المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ علماء الموالي والإسلام: - موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين - جـ ٨

[محمد الخضر حسين]

فهرس الكتاب

- ‌(14)«نَقْضُ كِتَابِ فِي الشِّعْرِ الجَاهِلي»

- ‌المقدمة

- ‌مقدّمَة الإمام محمّد الخضر حسين

- ‌محمّد الخضر حسين

- ‌الكِتابُ الأَوَّلُ

- ‌تَمهيد

- ‌ قيمة البحث العلمي:

- ‌ إعجاب المؤلف ببحثه:

- ‌ الحجة وصدق اللهجة:

- ‌ وجوه البحث الأدبي:

- ‌ البحث في علم المتقدمين:

- ‌ البحث العلمي بين مذهبي المناقشة والنقد:

- ‌ دراسة الشعر الجاهلي:

- ‌ التوسع في البحث وحريته:

- ‌ لباب الأدب وموضوعه:

- ‌ باب البحث الأدبي ما يزال مفتوحاً:

- ‌ اللذة في اعتناق الحكمة:

- ‌ الشك .. خفته وشدته:

- ‌ مسألة الشعر الجاهلي:

- ‌ عناية القدماء بشؤون العرب:

- ‌ الثورات الفكرية:

- ‌ تغيير التاريخ:

- ‌ الطعن والغمز:

- ‌ الدعاية إلى غير سبيل المؤمنين:

- ‌ نظرية الشك في الشعر الجاهلي:

- ‌ توارد طه حسين ومرغليوث:

- ‌ ما بقي من الشعر الجاهلي:

- ‌ مس شعور الأمة المسلمة:

- ‌ إنكاره شعر امرئ القيس:

- ‌ جواب على سؤال:

- ‌ اليهودية والمسيحية في بلاد العرب:

- ‌ البحث الفني اللغوي:

- ‌ الاستشهاد بالشعر على تفسير القرآن:

- ‌ عدم رسوخ المؤلف في أصول اللغة:

- ‌منهج البحث

- ‌ الخروج عن الأدب والطعن في الإسلام:

- ‌ منهج ديكارت:

- ‌ تجرد الباحث من كل علم سابق:

- ‌ حرية البحث والاستقصاء في الأدب العربي القديم:

- ‌ نسيان القومية والدين:

- ‌ محاباة وإرضاء العواطف المضادة للدين:

- ‌ العلم لا يعترض حقائق الدين:

- ‌ التعصب للحقيقة:

- ‌ دراسة القدماء من المسلمين للعلوم:

- ‌ المتعصبون على الإسلام:

- ‌ التفريق بين العقل والقلب:

- ‌ لا تثريب على القدماء:

- ‌ الغض من العرب والنعي على الإسلام:

- ‌ الدين والعلم:

- ‌ عثرة في طريق العقائد:

- ‌ لا تصلح لمنهج ديكارت إلا البصيرة النافذة:

- ‌ منهج ديكارت لا يحمي المؤلف من المناقشة:

- ‌مرآة الحياة الجاهلية في القرآن لا في الشعر الجاهلي

- ‌ دراسة الحياة الجاهلية:

- ‌ القرآن لم يات مؤرخاً ولا مادحاً:

- ‌ شعراء عصر النبوة:

- ‌ الحياة الجاهلية في الشعر الأموي:

- ‌ الشماخ عاصر النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يجادله

- ‌ نظرية: أن القرآن أصدق مرآة لحياة الجاهلية:

- ‌ القرآن ليس جديداً كله على العرب:

- ‌ حديث القرآن عن الديانات:

- ‌ القرآن برهان هداية وسعادة:

- ‌ الهجوم على الإسلام تحت ستار البحث العلمي:

- ‌ القرآن تحدث عن العرب وغيرهم:

- ‌ الشعر الديني في الحياة الجاهلية:

- ‌ دلالة القرآن على العرب:

- ‌ الجاهليون المجادلون:

- ‌ منزلة الشعر الجاهلي:

- ‌ طبقة المستنيرين وطبقة العامة:

- ‌ ليس في القرآن ما يخالف العلم الصحيح:

- ‌ العرب في عهد النبوة:

- ‌ العرب قبل الإسلام:

- ‌ الشعر الإسلامي أرقى من الشعر الجاهلي:

- ‌ اتصال العرب بالروم والفرس:

- ‌ رحلة الشتاء والصيف:

- ‌ عجز المؤلف:

- ‌ المؤلف وعد وأخلف:

- ‌الشعر الجاهلي واللغة

- ‌ تعرّف اللغة الجاهلية:

- ‌ القحطانية والعدنانية:

- ‌ أول من تكلم بالعربية

- ‌ اللغة القحطانية واللغة العدنانية:

- ‌ أطوار اللغة العربية:

- ‌ اتصال نسب العدنانية بإسماعيل عليه السلام

- ‌ ورود اسم في القرآن دليل على وجوده التاريخي:

- ‌ قصة إسماعيل عليه السلام

- ‌ الحروب بين العرب واليهود:

- ‌ الإسلام بريء من هذا السخف والهزل:

- ‌ مكانة مكة في قلوب العرب:

- ‌ احترام العرب لمكة يتصل بعهد إسماعيل وإبراهيم:

- ‌ هل حاولت قريش توجيه وحدة سياسية

- ‌ البحث عن أصل تاريخي قديم:

- ‌ مقابلة الحجة باللغو:

- ‌ أمر الطعن في هذه القصة:

- ‌ الاختلاف بين اللغة العدنانية والقحطانية:

- ‌ العاربة والمستعربة:

- ‌ الشعر القحطاني والعدناني:

- ‌ للشعر لغة غير لغة الكلام:

- ‌الشعر الجاهلي واللهجات

- ‌ إنكار القبائل والأنساب:

- ‌ اختلاف لغات العرب العدنانية:

- ‌ العزلة العربية:

- ‌ لغة أدبية منذ عهد الجاهلية:

- ‌ اللهجة المتماثلة والأوزان المتشابهة في المطولات:

- ‌ أثر اختلاف القبائل في الشعر:

- ‌ تعدد القراءات في القرآن واختلافها:

- ‌ أثر اختلاف اللهجات في الشعر:

- ‌ أوزان الشعر التي دوَّنها الخليل:

- ‌ لهجات العرب والأوزان الشعرية:

- ‌ القرآن لم يفرض على العرب لغة واحدة:

- ‌ لغة قريش ولهجتها في البلاد العربية:

- ‌ الاستشهاد بالشعر الجاهلي في القرآن والحديث:

- ‌ شواهد ابن عباس رضي الله عنه

- ‌ قصتا البنات السبع:

- ‌ ختام الكتاب الأول:

- ‌الكتاب الثانيأسباب انتحال الشعر

- ‌ليس الانتحال مقصوراً على العرب

- ‌ الاطلاع على تاريخ الأمم القديمة:

- ‌ مقارنة بين الأمم الثلاث: العربية، واليونانية، والرومانية:

- ‌ تكرار الشكوى من أنصار القديم:

- ‌ منهج ديكارت، ومنهج ابن خلدون:

- ‌ العبقرية لا وطن لها:

- ‌ المستقبل للحقائق والحجج:

- ‌السياسة وانتحال الشعر

- ‌ العرب لم يستطيعوا الخلوص من الدين:

- ‌ ظهور العرب على العالم بالإسلام:

- ‌ الدين والسياسة عند العرب:

- ‌ الإسلام عقيدة وشريعة ونظام:

- ‌ مكافحة الهجَّائين بسلاحهم:

- ‌ إسلام أبي سفيان:

- ‌ الخلافة حقيقة شرعية:

- ‌ خلافة أبي بكر قائمة على رضا الأمة:

- ‌ مقتل سعد بن عبادة الأنصاري:

- ‌ المقيمون من قريش والأنصار:

- ‌ إنشاد حسان للشعر في المسجد النبوي:

- ‌ سيرة عمر بن الخطاب متجلية:

- ‌ كتابة الأنصار لأشعارهم:

- ‌ حديث عن العصبيات:

- ‌ العصبية في عهد معاوية ويزيد:

- ‌ تشبيب عبد الرحمن برملة:

- ‌ يزيد بن معاوية:

- ‌ وقعة الحرَّة:

- ‌ أمانة صاحب "الأغاني

- ‌ قصيدة حسان في مدح الزبير:

- ‌ قصيدة النعمان بن بشير:

- ‌ ميل الأنصار إلى علي وتأييده:

- ‌ تهاجي ابن حسان وابن الحكم:

- ‌ عقوبة الشاعرين جزاء تهاجيهما:

- ‌ العصبية في بني أمية:

- ‌ رواية الشعر الجاهلي:

- ‌ قريش وانتحال الشعر:

- ‌ رواية ابن إسحق:

- ‌ القدماء ونقد الشعر:

- ‌ أثر السياسة في اصطناع الشعر الجاهلي:

- ‌ الشك في صحة الشعر الجاهلي:

- ‌الدين وانتحال الشعر

- ‌ شياطين الشعراء:

- ‌ وجود الجن حقيقة:

- ‌ حديث القرآن عن الجن:

- ‌ أشعار الجن

- ‌ النبي صلى الله عليه وسلم مكتوب في التوراة والإنجيل:

- ‌ محمد صلى الله عليه وسلم صفوة الإنسانية:

- ‌ انتحال البطون القرشية للأخبار والأشعار:

- ‌ قصة أبي بكر بن عبد الرحمن:

- ‌ الشعر المنسوب لآدم عليه السلام

- ‌ الاستشهاد على القرآن بالشعر:

- ‌ من يحق له أن يفسر القرآن

- ‌ المعتزلة والشعر الجاهلي:

- ‌ رواية الجاحظ للشعر:

- ‌ دين الإسلام هو ملة إبراهيم عليه السلام

- ‌ معنى الحنيفية:

- ‌ توحيد الله وإفراده بالعبادة:

- ‌ الإِسلام لم يجدد دين إبراهيم عليه السلام

- ‌ المعاني الدينية في الشعر الجاهلي:

- ‌ شعر أمية بن أبي الصلت:

- ‌ شبهة أن للقرآن مصادر من اليهودية والنصرانية:

- ‌ قصة النهي عن رواية شعر أمية بن أبي الصلت:

- ‌ انتحال شعر أمية بن أبي الصلت:

- ‌ الإِسلام والسيف والجزية:

- ‌ الإِسلام إصلاح لكل مزاج منحرف:

- ‌ تقسيم الشعر الجاهلي:

- ‌ شعر عديّ بن زيد:

- ‌ انتحال ولد السموأل للشعر:

- ‌القصص وانتحال الشعر

- ‌ العناية بدرس فن القصص:

- ‌ القرآن يهدي للتي هي أقوم:

- ‌ نظرة علماء العربية إلى الأدب:

- ‌ وضع الأحاديث:

- ‌ الشركة القصصية:

- ‌ الشعر في "سيرة ابن هشام

- ‌ الأمة العربية ليست كلها شاعرة:

- ‌ شعر الإمام علي:

- ‌ الشعر المنسوب إلى قائل غير معروف:

- ‌ الشعر الصادر عن العرب:

- ‌ إنكار رواية ابن إسحاق للشعر:

- ‌ مقدرة القدماء على النقد:

- ‌ قصة الزبّاء:

- ‌ أخبار العرب وآدابهم:

- ‌ حرب البسوس:

- ‌ عاد وثمود:

- ‌ تبع وحمير وسيل العرم:

- ‌الشعوبية وانتحال الشعر

- ‌ قصة إسماعيل بن يسار:

- ‌ شعر الأعشى، وعدي بن زيد:

- ‌ أبيات أبي الصلت بن ربيعة:

- ‌ أبيات إسماعيل بن يسار:

- ‌ واقعة ذي قار:

- ‌ علماء اللغة والأدب والكلام والفلسفة:

- ‌ أبو عبيدة معمر بن المثنى:

- ‌ علماء الموالي والإِسلام:

- ‌ الشعوبية والزندقة:

- ‌ خير العلم ما حمل عن أهله:

- ‌ انفراد الجاحظ بالرواية:

- ‌الرواة وانتحال الشعر

- ‌ رواة الأدب:

- ‌ حديث الأربعاء:

- ‌ حمّاد الراوية، وخلف الأحمر:

- ‌ القدماء من الزنادقة وإخوانهم في هذا العصر:

- ‌ رواية المفضل الضبّي:

- ‌ قصيدة الحطيئة في مدح أبي موسى:

- ‌ قصة حمّاد مع المهدي:

- ‌ خلف ووالبة بن الحباب:

- ‌ الراوية أبو عمرو الشيباني:

- ‌ إيجار الراوية نفسه للقبائل:

- ‌ الراوية أبو عمرو بن العلاء:

- ‌ الأصمعي واصطناع الشعر:

- ‌ معانقة الكذب للزندقة:

- ‌ فصحاء الأعراب:

- ‌ قصة داود وأبي عبيدة:

- ‌ انتحال الشعر وتلفيقه في حياة المسلمين:

- ‌ نقد الرواية والرواة:

- ‌الكتاب الثالثالشعر والشعراء

- ‌قصص وتاريخ

- ‌ السخط على الرأي:

- ‌ نية الانحراف عن الأدب:

- ‌ القابض على الماء:

- ‌ عناية العرب برواية الشعر وإنشاده:

- ‌ كلحم خنزير ميت، حرام في حرام:

- ‌ نوبة أنصار القديم وأنصار الجديد:

- ‌ حديث قيس بن الملوّح:

- ‌ الطيب والخبيث في كتب الأدب:

- ‌ أداة حاكية، وكتب ومقالات متحركة:

- ‌ الملكات الناقدة:

- ‌ نقد خرافات في أفواه العجائز:

- ‌ قوة الحافظة عند القدماء والمعاصرين:

- ‌ عقول المحدثين والقدماء:

- ‌امرؤ القيس

- ‌ قبيلة امرئ القيس:

- ‌ ترجمة امرئ القيس:

- ‌ امرؤ القيس وعبد الرحمن بن الأشعث:

- ‌ شعر امرئ القيس:

- ‌ قصيدة امرئ القيس في السموأل:

- ‌ قصيدة الأعشى في شريح بن السموأل:

- ‌ قصة ذهاب امرئ القيس إلى القسطنطينية:

- ‌ امرؤ القيس: يمنيّ الأصل، نجدي المولد والنشأة:

- ‌ شعر امرئ القيس في أخواله:

- ‌ معلقة امرئ القيس:

- ‌ اختلاف الرواة في ألفاظ القصيدة:

- ‌ أبيات لامرئ القيس:

- ‌ تقسيم القصيدة إلى ثلاثة أقسام:

- ‌ الحديث عن القسم الثاني من القصيدة:

- ‌ الحديث عن القسم الثالث من القصيدة:

- ‌ امرؤ القيس و (هوميروس):

- ‌ امرؤ القيس وعلقمة:

- ‌علقمة

- ‌ معاصرة امرئ القيس لعلقمة:

- ‌عبيد

- ‌ عبيد بن الأبرص:

- ‌ قول ابن سلام في شعر عبيد:

- ‌ قصيدة عبيد:

- ‌ الكيد للحقيقة والتاريخ:

- ‌ قصيدتان لعلقمة:

- ‌عمرو بن قميئة

- ‌ عمرو بن قميئة، مهلهل، جليلة:

- ‌ قصة ابن قميئة وقصيدته في عمه:

- ‌ أبيات لابن قميئة:

- ‌ العودة لقصة حرب البسوس:

- ‌مهلهل

- ‌ المتقدمون من الشعراء:

- ‌جليلة

- ‌عمرو بن كلثوم

- ‌ قصيدة عمرو بن كلثوم:

- ‌ قصة قتل عمرو بن كلثوم لعمرو بن هند:

- ‌ اختلاف الرواة في أبيات من قصيدة ابن كلثوم:

- ‌ ألا لا يجهلن أحد علينا:

- ‌ كيف كان شعراء ربيعة يتحدثون

- ‌الحارث بن حلزة

- ‌ الأقواء في بيت لابن حلّزة:

- ‌ المقايسة بين قصيدتين:

- ‌طرفة بن العبد

- ‌ مطلع قصيدة طرفة:

- ‌ سهولة الألفاظ وغرابتها في الشعر الجاهلي:

- ‌ أبيات طرفة في وصف الناقة:

- ‌ الحديث عن اللهو واللذة والإلحاد:

- ‌ نقد الرواة لشعر طرفة:

- ‌المتلمّس

- ‌ المتلمس أحد شعراء بني ضبيعة:

- ‌نتيجة البحث

- ‌ طريقة المؤلف في درس الشعر الجاهلي:

- ‌ نتيجة البحث:

- ‌ شعر مضر واليمن وربيعة:

- ‌ هدم الآراء الحائرة والأقوال الخادعة:

- ‌ سبيل أهل العلم في الشعر الجاهلي:

- ‌ نفي الشعر الجاهلي لا يمس القرآن بسوء:

- ‌ عربية القرآن حكم مسمّط:

- ‌ عناية المسلمين بالشعر:

- ‌ إننا أمة بحث ونظر:

- ‌تر‌‌اجم الأعلام

- ‌ا

- ‌ ب

- ‌ت

- ‌ث

- ‌ج

- ‌ح

- ‌خ

- ‌د

- ‌ ذ

- ‌ر

- ‌ز

- ‌ س

- ‌ص

- ‌ ش

- ‌ط

- ‌ ض

- ‌ع

- ‌ف

- ‌ق

- ‌ل

- ‌ ك

- ‌م

- ‌ ن

- ‌و

- ‌ ه

- ‌ي

الفصل: ‌ علماء الموالي والإسلام:

فقد حدثوك عن أبي عبيدة بأنه شعوبي يبغض العرب، وينشر مثالبهم، وأروك أنه يجمع في أخبار العرب غثاً وسميناً؛ حتى لا تتلقى كل ما يرويه في هذا الشأن على أنه واقع حقاً، وقالوا لك: إنه ثقة فيما يرويه عن العرب من الغريب، حتى لا ترتاب فيما يجيئك على طريقه من كلم يعزوها إليهم، فقد بلوه وألفوه لا يقول في اللغة كذباً.

قالوا: إن أبا عبيدة أوسع علماء عصره رواية لأيام العرب وأخبارها، وأنه كان يجمع الغثّ والسمين، ولم يقولوا كما قال المؤلف: إنه الذي يرجع إليه العرب فيما يروون من لغة وأدب؛ فإن هذا التعبير ظاهر في أن سند اللغة والأدب إنما يتصل به، والواقع أن علماء اللغة والأدب الذين تقدموا أبا عبيدة، أو عاصروه في الطلب، وتلقت عنهم طبقة من بعدهم، ليسوا بقليل، ومن هؤلاء: الخليل بن أحمد، ويونس بن حبيب، وأبو عمرو بن العلاء، والمفضل الضبّي، وأبو زيد الأنصاري والأصمعي، وسيبويه، والكسائي، وأبو عمرو الشيباني، وابن الأعرابي، وأمثالهم.

وأخبار أيام العرب كانت تروى من قبل أبي عبيدة، فقد وصفوا قتادة ابن دعامة السدوسي بأنه كان عالماً بأنساب العرب وأيامها، وقالوا: لم يأتنا عن أحد من علم العرب أصح من شيء أتانا عن قتادة (1). وقتادة هذا من الرجال الذين أخذ عنهم شيوخ أبي عبيدة.

*‌

‌ علماء الموالي والإِسلام:

قال المؤلف في (ص 114): "وأما غير أبي عبيدة من علماء الموالي

(1)"المزهر"(ج 2 ص 171).

ص: 315

ومتكلميهم وفلاسفتهم، فقد كانوا يمضون في ازدراء العرب إلى غير حد، ينالونهم في حروبهم، ينالونهم في شعرهم، ينالونهم في خطابتهم، وينالونهم في دينهم أيضاً. فليست الزندقة إلا مظهراً من مظاهر الشعوبية".

من يقف على الحالة العلمية للعهد الأول، ويلم بحياة الرجال القائمين بها من عرب وعجم، يعرف صحة قول ابن خلدون في مقدمته:"إن حملة العلم في الإِسلام أكثرهم العجم"، ويدري بعد هذا: أن الكثرة المطلقة من أولئك العجم كانوا برآء من هذا الذي يدسه المؤلف في صدور طلاب العلم بالجامعة.

يقول المؤلف: إن الكثرة المطلقة من العلماء الذين انصرفوا إلى الأدب واللغة والكلام والفلسفة كانوا من العجم الموالي. ويقول: كان هؤلاء العلماء والمناظرون أصحاب ازدراء للعرب، ونعي عليهم، وغضّ منهم، ثم يصف هذه الكثرة المطلقة المؤلَّفة من العجم الموالي بأنهم كانوا يمضون في ازدراء العرب إلى غير حد، وأنهم كانوا ينالون العرب في حروبهم وشعرهم، وخطابتهم ودينهم.

قد سردنا عليك أسماء طائفة من هذه الكثرة المطلقة التي يرميها المؤلف بوصمة عدم الإخلاص للعرب أو الإِسلام، ويذهب به الافتيات على التاريخ إلى أن يقول لك: ينالونهم في دينهم. ومن ذا يصدق بن أمثال سيبويه، وأبي عبيد القاسم بن سلام، والكسائي، والفرّاء، وابن الأعرابي، وأبي عمرو الشيباني تنال ألسنتهم أو أقلامهم من دين الإِسلام؟!.

ولم تكن الكثرة في علماء الكلام والفلسفة للموالي، وإنما الكثرة المطلقة للعجم، وليس كل العجم موالي، ومن العجم أو الموالي من لا يفضِّل

ص: 316

أعجمياً على عربي إلا بالتقوى. وهذا ابن قتيبة -وهو فارسي- قد كان من أشد أنصار العرب، وأوسعهم بياناً في الرد على الشعوبية، وذلك الجاحظ -وهو من الموالي- قد أنفق "ما يملك من قوة ليثبت أن العرب يستطيعون أن ينهضوا لكل هذه المفاخر الأعجمية، وأن يأتوا بخير منها"(1).

وليس الإِسلام دين العرب وحدهم، وإنما هو أدب الإنسانية، ونظام الحياة الراقية، وفي العجم والموالي من نصحوا له نصحَ العرب، فجاهدوا في إعلاء كلمته، وأنفقوا ما أوتوا من قوة في بيان حكمته، ولا يغضّ منه إلا من نشأ على غير روية، وأصبح الشر من طرف لسانه قريباً.

ليست المسألة نظرية محضة حتى يسهل على المؤلف أن يتحدث فيها باجتهاده المطلق، وإنما هي مسألة تاريخية، والمسائل التاريخية لا يترك فيها المنقول إلى غير منقول.

يحكي التاريخ: أن طائفة قامت تنادي بالمساواة بين الشعوب، فسمّوا:"أهل التسوية"، وسمّوا:"الشعوبية"، وربما يغلو بعض أفراد من هذه الطائفة، فيذهب إلى ازدراء العرب، والغضّ من شأنهم، ولا يبلغ ازدراء العرب إلى أن يكون زندقة، وما هو إلا كازدراء التميمي أو الأنصاري لقريش، لا يتجاوز أن يكون هوى غالباً، أو عصبية عمياء، وقد يصف التاريخ بهذه النزعة بعض أشخاص؛ كأبي عبيدة، وإسماعيل بن يسار، وسهل بن هارون.

ولا تتعدى هذه الطائفة أن تنال العرب في بعض عوائدهم وشؤونهم القومية، وأكثر ما تمشي في ذمهم إلى أيام جاهليتهم، ولا تجدها تضرب إلى

(1) كتاب "في الشعر الجاهلي"(ص 115).

ص: 317

ساحة الدين ولو خطوة؛ لأن العجمي والعربي أصبحا فيه على سواء.

وحدثنا التاريخ في مقام منفصل عن المقام الذي حدثنا فيه عن الشعوبية: أن هناك طائفة كانت تتظاهر بأنها "تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر"، وهي منطوية على زندقة، وقد حمل التاريخ أسماء أفراد كانوا يتهمون بهذه النحلة، والزنادقة في كل عصر مظهر الفسوق والمجون، وأول رذيلة يركبون غاربها رذيلة الاختلاق وسوء التأويل، هم يعرفون أن في الإِسلام حكمة وحجة، وأنه أنشأ رجالاً يمثلون الاستقامة والعبقرية في أسمى مظاهرهما، فيصرفون همهم إلى إراءة حقائقه في غير صبغتها، صالى الحديث عن تاريخ رجاله بمبالغات أو مبتدعات هم برآء منها.

يضطرب المؤلف فيما يكتب؛ لأنه يحب أن يغير حقائق التاريخ، والحقائق لا تتغير بالأقوال المنسوجة على نظام يقول فيما سلف: إن الأدب العربي لم يدرس في العصور الإِسلامية الأولى لنفسه، وإنما درس من حيث هو وسيلة إلى تصير القرآن وتأويله، واستنباط الأحكام منه ومن الحديث. ويضاهي هذا قولهُ يصف الأمة العربية في رواية "حديث الأربعاء":"كانت تنجذب إلى الوراء بحكم الدين، وبحكم اللغة التي لم تكن كغيرها من اللغات، وإنما كانت لغة دينية، فالاحتفاظ بأصولها وقواعدها، والاحتياط في صيانتها من التطور وآثاره السيئة واجب ديني، لا سبيل إلى جحوده"(1).

يقول هذا وذاك، ثم لا يجد مانعاً من أن يقول لك: إن الكثرة المطلقة

(1)(ج 1 ص 11).

ص: 318