المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ وجود الجن حقيقة: - موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين - جـ ٨

[محمد الخضر حسين]

فهرس الكتاب

- ‌(14)«نَقْضُ كِتَابِ فِي الشِّعْرِ الجَاهِلي»

- ‌المقدمة

- ‌مقدّمَة الإمام محمّد الخضر حسين

- ‌محمّد الخضر حسين

- ‌الكِتابُ الأَوَّلُ

- ‌تَمهيد

- ‌ قيمة البحث العلمي:

- ‌ إعجاب المؤلف ببحثه:

- ‌ الحجة وصدق اللهجة:

- ‌ وجوه البحث الأدبي:

- ‌ البحث في علم المتقدمين:

- ‌ البحث العلمي بين مذهبي المناقشة والنقد:

- ‌ دراسة الشعر الجاهلي:

- ‌ التوسع في البحث وحريته:

- ‌ لباب الأدب وموضوعه:

- ‌ باب البحث الأدبي ما يزال مفتوحاً:

- ‌ اللذة في اعتناق الحكمة:

- ‌ الشك .. خفته وشدته:

- ‌ مسألة الشعر الجاهلي:

- ‌ عناية القدماء بشؤون العرب:

- ‌ الثورات الفكرية:

- ‌ تغيير التاريخ:

- ‌ الطعن والغمز:

- ‌ الدعاية إلى غير سبيل المؤمنين:

- ‌ نظرية الشك في الشعر الجاهلي:

- ‌ توارد طه حسين ومرغليوث:

- ‌ ما بقي من الشعر الجاهلي:

- ‌ مس شعور الأمة المسلمة:

- ‌ إنكاره شعر امرئ القيس:

- ‌ جواب على سؤال:

- ‌ اليهودية والمسيحية في بلاد العرب:

- ‌ البحث الفني اللغوي:

- ‌ الاستشهاد بالشعر على تفسير القرآن:

- ‌ عدم رسوخ المؤلف في أصول اللغة:

- ‌منهج البحث

- ‌ الخروج عن الأدب والطعن في الإسلام:

- ‌ منهج ديكارت:

- ‌ تجرد الباحث من كل علم سابق:

- ‌ حرية البحث والاستقصاء في الأدب العربي القديم:

- ‌ نسيان القومية والدين:

- ‌ محاباة وإرضاء العواطف المضادة للدين:

- ‌ العلم لا يعترض حقائق الدين:

- ‌ التعصب للحقيقة:

- ‌ دراسة القدماء من المسلمين للعلوم:

- ‌ المتعصبون على الإسلام:

- ‌ التفريق بين العقل والقلب:

- ‌ لا تثريب على القدماء:

- ‌ الغض من العرب والنعي على الإسلام:

- ‌ الدين والعلم:

- ‌ عثرة في طريق العقائد:

- ‌ لا تصلح لمنهج ديكارت إلا البصيرة النافذة:

- ‌ منهج ديكارت لا يحمي المؤلف من المناقشة:

- ‌مرآة الحياة الجاهلية في القرآن لا في الشعر الجاهلي

- ‌ دراسة الحياة الجاهلية:

- ‌ القرآن لم يات مؤرخاً ولا مادحاً:

- ‌ شعراء عصر النبوة:

- ‌ الحياة الجاهلية في الشعر الأموي:

- ‌ الشماخ عاصر النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يجادله

- ‌ نظرية: أن القرآن أصدق مرآة لحياة الجاهلية:

- ‌ القرآن ليس جديداً كله على العرب:

- ‌ حديث القرآن عن الديانات:

- ‌ القرآن برهان هداية وسعادة:

- ‌ الهجوم على الإسلام تحت ستار البحث العلمي:

- ‌ القرآن تحدث عن العرب وغيرهم:

- ‌ الشعر الديني في الحياة الجاهلية:

- ‌ دلالة القرآن على العرب:

- ‌ الجاهليون المجادلون:

- ‌ منزلة الشعر الجاهلي:

- ‌ طبقة المستنيرين وطبقة العامة:

- ‌ ليس في القرآن ما يخالف العلم الصحيح:

- ‌ العرب في عهد النبوة:

- ‌ العرب قبل الإسلام:

- ‌ الشعر الإسلامي أرقى من الشعر الجاهلي:

- ‌ اتصال العرب بالروم والفرس:

- ‌ رحلة الشتاء والصيف:

- ‌ عجز المؤلف:

- ‌ المؤلف وعد وأخلف:

- ‌الشعر الجاهلي واللغة

- ‌ تعرّف اللغة الجاهلية:

- ‌ القحطانية والعدنانية:

- ‌ أول من تكلم بالعربية

- ‌ اللغة القحطانية واللغة العدنانية:

- ‌ أطوار اللغة العربية:

- ‌ اتصال نسب العدنانية بإسماعيل عليه السلام

- ‌ ورود اسم في القرآن دليل على وجوده التاريخي:

- ‌ قصة إسماعيل عليه السلام

- ‌ الحروب بين العرب واليهود:

- ‌ الإسلام بريء من هذا السخف والهزل:

- ‌ مكانة مكة في قلوب العرب:

- ‌ احترام العرب لمكة يتصل بعهد إسماعيل وإبراهيم:

- ‌ هل حاولت قريش توجيه وحدة سياسية

- ‌ البحث عن أصل تاريخي قديم:

- ‌ مقابلة الحجة باللغو:

- ‌ أمر الطعن في هذه القصة:

- ‌ الاختلاف بين اللغة العدنانية والقحطانية:

- ‌ العاربة والمستعربة:

- ‌ الشعر القحطاني والعدناني:

- ‌ للشعر لغة غير لغة الكلام:

- ‌الشعر الجاهلي واللهجات

- ‌ إنكار القبائل والأنساب:

- ‌ اختلاف لغات العرب العدنانية:

- ‌ العزلة العربية:

- ‌ لغة أدبية منذ عهد الجاهلية:

- ‌ اللهجة المتماثلة والأوزان المتشابهة في المطولات:

- ‌ أثر اختلاف القبائل في الشعر:

- ‌ تعدد القراءات في القرآن واختلافها:

- ‌ أثر اختلاف اللهجات في الشعر:

- ‌ أوزان الشعر التي دوَّنها الخليل:

- ‌ لهجات العرب والأوزان الشعرية:

- ‌ القرآن لم يفرض على العرب لغة واحدة:

- ‌ لغة قريش ولهجتها في البلاد العربية:

- ‌ الاستشهاد بالشعر الجاهلي في القرآن والحديث:

- ‌ شواهد ابن عباس رضي الله عنه

- ‌ قصتا البنات السبع:

- ‌ ختام الكتاب الأول:

- ‌الكتاب الثانيأسباب انتحال الشعر

- ‌ليس الانتحال مقصوراً على العرب

- ‌ الاطلاع على تاريخ الأمم القديمة:

- ‌ مقارنة بين الأمم الثلاث: العربية، واليونانية، والرومانية:

- ‌ تكرار الشكوى من أنصار القديم:

- ‌ منهج ديكارت، ومنهج ابن خلدون:

- ‌ العبقرية لا وطن لها:

- ‌ المستقبل للحقائق والحجج:

- ‌السياسة وانتحال الشعر

- ‌ العرب لم يستطيعوا الخلوص من الدين:

- ‌ ظهور العرب على العالم بالإسلام:

- ‌ الدين والسياسة عند العرب:

- ‌ الإسلام عقيدة وشريعة ونظام:

- ‌ مكافحة الهجَّائين بسلاحهم:

- ‌ إسلام أبي سفيان:

- ‌ الخلافة حقيقة شرعية:

- ‌ خلافة أبي بكر قائمة على رضا الأمة:

- ‌ مقتل سعد بن عبادة الأنصاري:

- ‌ المقيمون من قريش والأنصار:

- ‌ إنشاد حسان للشعر في المسجد النبوي:

- ‌ سيرة عمر بن الخطاب متجلية:

- ‌ كتابة الأنصار لأشعارهم:

- ‌ حديث عن العصبيات:

- ‌ العصبية في عهد معاوية ويزيد:

- ‌ تشبيب عبد الرحمن برملة:

- ‌ يزيد بن معاوية:

- ‌ وقعة الحرَّة:

- ‌ أمانة صاحب "الأغاني

- ‌ قصيدة حسان في مدح الزبير:

- ‌ قصيدة النعمان بن بشير:

- ‌ ميل الأنصار إلى علي وتأييده:

- ‌ تهاجي ابن حسان وابن الحكم:

- ‌ عقوبة الشاعرين جزاء تهاجيهما:

- ‌ العصبية في بني أمية:

- ‌ رواية الشعر الجاهلي:

- ‌ قريش وانتحال الشعر:

- ‌ رواية ابن إسحق:

- ‌ القدماء ونقد الشعر:

- ‌ أثر السياسة في اصطناع الشعر الجاهلي:

- ‌ الشك في صحة الشعر الجاهلي:

- ‌الدين وانتحال الشعر

- ‌ شياطين الشعراء:

- ‌ وجود الجن حقيقة:

- ‌ حديث القرآن عن الجن:

- ‌ أشعار الجن

- ‌ النبي صلى الله عليه وسلم مكتوب في التوراة والإنجيل:

- ‌ محمد صلى الله عليه وسلم صفوة الإنسانية:

- ‌ انتحال البطون القرشية للأخبار والأشعار:

- ‌ قصة أبي بكر بن عبد الرحمن:

- ‌ الشعر المنسوب لآدم عليه السلام

- ‌ الاستشهاد على القرآن بالشعر:

- ‌ من يحق له أن يفسر القرآن

- ‌ المعتزلة والشعر الجاهلي:

- ‌ رواية الجاحظ للشعر:

- ‌ دين الإسلام هو ملة إبراهيم عليه السلام

- ‌ معنى الحنيفية:

- ‌ توحيد الله وإفراده بالعبادة:

- ‌ الإِسلام لم يجدد دين إبراهيم عليه السلام

- ‌ المعاني الدينية في الشعر الجاهلي:

- ‌ شعر أمية بن أبي الصلت:

- ‌ شبهة أن للقرآن مصادر من اليهودية والنصرانية:

- ‌ قصة النهي عن رواية شعر أمية بن أبي الصلت:

- ‌ انتحال شعر أمية بن أبي الصلت:

- ‌ الإِسلام والسيف والجزية:

- ‌ الإِسلام إصلاح لكل مزاج منحرف:

- ‌ تقسيم الشعر الجاهلي:

- ‌ شعر عديّ بن زيد:

- ‌ انتحال ولد السموأل للشعر:

- ‌القصص وانتحال الشعر

- ‌ العناية بدرس فن القصص:

- ‌ القرآن يهدي للتي هي أقوم:

- ‌ نظرة علماء العربية إلى الأدب:

- ‌ وضع الأحاديث:

- ‌ الشركة القصصية:

- ‌ الشعر في "سيرة ابن هشام

- ‌ الأمة العربية ليست كلها شاعرة:

- ‌ شعر الإمام علي:

- ‌ الشعر المنسوب إلى قائل غير معروف:

- ‌ الشعر الصادر عن العرب:

- ‌ إنكار رواية ابن إسحاق للشعر:

- ‌ مقدرة القدماء على النقد:

- ‌ قصة الزبّاء:

- ‌ أخبار العرب وآدابهم:

- ‌ حرب البسوس:

- ‌ عاد وثمود:

- ‌ تبع وحمير وسيل العرم:

- ‌الشعوبية وانتحال الشعر

- ‌ قصة إسماعيل بن يسار:

- ‌ شعر الأعشى، وعدي بن زيد:

- ‌ أبيات أبي الصلت بن ربيعة:

- ‌ أبيات إسماعيل بن يسار:

- ‌ واقعة ذي قار:

- ‌ علماء اللغة والأدب والكلام والفلسفة:

- ‌ أبو عبيدة معمر بن المثنى:

- ‌ علماء الموالي والإِسلام:

- ‌ الشعوبية والزندقة:

- ‌ خير العلم ما حمل عن أهله:

- ‌ انفراد الجاحظ بالرواية:

- ‌الرواة وانتحال الشعر

- ‌ رواة الأدب:

- ‌ حديث الأربعاء:

- ‌ حمّاد الراوية، وخلف الأحمر:

- ‌ القدماء من الزنادقة وإخوانهم في هذا العصر:

- ‌ رواية المفضل الضبّي:

- ‌ قصيدة الحطيئة في مدح أبي موسى:

- ‌ قصة حمّاد مع المهدي:

- ‌ خلف ووالبة بن الحباب:

- ‌ الراوية أبو عمرو الشيباني:

- ‌ إيجار الراوية نفسه للقبائل:

- ‌ الراوية أبو عمرو بن العلاء:

- ‌ الأصمعي واصطناع الشعر:

- ‌ معانقة الكذب للزندقة:

- ‌ فصحاء الأعراب:

- ‌ قصة داود وأبي عبيدة:

- ‌ انتحال الشعر وتلفيقه في حياة المسلمين:

- ‌ نقد الرواية والرواة:

- ‌الكتاب الثالثالشعر والشعراء

- ‌قصص وتاريخ

- ‌ السخط على الرأي:

- ‌ نية الانحراف عن الأدب:

- ‌ القابض على الماء:

- ‌ عناية العرب برواية الشعر وإنشاده:

- ‌ كلحم خنزير ميت، حرام في حرام:

- ‌ نوبة أنصار القديم وأنصار الجديد:

- ‌ حديث قيس بن الملوّح:

- ‌ الطيب والخبيث في كتب الأدب:

- ‌ أداة حاكية، وكتب ومقالات متحركة:

- ‌ الملكات الناقدة:

- ‌ نقد خرافات في أفواه العجائز:

- ‌ قوة الحافظة عند القدماء والمعاصرين:

- ‌ عقول المحدثين والقدماء:

- ‌امرؤ القيس

- ‌ قبيلة امرئ القيس:

- ‌ ترجمة امرئ القيس:

- ‌ امرؤ القيس وعبد الرحمن بن الأشعث:

- ‌ شعر امرئ القيس:

- ‌ قصيدة امرئ القيس في السموأل:

- ‌ قصيدة الأعشى في شريح بن السموأل:

- ‌ قصة ذهاب امرئ القيس إلى القسطنطينية:

- ‌ امرؤ القيس: يمنيّ الأصل، نجدي المولد والنشأة:

- ‌ شعر امرئ القيس في أخواله:

- ‌ معلقة امرئ القيس:

- ‌ اختلاف الرواة في ألفاظ القصيدة:

- ‌ أبيات لامرئ القيس:

- ‌ تقسيم القصيدة إلى ثلاثة أقسام:

- ‌ الحديث عن القسم الثاني من القصيدة:

- ‌ الحديث عن القسم الثالث من القصيدة:

- ‌ امرؤ القيس و (هوميروس):

- ‌ امرؤ القيس وعلقمة:

- ‌علقمة

- ‌ معاصرة امرئ القيس لعلقمة:

- ‌عبيد

- ‌ عبيد بن الأبرص:

- ‌ قول ابن سلام في شعر عبيد:

- ‌ قصيدة عبيد:

- ‌ الكيد للحقيقة والتاريخ:

- ‌ قصيدتان لعلقمة:

- ‌عمرو بن قميئة

- ‌ عمرو بن قميئة، مهلهل، جليلة:

- ‌ قصة ابن قميئة وقصيدته في عمه:

- ‌ أبيات لابن قميئة:

- ‌ العودة لقصة حرب البسوس:

- ‌مهلهل

- ‌ المتقدمون من الشعراء:

- ‌جليلة

- ‌عمرو بن كلثوم

- ‌ قصيدة عمرو بن كلثوم:

- ‌ قصة قتل عمرو بن كلثوم لعمرو بن هند:

- ‌ اختلاف الرواة في أبيات من قصيدة ابن كلثوم:

- ‌ ألا لا يجهلن أحد علينا:

- ‌ كيف كان شعراء ربيعة يتحدثون

- ‌الحارث بن حلزة

- ‌ الأقواء في بيت لابن حلّزة:

- ‌ المقايسة بين قصيدتين:

- ‌طرفة بن العبد

- ‌ مطلع قصيدة طرفة:

- ‌ سهولة الألفاظ وغرابتها في الشعر الجاهلي:

- ‌ أبيات طرفة في وصف الناقة:

- ‌ الحديث عن اللهو واللذة والإلحاد:

- ‌ نقد الرواة لشعر طرفة:

- ‌المتلمّس

- ‌ المتلمس أحد شعراء بني ضبيعة:

- ‌نتيجة البحث

- ‌ طريقة المؤلف في درس الشعر الجاهلي:

- ‌ نتيجة البحث:

- ‌ شعر مضر واليمن وربيعة:

- ‌ هدم الآراء الحائرة والأقوال الخادعة:

- ‌ سبيل أهل العلم في الشعر الجاهلي:

- ‌ نفي الشعر الجاهلي لا يمس القرآن بسوء:

- ‌ عربية القرآن حكم مسمّط:

- ‌ عناية المسلمين بالشعر:

- ‌ إننا أمة بحث ونظر:

- ‌تر‌‌اجم الأعلام

- ‌ا

- ‌ ب

- ‌ت

- ‌ث

- ‌ج

- ‌ح

- ‌خ

- ‌د

- ‌ ذ

- ‌ر

- ‌ز

- ‌ س

- ‌ص

- ‌ ش

- ‌ط

- ‌ ض

- ‌ع

- ‌ف

- ‌ق

- ‌ل

- ‌ ك

- ‌م

- ‌ ن

- ‌و

- ‌ ه

- ‌ي

الفصل: ‌ وجود الجن حقيقة:

فيه القدماء والمحدثون، وهذا عبد القادر البغدادي صاحب "خزانة الأدب" تكلم عن قصيدة:

أتوا ناري فقلت: منون أنتم؟

فقالوا: الجن، قلت: عموا ظلاما

وقصيدة:

أتوا ناري فقلت: منون أنتم؟

فقالوا: الجن، قلت: عموا صباحا

وقال: الأولى نسبت إلى سمير بن الحارث الضبي، والثانية منسوبة إلى جذع بن سنان الغساني، ثم قال:"وكلا الشعرين كذوبة من أكاذيب العرب".

فلم يكن المؤلف هو الذي عقل بطلان ما يزعم من أن للشعراء شياطين يلهمونهم الشعر، بل نبه عليه أناس من قبل أن يخلق (ديكارت)، ويوضع منهج (ديكارت). إذاً، لا تعد هذه النظرية في حساب ما وصل المؤلف إلى استطلاعه على منهج (ديكارت).

*‌

‌ وجود الجن حقيقة:

قال المؤلف في (ص 70): "وفي القرآن سورة تسمى: "سورة الجن"، أنبأت بأن الجن استمعوا للنبي وهو يتلو القرآن، فلانت قلوبهم، وًامنوا بالله ورسوله، وعادوا فأنذروا قومهم، ودعوهم إلى الدين الجديد، وهذه السورة تنبئ أيضاً بأن الجن كانوا يصعدون في السماء يسترقون السمع، ثم يهبطون وقد ألموا إلمامًا يختلف قوة وضعفاً بأسرار الغيب، فلما قارب زمن النبوة، حيل بينهم ويين استراق السمع، فرجموا بهذه الشهب، وانقطعت أخبار السماء عن أهل الأرض".

ص: 236

وجود الجن حقيقة دلت عليها الآيات المحكمات، وليس في استطاعة من لا يؤمن بهذه الآيات أن يقيم دليلأ على نفيهم، ولو أصبحت عقليته غربية بحتة! وبُعث (ديكارت)، فابتدع له منهجًا أقرب من هذا المنهج وأجلى.

إن العقل وحده لا يستطيع أن يثبت كائناً يقال له الجن، كما أنه لا يستطيع نفيه بحجة، فوجود هذا الكائن خارج في نفسه عن حد الواجب والممتنع، وماذا بعد الواجب والممتنع إلا الإمكان؟ وما كان من قبيل الممكن في نفسه قد يدل على تحققه ما قام البرهان على صدقه، وهل بعد نبوة محمد عليه الصلاة والسلام من برهان؟! وإن شئت مزيد غَوص في هذه النظرية، فإليك السبيل:

إن للعلم الذي يعبر عنه باليقين معنيين:

أحدهما: ما ثبت على وجه لا يجيز العقل خلافه، ولو في صورة الاحتمال المجرد؛ كالاعتقاد بأن الكل أكبر من الجزء، وأن لهذا العالم صانعاً حكيماً. فكل ما يتهافت من الاحتمالات المخالفة لهذا الاعتقاد يجد من الدلائل النظرية ما يطرده، ولا يبقي له في ساحة التعقل باقية.

ثانيهما: اعتقاد بأمر لا يقوم في جانب خلافه احتمال يستند إلى مأخذ دليل أو أمارة، ولكن الاحتمالات المجردة عن المقتضيات ليس للعقل قوة على دفعها. وتجرد الاحتمال المقابل للمعلوم من الدلائل والأمارات لا يكفي في امتناع وقوعه، وجعل هذا المعلوم أمراً لا يتحول أو يطرأ عليها تغيير، بل لا بد من إقامة دليل خاص على أن هذا الأمر المعلوم أمر حتم، وأن خلافه ضرب من المحال الذي لا تتصور العقول وقوعه بوجه. واليقين بالنظريات

ص: 237

التجريبية لا يخرج عن هذا النوع الذي لا يرتفع عنه إمكان التغيير، بل قد تغيره يد الإبداع عند ما تريد إقامة المعجزة على سنّة غير مألوفة.

أتى على الإنسان حين من الدهر، وهو يعتقد أن الضياء الساطع في ظلام الليل لا يكون إلا من طلعة القمر، أو من لهب النار، فإذا آنس تحت جناح الليل نوراً يتألق بمكان بعيد، لم يرتب في أنه بهرة قمر، أو شعلة نار، وهذا الاعتقاد لا يبلغ في اليقين درجة اعتقاده بأن العرض؛ كالحمرة والبياض لا يستقل بنفسه، فإن هذا الاعتقاد الأخير مبني على أن ماهية العرض تقتضي بطبيعتها ألّا تبرز إلى الخارج إلا في محل وهو الجرم، فيدرك العقل بالضرورة أن البياض أو السواد لا ينفرد عن المادة، ويقضي بذلك قضاء لا يحوم حوله احتمال، وأما يقينه بأن ذلك الضياء نار أو قمر، فقائم على التجربة فقط، فلا يخلو من احتمال أن يكون الضوء غير قمر أو نار، إلا أنه احتمال لم يكن له في العهد المتقدم وجه من النظر حتى يحل من اليقين الذي عقدته التجربة، وقد أصبح ذلك الاحتمال اليوم متحققاً في العيان حيث انضم إلى القمر والنار عنصر من عناصر الإنارة، وهي الكهرباء.

فلو لم يخترع الفيلسوف التنوير بالنار، وكان فيما نقل من معجزات الرسل إنارة بعض الأجرام من غير أن تمسه النار، لقال الذين في قلوبهم مرض: إن الإنارة إنما تنشأ عن لهب النار، ولا سبيل إلى تحقق الأثر متى فقد سببه.

زعم بعض المرتابين في المعجزات: أن قطع المسافة البعيدة كما بين المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى في ليلة واحدة أمر لا يحتمله الإمكان، ولا يتقبله العقل، ولو ناظرتهم في وجه الامتناع عقلاً، لم يكن منهم سوى

ص: 238

أن يحيلوك على المشاهدة، ويقولوا: إنا نرى أن أسرع الأجسام تنقلاً يقضي في قطع تلك المسافة ليالي وأيامًا. وهذا الأمر الذي كانوا يذكرونه بوصف المحال قد كشف العلم الصحيح عن إمكانه، وأخرجه للناس في جملة الكائنات المبصرة. وإذا تمكن المخلوق باختراع الطيارة أن يجعلك تقطع المسافة البعيدة في مدة وجيزة، فماذا يكون شأن قدرة الخالق التي هي أبدع تقديراً، وأحكم صنعاً؟!.

وكان أشباه الفلاسفة يعتقدون أن الوزن من خصائص ما يوصف بالخفة والثقل من الأجسام، وقالوا: لا نفهم لوزن الأعراض معنى؛ إذ ليس من المعقول تناولها من معروضاتها، ووضعها في كفة ترتفع تارة، وتنخفض مرة أخرى، وما راعهم إلا أن صنع الفيلسوف ميزان الحرارة والبرودة، وأراهم أن وزن الأعراض من قبيل الممكنات، وأن للوزن طرقاً غير ما تعرفه الباعة في الأسواق.

يهون علينا أن يقف عبّاد الطبيعة موقف المطالب ببرهان على وجود الخالق، أو إثبات الرسالة، ولكن الذي يثير العجب في نفوسنا، ويحشرهم في زمرة المستضعفين من الرجال والولدان، أن يخرجوا في زي الفلاسفة، ويمسحوا ألسنتهم بطلاء من المنطق، ثم لا يلبثوا أن يصفوا كل ما لا تناله حواسهم بكونه محالًا، ويزعموا أن صدر الفلسفة يضيق عن احتماله، كأن دائرة الإمكان والفلسفة لا تسع إلا ما يرد إليها من طريق الحس والتجربة.

كشف فيلسوف هذا العصر الغطاء عن كعير من الحقائق التي كانت أذناب الفلاسفة تعجل إلى إنكارها، ولا تبالي أن تلقبه باسم ما لا يكون.

ولو قال النبي عليه الصلاة والسلام: إن في هذا الماء الذي

ص: 239