الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال: "اضرب مثلاً آخر قد يدهش له الذين يدرسون الأدب العربي؛ لأنهم لم يتعودوا مثله من الباحثين عن تاريخ الأدب"!.
وهذا الحديث المدهش -على سذاجته، وعدم توقف استنباطه على قريحة جيدة- قد وقع إلى أذن المؤلف ما يشابهه يوم تلي عليه مقال الدكتور (مرغليوث) المنشور في "مجلة الجمعية الآسيوية" حيث يقول:"نسلم أن سطوة الإسلام أرغمت قبائل جزيرة العرب على توحيد لغتهم بتقديمه مثالاً أدبيًا لا يقبل الجدل في جودته وعلو شأنه، وهو القرآن، ولهذا نظائر، فإن فتوحات رومة عملت بإيطاليا وبلاد الغول وإسبانيا مثل ذلك، ولكن من الصعب قبول فكرة أن يكون قبل هذا العامل الحيوي لغة عامة لقبائل الجزيرة، تختلف عن لغات المخطوطات، وتشمل جميع الجزيرة".
*
لغة قريش ولهجتها في البلاد العربية:
قال المؤلف في (ص 38): "فالمسألة إذن هي أن نعلم: أسادت لغة قريش ولهجتها في البلاد العربية، وأخضعت العرب لسلطانها في الشعر والنثر قبل الإسلام أم بعده؟ أما نحن، فنتوسط ونقول: إنها سادت قبيل الإِسلام، حين عظم شأن قريش، وحين أخذت مكة تستحيل إلى وحدة سياسية مستقلة مقاومة للسياسة الأجنبية التي كانت تتسلط على أطراف البلاد العربية، ولكن سيادة لغة قريش قبيل الإسلام لم تكن شيئاً يذكر، ولم تكن تتجاوز الحجاز".
يعترف المؤلف بأن لسان قريش أحرز سيادة لعهد الجاهلية، ثم يزعم أن هذه السيادة لم تمتد في عصر الجاهلية إلا قليلاً عئر عنه بقبيل الإسلام، وقد شعر بأن المقدر لطور من أطوار الأمم يحتاج إلى بيان بدئه وأصل
نشاته، فذكر أن مبدأ تلك السيادة الحينُ الذي عظم فيه شأن قريش، وأخذت مكة تستحيل فيه إلى وحدة سياسية مستقلة مقاومة للسياسة الأجنبية التي كانت تتسلط على أطراف البلاد العربية.
متى أخذت قريش في نهضة عربية ترمي إلى مقاومة السياسة الأجنبية؟.
حدثنا التاريخ: أن أحد ملوك الحبشة باليمن خرج بجيش قبل البعثة النبوية بنحو أربعين سنة، وأقبل يشق البلاد العربية حتى نزل بالحرم ليهدم البيت الحرام، ولولا حماية الله، لأصبحت الكعبة خاوية على عروشها.
حدثنا التاريخ: أن حرباً وقعت بين الفرس وبعض القبائل العربية في صدر البعثة النبوية، وهي المسماة بيوم ذي قار، ولم نتلمح من خلال هذه الواقعة أو من ورائها صلة بين تلك القبائل، وهؤلاء القائمين بنهضة سياسية عربية.
فإن كان المؤلف لا يصدق بخبر هذا اليوم، فليأتنا بحديث أوثق منه سندًا يشهد بأن قريشاً قامت قبيل الإسلام بحركة ترمي إلى وحدة عربية سياسية.
لا نطالبه باثبات أن قريشاً دخلت، أو اشتركت في حرب مع أمة أجنبية، ولا نطالبه بإثبات أنها كانت تأتي إلى مثل "أولئك الذين قاموا يجادلون النبي صلى الله عليه وسلم بقوة الجدال، والقدرة على الخصام، والشدة في المحاورة"، وترسل منهم وفودًا يطوفون في البلاد، ويعقدون بين القبائل وحدة سياسية عربية، بل نطالبه بأيسر من هذا كله، وهو أن هذه القبائل كانت تحج البيت الحرام في كل عام، ويتسابق شعراؤها وخطباؤها في حلبة البيان، فهل يستطيع أن يأتينا ببيت من قصيدة، أو فقرة من خطبة قام بها قرشي، أو غير قرشي، يدعو بها