الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في بعض أبياتها.
وقال في (ص 166): "وأولئك وهؤلاء لا يختلفون في إنطاق عمرو ابن عدّي بالبيتين:
صددت الكأس عنّا أم عمرو
…
وكان الكأس مجراها اليمينا
وما شرُ الثلاثة أم عمرو
…
بصاحبك الذي لا تصبحينا
من الرواة من لم ينطق بهذين البيتين عمرو بن عدي، وهو من يعزوهما إلى عمرو بن معدي كرب أحد الشعراء المخضرمين المتوفى في آخر خلافة عمر رضي الله عنه، ذكر صاحب الأغاني البيتين، وقال:"قد زعم بعض الرواة أن هذا الشعر لعمرو بن معدي كرب"، وساق على هذا ما يرويه الهيثم بن عديّ عن ابن عباس من أن:"هذا الشعر لعمرو بن معدي كرب في ربيعة ابن نصر اللخمي"(1).
ومن الرواة من يرجح أن يكونا لعمرو بن عديّ، ويقول: إن ابن كلثوم أدخلهما في قصيدته (2). وسواء أكان البيتان لابن عديّ، وأدخلهما ابن كلثوم في قصيدته، أم نحلهما ابن كلثوم بعضُ الرواة، فإن ورودهما في القصيدة وشأنهما ظاهر لا يسري إلى سائر القصيدة بالاصطناع، وربما كان نقدهما من دلائل صحة ما لا يختلف الرواة في أنه لعمرو بن كلثوم.
*
ألا لا يجهلن أحد علينا:
قال المؤلف في (ص 167): "وستجد فيها أبياتاً تمثل إباء البدوي
(1)(ج 14 ص 73).
(2)
"خزانة الأدب"(ج 3 ص 498).
للضيم، واعتزازه بقوته وبأسه؛ كقوله:
ألا لا يجهلن أحدٌ علينا
…
فنجهل فوق جهل الجاهلينا
قلت: إن هذا البيت يمثل إباء البدوي للضيم، ولكني أسرع فأقول: إنه لا يمثل سلامة الطبع البدوي، وإعراضه عن تكرار الحروف إلى هذا الحد الممل:
ألا لايجهلنْ أحدٌ علينا
…
فنجهل فوق جهل الجاهلينا
فقد كثرت هذه الجيمات والهاءات واللامات، واشتد هذا الجهل حتى ملّ".
مَن الذي يقرأ هذا البيت، ويجد له في النطق عسراً، أو في الذوق ثقلاً، أو في النفس مللاً؟ إن هذا البيت سهل على اللسان، خفيف على الذوق، طريف في النفس، والتكرار في ذاته لا يخدش وجه الفصاحة، وإنما مرجعه الذوق السليم، فهو الذي يقضي بسوء أثره، أو حسن موقعه من الكلام، وقد بسط البحث وحققه على هذا الوجه الشيخ عبد القاهر الجرجاني في "دلائل الإعجاز"، وضرب أمثلة للتكرار الذي لا يمس فصاحة الكلام، ومن هذه الأمثلة:
وجهلٌ كجهل السيف والسيفُ منتضىً
…
وحِلْمٌ كحلم السيف والسيفُ مغمد
ولعل بعض أشياع المؤلف يذهب إلى أنّ من لم يرم هذا البيت بقلة الفصاحة، فذوقه غير سليم، فنقول لهم: اقرؤوا البيت خالية أذهانكم من كل ما قاله صاحبكم فيه، ثم انظروا ماذا ترون؟!.
نحن نعلم أن الذوق هو الذي يستفتى في شأن التكرار، ولهذا لم نعب