدّمَة الإمام محمّد الخضر حسين

- ‌محمّد الخضر حسين

- ‌الكِتابُ الأَوَّلُ

- ‌تَمهيد

- ‌ قيمة البحث العلمي:

- ‌ إعجاب المؤلف ببحثه:

- ‌ الحجة وصدق اللهجة:

- ‌ وجوه البحث الأدبي:

- ‌ البحث في علم المتقدمين:

- ‌ البحث العلمي بين مذهبي المناقشة والنقد:

- ‌ دراسة الشعر الجاهلي:

- ‌ التوسع في البحث وحريته:

- ‌ لباب الأدب وموضوعه:

- ‌ باب البحث الأدبي ما يزال مفتوحاً:

- ‌ اللذة في اعتناق الحكمة:

- ‌ الشك .. خفته وشدته:

- ‌ مسألة الشعر الجاهلي:

- ‌ عناية القدماء بشؤون العرب:

- ‌ الثورات الفكرية:

- ‌ تغيير التاريخ:

- ‌ الطعن والغمز:

- ‌ الدعاية إلى غير سبيل المؤمنين:

- ‌ نظرية الشك في الشعر الجاهلي:

- ‌ توارد طه حسين ومرغليوث:

- ‌ ما بقي من الشعر الجاهلي:

- ‌ مس شعور الأمة المسلمة:

- ‌ إنكاره شعر امرئ القيس:

- ‌ جواب على سؤال:

- ‌ اليهودية والمسيحية في بلاد العرب:

- ‌ البحث الفني اللغوي:

- ‌ الاستشهاد بالشعر على تفسير القرآن:

- ‌ عدم رسوخ المؤلف في أصول اللغة:

- ‌منهج البحث

- ‌ الخروج عن الأدب والطعن في الإسلام:

- ‌ منهج ديكارت:

- ‌ تجرد الباحث من كل علم سابق:

- ‌ حرية البحث والاستقصاء في الأدب العربي القديم:

- ‌ نسيان القومية والدين:

- ‌ محاباة وإرضاء العواطف المضادة للدين:

- ‌ العلم لا يعترض حقائق الدين:

- ‌ التعصب للحقيقة:

- ‌ دراسة القدماء من المسلمين للعلوم:

- ‌ المتعصبون على الإسلام:

- ‌ التفريق بين العقل والقلب:

- ‌ لا تثريب على القدماء:

- ‌ الغض من العرب والنعي على الإسلام:

- ‌ الدين والعلم:

- ‌ عثرة في طريق العقائد:

- ‌ لا تصلح لمنهج ديكارت إلا البصيرة النافذة:

- ‌ منهج ديكارت لا يحمي المؤلف من المناقشة:

- ‌مرآة الحياة الجاهلية في القرآن لا في الشعر الجاهلي

- ‌ دراسة الحياة الجاهلية:

- ‌ القرآن لم يات مؤرخاً ولا مادحاً:

- ‌ شعراء عصر النبوة:

- ‌ الحياة الجاهلية في الشعر الأموي:

- ‌ الشماخ عاصر النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يجادله

- ‌ نظرية: أن القرآن أصدق مرآة لحياة الجاهلية:

- ‌ القرآن ليس جديداً كله على العرب:

- ‌ حديث القرآن عن الديانات:

- ‌ القرآن برهان هداية وسعادة:

- ‌ الهجوم على الإسلام تحت ستار البحث العلمي:

- ‌ القرآن تحدث عن العرب وغيرهم:

- ‌ الشعر الديني في الحياة الجاهلية:

- ‌ دلالة القرآن على العرب:

- ‌ الجاهليون المجادلون:

- ‌ منزلة الشعر الجاهلي:

- ‌ طبقة المستنيرين وطبقة العامة:

- ‌ ليس في القرآن ما يخالف العلم الصحيح:

- ‌ العرب في عهد النبوة:

- ‌ العرب قبل الإسلام:

- ‌ الشعر الإسلامي أرقى من الشعر الجاهلي:

- ‌ اتصال العرب بالروم والفرس:

- ‌ رحلة الشتاء والصيف:

- ‌ عجز المؤلف:

- ‌ المؤلف وعد وأخلف:

- ‌الشعر الجاهلي واللغة

- ‌ تعرّف اللغة الجاهلية:

- ‌ القحطانية والعدنانية:

- ‌ أول من تكلم بالعربية

- ‌ اللغة القحطانية واللغة العدنانية:

- ‌ أطوار اللغة العربية:

- ‌ اتصال نسب العدنانية بإسماعيل عليه السلام

- ‌ ورود اسم في القرآن دليل على وجوده التاريخي:

- ‌ قصة إسماعيل عليه السلام

- ‌ الحروب بين العرب واليهود:

- ‌ الإسلام بريء من هذا السخف والهزل:

- ‌ مكانة مكة في قلوب العرب:

- ‌ احترام العرب لمكة يتصل بعهد إسماعيل وإبراهيم:

- ‌ هل حاولت قريش توجيه وحدة سياسية

- ‌ البحث عن أصل تاريخي قديم:

- ‌ مقابلة الحجة باللغو:

- ‌ أمر الطعن في هذه القصة:

- ‌ الاختلاف بين اللغة العدنانية والقحطانية:

- ‌ العاربة والمستعربة:

- ‌ الشعر القحطاني والعدناني:

- ‌ للشعر لغة غير لغة الكلام:

- ‌الشعر الجاهلي واللهجات

- ‌ إنكار القبائل والأنساب:

- ‌ اختلاف لغات العرب العدنانية:

- ‌ العزلة العربية:

- ‌ لغة أدبية منذ عهد الجاهلية:

- ‌ اللهجة المتماثلة والأوزان المتشابهة في المطولات:

- ‌ أثر اختلاف القبائل في الشعر:

- ‌ تعدد القراءات في القرآن واختلافها:

- ‌ أثر اختلاف اللهجات في الشعر:

- ‌ أوزان الشعر التي دوَّنها الخليل:

- ‌ لهجات العرب والأوزان الشعرية:

- ‌ القرآن لم يفرض على العرب لغة واحدة:

- ‌ لغة قريش ولهجتها في البلاد العربية:

- ‌ الاستشهاد بالشعر الجاهلي في القرآن والحديث:

- ‌ شواهد ابن عباس رضي الله عنه

- ‌ قصتا البنات السبع:

- ‌ ختام الكتاب الأول:

- ‌الكتاب الثانيأسباب انتحال الشعر

- ‌ليس الانتحال مقصوراً على العرب

- ‌ الاطلاع على تاريخ الأمم القديمة:

- ‌ مقارنة بين الأمم الثلاث: العربية، واليونانية، والرومانية:

- ‌ تكرار الشكوى من أنصار القديم:

- ‌ منهج ديكارت، ومنهج ابن خلدون:

- ‌ العبقرية لا وطن لها:

- ‌ المستقبل للحقائق والحجج:

- ‌السياسة وانتحال الشعر

- ‌ العرب لم يستطيعوا الخلوص من الدين:

- ‌ ظهور العرب على العالم بالإسلام:

- ‌ الدين والسياسة عند العرب:

- ‌ الإسلام عقيدة وشريعة ونظام:

- ‌ مكافحة الهجَّائين بسلاحهم:

- ‌ إسلام أبي سفيان:

- ‌ الخلافة حقيقة شرعية:

- ‌ خلافة أبي بكر قائمة على رضا الأمة:

- ‌ مقتل سعد بن عبادة الأنصاري:

- ‌ المقيمون من قريش والأنصار:

- ‌ إنشاد حسان للشعر في المسجد النبوي:

- ‌ سيرة عمر بن الخطاب متجلية:

- ‌ كتابة الأنصار لأشعارهم:

- ‌ حديث عن العصبيات:

- ‌ العصبية في عهد معاوية ويزيد:

- ‌ تشبيب عبد الرحمن برملة:

- ‌ يزيد بن معاوية:

- ‌ وقعة الحرَّة:

- ‌ أمانة صاحب "الأغاني

- ‌ قصيدة حسان في مدح الزبير:

- ‌ قصيدة النعمان بن بشير:

- ‌ ميل الأنصار إلى علي وتأييده:

- ‌ تهاجي ابن حسان وابن الحكم:

- ‌ عقوبة الشاعرين جزاء تهاجيهما:

- ‌ العصبية في بني أمية:

- ‌ رواية الشعر الجاهلي:

- ‌ قريش وانتحال الشعر:

- ‌ رواية ابن إسحق:

- ‌ القدماء ونقد الشعر:

- ‌ أثر السياسة في اصطناع الشعر الجاهلي:

- ‌ الشك في صحة الشعر الجاهلي:

- ‌الدين وانتحال الشعر

- ‌ شياطين الشعراء:

- ‌ وجود الجن حقيقة:

- ‌ حديث القرآن عن الجن:

- ‌ أشعار الجن

- ‌ النبي صلى الله عليه وسلم مكتوب في التوراة والإنجيل:

- ‌ محمد صلى الله عليه وسلم صفوة الإنسانية:

- ‌ انتحال البطون القرشية للأخبار والأشعار:

- ‌ قصة أبي بكر بن عبد الرحمن:

- ‌ الشعر المنسوب لآدم عليه السلام

- ‌ الاستشهاد على القرآن بالشعر:

- ‌ من يحق له أن يفسر القرآن

- ‌ المعتزلة والشعر الجاهلي:

- ‌ رواية الجاحظ للشعر:

- ‌ دين الإسلام هو ملة إبراهيم عليه السلام

- ‌ معنى الحنيفية:

- ‌ توحيد الله وإفراده بالعبادة:

- ‌ الإِسلام لم يجدد دين إبراهيم عليه السلام

- ‌ المعاني الدينية في الشعر الجاهلي:

- ‌ شعر أمية بن أبي الصلت:

- ‌ شبهة أن للقرآن مصادر من اليهودية والنصرانية:

- ‌ قصة النهي عن رواية شعر أمية بن أبي الصلت:

- ‌ انتحال شعر أمية بن أبي الصلت:

- ‌ الإِسلام والسيف والجزية:

- ‌ الإِسلام إصلاح لكل مزاج منحرف:

- ‌ تقسيم الشعر الجاهلي:

- ‌ شعر عديّ بن زيد:

- ‌ انتحال ولد السموأل للشعر:

- ‌القصص وانتحال الشعر

- ‌ العناية بدرس فن القصص:

- ‌ القرآن يهدي للتي هي أقوم:

- ‌ نظرة علماء العربية إلى الأدب:

- ‌ وضع الأحاديث:

- ‌ الشركة القصصية:

- ‌ الشعر في "سيرة ابن هشام

- ‌ الأمة العربية ليست كلها شاعرة:

- ‌ شعر الإمام علي:

- ‌ الشعر المنسوب إلى قائل غير معروف:

- ‌ الشعر الصادر عن العرب:

- ‌ إنكار رواية ابن إسحاق للشعر:

- ‌ مقدرة القدماء على النقد:

- ‌ قصة الزبّاء:

- ‌ أخبار العرب وآدابهم:

- ‌ حرب البسوس:

- ‌ عاد وثمود:

- ‌ تبع وحمير وسيل العرم:

- ‌الشعوبية وانتحال الشعر

- ‌ قصة إسماعيل بن يسار:

- ‌ شعر الأعشى، وعدي بن زيد:

- ‌ أبيات أبي الصلت بن ربيعة:

- ‌ أبيات إسماعيل بن يسار:

- ‌ واقعة ذي قار:

- ‌ علماء اللغة والأدب والكلام والفلسفة:

- ‌ أبو عبيدة معمر بن المثنى:

- ‌ علماء الموالي والإِسلام:

- ‌ الشعوبية والزندقة:

- ‌ خير العلم ما حمل عن أهله:

- ‌ انفراد الجاحظ بالرواية:

- ‌الرواة وانتحال الشعر

- ‌ رواة الأدب:

- ‌ حديث الأربعاء:

- ‌ حمّاد الراوية، وخلف الأحمر:

- ‌ القدماء من الزنادقة وإخوانهم في هذا العصر:

- ‌ رواية المفضل الضبّي:

- ‌ قصيدة الحطيئة في مدح أبي موسى:

- ‌ قصة حمّاد مع المهدي:

- ‌ خلف ووالبة بن الحباب:

- ‌ الراوية أبو عمرو الشيباني:

- ‌ إيجار الراوية نفسه للقبائل:

- ‌ الراوية أبو عمرو بن العلاء:

- ‌ الأصمعي واصطناع الشعر:

- ‌ معانقة الكذب للزندقة:

- ‌ فصحاء الأعراب:

- ‌ قصة داود وأبي عبيدة:

- ‌ انتحال الشعر وتلفيقه في حياة المسلمين:

- ‌ نقد الرواية والرواة:

- ‌الكتاب الثالثالشعر والشعراء

- ‌قصص وتاريخ

- ‌ السخط على الرأي:

- ‌ نية الانحراف عن الأدب:

- ‌ القابض على الماء:

- ‌ عناية العرب برواية الشعر وإنشاده:

- ‌ كلحم خنزير ميت، حرام في حرام:

- ‌ نوبة أنصار القديم وأنصار الجديد:

- ‌ حديث قيس بن الملوّح:

- ‌ الطيب والخبيث في كتب الأدب:

- ‌ أداة حاكية، وكتب ومقالات متحركة:

- ‌ الملكات الناقدة:

- ‌ نقد خرافات في أفواه العجائز:

- ‌ قوة الحافظة عند القدماء والمعاصرين:

- ‌ عقول المحدثين والقدماء:

- ‌امرؤ القيس

- ‌ قبيلة امرئ القيس:

- ‌ ترجمة امرئ القيس:

- ‌ امرؤ القيس وعبد الرحمن بن الأشعث:

- ‌ شعر امرئ القيس:

- ‌ قصيدة امرئ القيس في السموأل:

- ‌ قصيدة الأعشى في شريح بن السموأل:

- ‌ قصة ذهاب امرئ القيس إلى القسطنطينية:

- ‌ امرؤ القيس: يمنيّ الأصل، نجدي المولد والنشأة:

- ‌ شعر امرئ القيس في أخواله:

- ‌ معلقة امرئ القيس:

- ‌ اختلاف الرواة في ألفاظ القصيدة:

- ‌ أبيات لامرئ القيس:

- ‌ تقسيم القصيدة إلى ثلاثة أقسام:

- ‌ الحديث عن القسم الثاني من القصيدة:

- ‌ الحديث عن القسم الثالث من القصيدة:

- ‌ امرؤ القيس و (هوميروس):

- ‌ امرؤ القيس وعلقمة:

- ‌علقمة

- ‌ معاصرة امرئ القيس لعلقمة:

- ‌عبيد

- ‌ عبيد بن الأبرص:

- ‌ قول ابن سلام في شعر عبيد:

- ‌ قصيدة عبيد:

- ‌ الكيد للحقيقة والتاريخ:

- ‌ قصيدتان لعلقمة:

- ‌عمرو بن قميئة

- ‌ عمرو بن قميئة، مهلهل، جليلة:

- ‌ قصة ابن قميئة وقصيدته في عمه:

- ‌ أبيات لابن قميئة:

- ‌ العودة لقصة حرب البسوس:

- ‌مهلهل

- ‌ المتقدمون من الشعراء:

- ‌جليلة

- ‌عمرو بن كلثوم

- ‌ قصيدة عمرو بن كلثوم:

- ‌ قصة قتل عمرو بن كلثوم لعمرو بن هند:

- ‌ اختلاف الرواة في أبيات من قصيدة ابن كلثوم:

- ‌ ألا لا يجهلن أحد علينا:

- ‌ كيف كان شعراء ربيعة يتحدثون

- ‌الحارث بن حلزة

- ‌ الأقواء في بيت لابن حلّزة:

- ‌ المقايسة بين قصيدتين:

- ‌طرفة بن العبد

- ‌ مطلع قصيدة طرفة:

- ‌ سهولة الألفاظ وغرابتها في الشعر الجاهلي:

- ‌ أبيات طرفة في وصف الناقة:

- ‌ الحديث عن اللهو واللذة والإلحاد:

- ‌ نقد الرواة لشعر طرفة:

- ‌المتلمّس

- ‌ المتلمس أحد شعراء بني ضبيعة:

- ‌نتيجة البحث

- ‌ طريقة المؤلف في درس الشعر الجاهلي:

- ‌ نتيجة البحث:

- ‌ شعر مضر واليمن وربيعة:

- ‌ هدم الآراء الحائرة والأقوال الخادعة:

- ‌ سبيل أهل العلم في الشعر الجاهلي:

- ‌ نفي الشعر الجاهلي لا يمس القرآن بسوء:

- ‌ عربية القرآن حكم مسمّط:

- ‌ عناية المسلمين بالشعر:

- ‌ إننا أمة بحث ونظر:

- ‌تر‌‌اجم الأعلام

- ‌ا

- ‌ ب

- ‌ت

- ‌ث

- ‌ج

- ‌ح

- ‌خ

- ‌د

- ‌ ذ

- ‌ر

- ‌ز

- ‌ س

- ‌ص

- ‌ ش

- ‌ط

- ‌ ض

- ‌ع

- ‌ف

- ‌ق

- ‌ل

- ‌ ك

- ‌م

- ‌ ن

- ‌و

- ‌ ه

- ‌ي

الفصل: ‌ العرب قبل الإسلام:

ذلك التاريخ بروية وأناة؟

يصف المؤلف العامة بأنهم الذين كان النبي صلى الله عليه وسلم يتألفهم بالمال، والمعروف في تاريخ ذلك العهد أنه عليه الصلاة والسلام يتألف الفريق الذين يسميهم المؤلف: مستنيرين وممتازين، ومن هؤلاء أبو سفيان الذي يلقبه المؤلف بزعيم قريش وحازمها، وابنه معاوية الذي أصبح مثلاً لنباهة الرأي والدهاء في السياسة، وفي "صحيح البخاري":"بعث علي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذهيبة، فقسمها بين أربعة: الأقرع بن حابس، وعيينة بن بدر الفزاري، وزيد الطائي، وعلقمة بن علاثة العامري، فغضبت قريش والأنصار، قالوا: يعطي صناديد أهل نجد، ويدعنا؟! قال صلى الله عليه وسلم: إنما أتألفهم". ولم يقل أحد من أهل العلم: إن التأليف بالمال كان لطبقة العامة الذين لم يكن النبي- عليه الصلاة والسلام يجادلهم ويجاهدهم، بل ترى بعضهم يجعل المؤلفة قلوبهم أشراف العرب كما قال صاحب "الكشاف":"هم أشراف من العرب كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستألفهم على أن يسلموا". ومنهم من يجعلهم طائفتين كما قال الشهاب القسطلاني في "شرح الجامع الصحيح": "هم قوم أسلموا ونيتهم ضعيفة، فيستألف قلوبهم، أو أشراف يرقب بإعطائهم ومراعاتهم إسلام نظرائهم".

*‌

‌ العرب قبل الإسلام:

قال المؤلف في (ص 21): "والقرآن لا يمثل الأمة العربية متدينة مستنيرة فحسب، بل هو يعطينا منها صورة أخرى يدهش لها الذين تعودوا أن يعتمدوا على هذا الشعر الجاهلي في درس الحياة العربية قبل الإسلام، فهم يعتقدون أن العرب كانوا قبل الإسلام أمة معتزلة تعيش في صحرائها، لا تعرف العالم

ص: 77

الخارجي، ولا يعرفها العالم الخارجي".

ادّعى المؤلف -فيما سلف- أنه استنبط من القرآن شيئاً خفي على القدماء، وهو أن للأمة العربية ديناً، وفيها طبقة مستنيرة، وادّعى في هذا الموضع: أنه انتزع من القرآن صورة أخرى، ووصفها بأنها ستدهش الذين تعودوا أن يعتمدوا على هذا الشعر الجاهلي في درس الحياة الجاهلية، وسيعرض هذه الصورة المدهشة في قوله: إن العرب قبل الإسلام أصحاب سياسة متصلة بالسياسة العامة، متأثرة بها، مؤثرة فيها.

ابتدأ في تقرير هذه النظرية بدعوى أن الذين تعودوا أن يعتمدوا على الشعر الجاهلي، يعتقدون أن العرب في جاهليتهم كانوا في عزلة وانقطاع عن العالم الخارجي، لا يسمعون عنه خبراً، ولا يعرف لهم شأناً.

وهل يصدّق أحد أن من يدرسون الشعر الجاهلي يتصورون العرب أمة معتزلة في صحراء من الأرض، لا تعرف عما وراء حدودها من أحوال الأمم شيئاً؟ ومن أين يأتيهم هذا التصور، وهم يجدون في هذا الشعر الجاهلي والأخبار المتصلة به ما يحدثهم بأن من الشعراء -وهم زعماء القبائل- من كانوا يسافرون إلى الشام، وإلى اليمن، بل إلى فارس، وإلى القسطنطينية، تجد هذا في شعر عمرو بن كلثوم، وامرئ القيس، وأمية بن أبي الصلت، والأعشى ميمون بن قيس.

هم يعرفون أشياء تبرئهم من أن يتصوروا العرب أمة ملقاة في فلاة من الأرض، ألم يدرسوا قول عمرو بن كلثوم:

وكأس قد شربت ببعلبكّ

وأخرى في دمشق "اللّذ تلينا"(1)

(1) كذا في الأصل. وفي الديوان: "وقاصرينا".

ص: 78

أو لم يدرسوا قول امرئ القيس:

بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه

وأيقن أنا لاحقان بقيصرا

فقلت له: لا تبك عيناك إنما

نحاول ملكاً أو نموت فنعذرا

أو لم يقرؤوا أن أبا الصلت، أو أمية بن أبي الصلت رحل إلى سيف ابن ذي يزن ليهنئه بالانتصار على الحبشة، وأنشد بين يديه قصيدته التي يقول فيها:

فاشرب هنيئاً عليك التاج مرتفعاً

في رأس غمدان داراً منك محلالاً

وقال فيها:

من مثل كسرى وسابور الجنود له

أو مثل وهرز يوم الجيش إذ صالا

بلى! وقرؤوا أن الأعشى كان "يفد على ملوك فارس، ولذلك كثرت الفارسية في شعره"(1). وقرؤوا أن النعمان بن المنذر وفد على كسرى بطائفة من فصحاء العرب: أكثم بن صيفي، وحاجب بن زرارة، والحارث بن عباد البكري، وعمرو بن الشريد، وخالد بن جعفر، وعلقمة بن علاثة، وقيس ابن مسعود، وعامر بن الطفيل، وعمرو بن معدي كرب، والحارث بن ظالم. وقرؤوا أن قابوس بن المنذر الأكبر بعث إلى كسرى بن هرمز بعديّ ابن زيد وإخوته، فكانوا في كتّابه يترجمون.

وإذا كان هذا الشعر والأخبار المتصلة به من قبيل المصطنع في نظر المؤلف، فذلك بحث آخر لا يعنيه المؤلف في هذا المقام، فهم على أي حال لا يتصورون العرب في ذلك الانقطاع البعيد كما يدّعي عليهم، ولا يستطيعون

(1)"الشعر والشعراء" لابن قتيبة (ص 137).

ص: 79