المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ عقوبة الشاعرين جزاء تهاجيهما: - موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين - جـ ٨

[محمد الخضر حسين]

فهرس الكتاب

- ‌(14)«نَقْضُ كِتَابِ فِي الشِّعْرِ الجَاهِلي»

- ‌المقدمة

- ‌مقدّمَة الإمام محمّد الخضر حسين

- ‌محمّد الخضر حسين

- ‌الكِتابُ الأَوَّلُ

- ‌تَمهيد

- ‌ قيمة البحث العلمي:

- ‌ إعجاب المؤلف ببحثه:

- ‌ الحجة وصدق اللهجة:

- ‌ وجوه البحث الأدبي:

- ‌ البحث في علم المتقدمين:

- ‌ البحث العلمي بين مذهبي المناقشة والنقد:

- ‌ دراسة الشعر الجاهلي:

- ‌ التوسع في البحث وحريته:

- ‌ لباب الأدب وموضوعه:

- ‌ باب البحث الأدبي ما يزال مفتوحاً:

- ‌ اللذة في اعتناق الحكمة:

- ‌ الشك .. خفته وشدته:

- ‌ مسألة الشعر الجاهلي:

- ‌ عناية القدماء بشؤون العرب:

- ‌ الثورات الفكرية:

- ‌ تغيير التاريخ:

- ‌ الطعن والغمز:

- ‌ الدعاية إلى غير سبيل المؤمنين:

- ‌ نظرية الشك في الشعر الجاهلي:

- ‌ توارد طه حسين ومرغليوث:

- ‌ ما بقي من الشعر الجاهلي:

- ‌ مس شعور الأمة المسلمة:

- ‌ إنكاره شعر امرئ القيس:

- ‌ جواب على سؤال:

- ‌ اليهودية والمسيحية في بلاد العرب:

- ‌ البحث الفني اللغوي:

- ‌ الاستشهاد بالشعر على تفسير القرآن:

- ‌ عدم رسوخ المؤلف في أصول اللغة:

- ‌منهج البحث

- ‌ الخروج عن الأدب والطعن في الإسلام:

- ‌ منهج ديكارت:

- ‌ تجرد الباحث من كل علم سابق:

- ‌ حرية البحث والاستقصاء في الأدب العربي القديم:

- ‌ نسيان القومية والدين:

- ‌ محاباة وإرضاء العواطف المضادة للدين:

- ‌ العلم لا يعترض حقائق الدين:

- ‌ التعصب للحقيقة:

- ‌ دراسة القدماء من المسلمين للعلوم:

- ‌ المتعصبون على الإسلام:

- ‌ التفريق بين العقل والقلب:

- ‌ لا تثريب على القدماء:

- ‌ الغض من العرب والنعي على الإسلام:

- ‌ الدين والعلم:

- ‌ عثرة في طريق العقائد:

- ‌ لا تصلح لمنهج ديكارت إلا البصيرة النافذة:

- ‌ منهج ديكارت لا يحمي المؤلف من المناقشة:

- ‌مرآة الحياة الجاهلية في القرآن لا في الشعر الجاهلي

- ‌ دراسة الحياة الجاهلية:

- ‌ القرآن لم يات مؤرخاً ولا مادحاً:

- ‌ شعراء عصر النبوة:

- ‌ الحياة الجاهلية في الشعر الأموي:

- ‌ الشماخ عاصر النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يجادله

- ‌ نظرية: أن القرآن أصدق مرآة لحياة الجاهلية:

- ‌ القرآن ليس جديداً كله على العرب:

- ‌ حديث القرآن عن الديانات:

- ‌ القرآن برهان هداية وسعادة:

- ‌ الهجوم على الإسلام تحت ستار البحث العلمي:

- ‌ القرآن تحدث عن العرب وغيرهم:

- ‌ الشعر الديني في الحياة الجاهلية:

- ‌ دلالة القرآن على العرب:

- ‌ الجاهليون المجادلون:

- ‌ منزلة الشعر الجاهلي:

- ‌ طبقة المستنيرين وطبقة العامة:

- ‌ ليس في القرآن ما يخالف العلم الصحيح:

- ‌ العرب في عهد النبوة:

- ‌ العرب قبل الإسلام:

- ‌ الشعر الإسلامي أرقى من الشعر الجاهلي:

- ‌ اتصال العرب بالروم والفرس:

- ‌ رحلة الشتاء والصيف:

- ‌ عجز المؤلف:

- ‌ المؤلف وعد وأخلف:

- ‌الشعر الجاهلي واللغة

- ‌ تعرّف اللغة الجاهلية:

- ‌ القحطانية والعدنانية:

- ‌ أول من تكلم بالعربية

- ‌ اللغة القحطانية واللغة العدنانية:

- ‌ أطوار اللغة العربية:

- ‌ اتصال نسب العدنانية بإسماعيل عليه السلام

- ‌ ورود اسم في القرآن دليل على وجوده التاريخي:

- ‌ قصة إسماعيل عليه السلام

- ‌ الحروب بين العرب واليهود:

- ‌ الإسلام بريء من هذا السخف والهزل:

- ‌ مكانة مكة في قلوب العرب:

- ‌ احترام العرب لمكة يتصل بعهد إسماعيل وإبراهيم:

- ‌ هل حاولت قريش توجيه وحدة سياسية

- ‌ البحث عن أصل تاريخي قديم:

- ‌ مقابلة الحجة باللغو:

- ‌ أمر الطعن في هذه القصة:

- ‌ الاختلاف بين اللغة العدنانية والقحطانية:

- ‌ العاربة والمستعربة:

- ‌ الشعر القحطاني والعدناني:

- ‌ للشعر لغة غير لغة الكلام:

- ‌الشعر الجاهلي واللهجات

- ‌ إنكار القبائل والأنساب:

- ‌ اختلاف لغات العرب العدنانية:

- ‌ العزلة العربية:

- ‌ لغة أدبية منذ عهد الجاهلية:

- ‌ اللهجة المتماثلة والأوزان المتشابهة في المطولات:

- ‌ أثر اختلاف القبائل في الشعر:

- ‌ تعدد القراءات في القرآن واختلافها:

- ‌ أثر اختلاف اللهجات في الشعر:

- ‌ أوزان الشعر التي دوَّنها الخليل:

- ‌ لهجات العرب والأوزان الشعرية:

- ‌ القرآن لم يفرض على العرب لغة واحدة:

- ‌ لغة قريش ولهجتها في البلاد العربية:

- ‌ الاستشهاد بالشعر الجاهلي في القرآن والحديث:

- ‌ شواهد ابن عباس رضي الله عنه

- ‌ قصتا البنات السبع:

- ‌ ختام الكتاب الأول:

- ‌الكتاب الثانيأسباب انتحال الشعر

- ‌ليس الانتحال مقصوراً على العرب

- ‌ الاطلاع على تاريخ الأمم القديمة:

- ‌ مقارنة بين الأمم الثلاث: العربية، واليونانية، والرومانية:

- ‌ تكرار الشكوى من أنصار القديم:

- ‌ منهج ديكارت، ومنهج ابن خلدون:

- ‌ العبقرية لا وطن لها:

- ‌ المستقبل للحقائق والحجج:

- ‌السياسة وانتحال الشعر

- ‌ العرب لم يستطيعوا الخلوص من الدين:

- ‌ ظهور العرب على العالم بالإسلام:

- ‌ الدين والسياسة عند العرب:

- ‌ الإسلام عقيدة وشريعة ونظام:

- ‌ مكافحة الهجَّائين بسلاحهم:

- ‌ إسلام أبي سفيان:

- ‌ الخلافة حقيقة شرعية:

- ‌ خلافة أبي بكر قائمة على رضا الأمة:

- ‌ مقتل سعد بن عبادة الأنصاري:

- ‌ المقيمون من قريش والأنصار:

- ‌ إنشاد حسان للشعر في المسجد النبوي:

- ‌ سيرة عمر بن الخطاب متجلية:

- ‌ كتابة الأنصار لأشعارهم:

- ‌ حديث عن العصبيات:

- ‌ العصبية في عهد معاوية ويزيد:

- ‌ تشبيب عبد الرحمن برملة:

- ‌ يزيد بن معاوية:

- ‌ وقعة الحرَّة:

- ‌ أمانة صاحب "الأغاني

- ‌ قصيدة حسان في مدح الزبير:

- ‌ قصيدة النعمان بن بشير:

- ‌ ميل الأنصار إلى علي وتأييده:

- ‌ تهاجي ابن حسان وابن الحكم:

- ‌ عقوبة الشاعرين جزاء تهاجيهما:

- ‌ العصبية في بني أمية:

- ‌ رواية الشعر الجاهلي:

- ‌ قريش وانتحال الشعر:

- ‌ رواية ابن إسحق:

- ‌ القدماء ونقد الشعر:

- ‌ أثر السياسة في اصطناع الشعر الجاهلي:

- ‌ الشك في صحة الشعر الجاهلي:

- ‌الدين وانتحال الشعر

- ‌ شياطين الشعراء:

- ‌ وجود الجن حقيقة:

- ‌ حديث القرآن عن الجن:

- ‌ أشعار الجن

- ‌ النبي صلى الله عليه وسلم مكتوب في التوراة والإنجيل:

- ‌ محمد صلى الله عليه وسلم صفوة الإنسانية:

- ‌ انتحال البطون القرشية للأخبار والأشعار:

- ‌ قصة أبي بكر بن عبد الرحمن:

- ‌ الشعر المنسوب لآدم عليه السلام

- ‌ الاستشهاد على القرآن بالشعر:

- ‌ من يحق له أن يفسر القرآن

- ‌ المعتزلة والشعر الجاهلي:

- ‌ رواية الجاحظ للشعر:

- ‌ دين الإسلام هو ملة إبراهيم عليه السلام

- ‌ معنى الحنيفية:

- ‌ توحيد الله وإفراده بالعبادة:

- ‌ الإِسلام لم يجدد دين إبراهيم عليه السلام

- ‌ المعاني الدينية في الشعر الجاهلي:

- ‌ شعر أمية بن أبي الصلت:

- ‌ شبهة أن للقرآن مصادر من اليهودية والنصرانية:

- ‌ قصة النهي عن رواية شعر أمية بن أبي الصلت:

- ‌ انتحال شعر أمية بن أبي الصلت:

- ‌ الإِسلام والسيف والجزية:

- ‌ الإِسلام إصلاح لكل مزاج منحرف:

- ‌ تقسيم الشعر الجاهلي:

- ‌ شعر عديّ بن زيد:

- ‌ انتحال ولد السموأل للشعر:

- ‌القصص وانتحال الشعر

- ‌ العناية بدرس فن القصص:

- ‌ القرآن يهدي للتي هي أقوم:

- ‌ نظرة علماء العربية إلى الأدب:

- ‌ وضع الأحاديث:

- ‌ الشركة القصصية:

- ‌ الشعر في "سيرة ابن هشام

- ‌ الأمة العربية ليست كلها شاعرة:

- ‌ شعر الإمام علي:

- ‌ الشعر المنسوب إلى قائل غير معروف:

- ‌ الشعر الصادر عن العرب:

- ‌ إنكار رواية ابن إسحاق للشعر:

- ‌ مقدرة القدماء على النقد:

- ‌ قصة الزبّاء:

- ‌ أخبار العرب وآدابهم:

- ‌ حرب البسوس:

- ‌ عاد وثمود:

- ‌ تبع وحمير وسيل العرم:

- ‌الشعوبية وانتحال الشعر

- ‌ قصة إسماعيل بن يسار:

- ‌ شعر الأعشى، وعدي بن زيد:

- ‌ أبيات أبي الصلت بن ربيعة:

- ‌ أبيات إسماعيل بن يسار:

- ‌ واقعة ذي قار:

- ‌ علماء اللغة والأدب والكلام والفلسفة:

- ‌ أبو عبيدة معمر بن المثنى:

- ‌ علماء الموالي والإِسلام:

- ‌ الشعوبية والزندقة:

- ‌ خير العلم ما حمل عن أهله:

- ‌ انفراد الجاحظ بالرواية:

- ‌الرواة وانتحال الشعر

- ‌ رواة الأدب:

- ‌ حديث الأربعاء:

- ‌ حمّاد الراوية، وخلف الأحمر:

- ‌ القدماء من الزنادقة وإخوانهم في هذا العصر:

- ‌ رواية المفضل الضبّي:

- ‌ قصيدة الحطيئة في مدح أبي موسى:

- ‌ قصة حمّاد مع المهدي:

- ‌ خلف ووالبة بن الحباب:

- ‌ الراوية أبو عمرو الشيباني:

- ‌ إيجار الراوية نفسه للقبائل:

- ‌ الراوية أبو عمرو بن العلاء:

- ‌ الأصمعي واصطناع الشعر:

- ‌ معانقة الكذب للزندقة:

- ‌ فصحاء الأعراب:

- ‌ قصة داود وأبي عبيدة:

- ‌ انتحال الشعر وتلفيقه في حياة المسلمين:

- ‌ نقد الرواية والرواة:

- ‌الكتاب الثالثالشعر والشعراء

- ‌قصص وتاريخ

- ‌ السخط على الرأي:

- ‌ نية الانحراف عن الأدب:

- ‌ القابض على الماء:

- ‌ عناية العرب برواية الشعر وإنشاده:

- ‌ كلحم خنزير ميت، حرام في حرام:

- ‌ نوبة أنصار القديم وأنصار الجديد:

- ‌ حديث قيس بن الملوّح:

- ‌ الطيب والخبيث في كتب الأدب:

- ‌ أداة حاكية، وكتب ومقالات متحركة:

- ‌ الملكات الناقدة:

- ‌ نقد خرافات في أفواه العجائز:

- ‌ قوة الحافظة عند القدماء والمعاصرين:

- ‌ عقول المحدثين والقدماء:

- ‌امرؤ القيس

- ‌ قبيلة امرئ القيس:

- ‌ ترجمة امرئ القيس:

- ‌ امرؤ القيس وعبد الرحمن بن الأشعث:

- ‌ شعر امرئ القيس:

- ‌ قصيدة امرئ القيس في السموأل:

- ‌ قصيدة الأعشى في شريح بن السموأل:

- ‌ قصة ذهاب امرئ القيس إلى القسطنطينية:

- ‌ امرؤ القيس: يمنيّ الأصل، نجدي المولد والنشأة:

- ‌ شعر امرئ القيس في أخواله:

- ‌ معلقة امرئ القيس:

- ‌ اختلاف الرواة في ألفاظ القصيدة:

- ‌ أبيات لامرئ القيس:

- ‌ تقسيم القصيدة إلى ثلاثة أقسام:

- ‌ الحديث عن القسم الثاني من القصيدة:

- ‌ الحديث عن القسم الثالث من القصيدة:

- ‌ امرؤ القيس و (هوميروس):

- ‌ امرؤ القيس وعلقمة:

- ‌علقمة

- ‌ معاصرة امرئ القيس لعلقمة:

- ‌عبيد

- ‌ عبيد بن الأبرص:

- ‌ قول ابن سلام في شعر عبيد:

- ‌ قصيدة عبيد:

- ‌ الكيد للحقيقة والتاريخ:

- ‌ قصيدتان لعلقمة:

- ‌عمرو بن قميئة

- ‌ عمرو بن قميئة، مهلهل، جليلة:

- ‌ قصة ابن قميئة وقصيدته في عمه:

- ‌ أبيات لابن قميئة:

- ‌ العودة لقصة حرب البسوس:

- ‌مهلهل

- ‌ المتقدمون من الشعراء:

- ‌جليلة

- ‌عمرو بن كلثوم

- ‌ قصيدة عمرو بن كلثوم:

- ‌ قصة قتل عمرو بن كلثوم لعمرو بن هند:

- ‌ اختلاف الرواة في أبيات من قصيدة ابن كلثوم:

- ‌ ألا لا يجهلن أحد علينا:

- ‌ كيف كان شعراء ربيعة يتحدثون

- ‌الحارث بن حلزة

- ‌ الأقواء في بيت لابن حلّزة:

- ‌ المقايسة بين قصيدتين:

- ‌طرفة بن العبد

- ‌ مطلع قصيدة طرفة:

- ‌ سهولة الألفاظ وغرابتها في الشعر الجاهلي:

- ‌ أبيات طرفة في وصف الناقة:

- ‌ الحديث عن اللهو واللذة والإلحاد:

- ‌ نقد الرواة لشعر طرفة:

- ‌المتلمّس

- ‌ المتلمس أحد شعراء بني ضبيعة:

- ‌نتيجة البحث

- ‌ طريقة المؤلف في درس الشعر الجاهلي:

- ‌ نتيجة البحث:

- ‌ شعر مضر واليمن وربيعة:

- ‌ هدم الآراء الحائرة والأقوال الخادعة:

- ‌ سبيل أهل العلم في الشعر الجاهلي:

- ‌ نفي الشعر الجاهلي لا يمس القرآن بسوء:

- ‌ عربية القرآن حكم مسمّط:

- ‌ عناية المسلمين بالشعر:

- ‌ إننا أمة بحث ونظر:

- ‌تر‌‌اجم الأعلام

- ‌ا

- ‌ ب

- ‌ت

- ‌ث

- ‌ج

- ‌ح

- ‌خ

- ‌د

- ‌ ذ

- ‌ر

- ‌ز

- ‌ س

- ‌ص

- ‌ ش

- ‌ط

- ‌ ض

- ‌ع

- ‌ف

- ‌ق

- ‌ل

- ‌ ك

- ‌م

- ‌ ن

- ‌و

- ‌ ه

- ‌ي

الفصل: ‌ عقوبة الشاعرين جزاء تهاجيهما:

كانا صديقين يتصيدان بأكلُب لهما، فقال القرشي لصاحبه:

ازجركلابك إنها قلطية

بُقع ومثل كلابكم لم تصطد

فرد عليه ابن حسان:

من كان يأكل من فريسة صيده

فالتمر يغنينا عن المتصيد

إنا أناس ريقون وأمكم

ككلابكم في الولغ والمتردد

حزناكم للضبّ تحترشونه

والريق يمنعكم بكل مهنّدِ

وعظم الشر بين الصديقين من ذلك اليوم".

لعلك تقرأ هذه الجمل، فينساق ذهنك إلى أن صاحب "الأغاني" لم يعرج على السبب الذي اعتمده المؤلف، وأن المؤلف استمده من كتاب غير "الأغاني"، والواقع أن صاحب "الأغاني" -بعد أن حكى ما يعزى إلى الأنصار وقريش في سبب تهاجي الشاعرين- قال: وأما هشام بن الكلبي، فإنه حدّث عن خالد د سحاق ابني سعيد بن العاص: أن سبب التهاجي بينهما: أنهما خرجا إلى الصيد بأكلب لهما في إمارة مروان، فقال ابن الحكم لابن حسان: "ازجر كلابك

إلخ" (1).

والمؤلف يأخذ في بعض الأحيان بهذه الطريقة، وهي أنه يقطع الرواية عن "الأغاني"، ويأتيك ببقية الحديث في صورة المعروف في غيرها، حتى لا تعده ضيفاً ثقيلاً يأوي إليها كلما احتاج إلى رواية تبلّ صدى عاطفته.

*‌

‌ عقوبة الشاعرين جزاء تهاجيهما:

أراد المؤلف ألا يبقي صبابة من حديث عبد الرحمن بن الحكم،

(1)(ج 13 ص 151).

ص: 211

وعبد الرحمن بن حسان، فملأ نحو صحيفتين بحكاية بعث معاوية إلى سعيد ابن العاص يأمره بضرب كل واحد من الشاعرين مئة سوط جزاء تهاجيهما، وتعطيل سعيد أمر معاوية إلى أن خلفه مروان بن الحكم، فنفذ الأمر في عبد الرحمن بن حسان دون أخيه، وأبيات كتب بها عبد الرحمن بن حسان إلى النعمان بن بشير يشكوه فيها ما صنع مروان، وقصيدة النعمان التي خاطب بها معاوية في هذا الشأن، وبعث معاوية إلى مروان بتنفيذ أمره في أخيه عبد الرحمن بن الحكم أيضاً.

ثم قال في (ص 64): "ولقد يستطيع الكاتب في التاريخ السياسي أن يضع كتاباً خاصاً في هذه العصبية بين قريش والأنصار، وما كان لهما من التأثير في حياة المسلمين أيام بني أمية، لا نقول: في المدينة ومكة ودمشق، بل نقول: في مصر وإفريقيا والأندلس. ويستطيع الكاتب في تاريخ الأدب أن يضع سفرًا مستقلاً فيما كان لهذه العصبية بين قريش والأنصار من التأثير في شعر الفريقين الذي قالوه في الإسلام، وفي الشعر الذي انتحله الفريقان على شعرائهما في الجاهلية".

لا جناح على الرجل يعطف على قبيلته، ويحرص على أن يكون لهم مجد، وأن يكون لهذا المجد ذكر سائر، فهذا أمر تنساق إليه النفس بفطرتها، وقد قلنا: إن هذه الخصلة متى سارت على منهج الاعتدال، فحملت صاحبها على القيام بمصالح عشيرته، أو ذكر مآثرهم الحميدة، دون أن يتعرض لغيرهم بسوء، لا تعد من الحمية الممقوتة، ولا العصبية التي يريد الإسلام محوها.

وليس في تلك القصة على طولها وعرضها ما يقع في عين الموضوع،

ص: 212

وهو العصبية المشتدة بين قريش والأنصار، فمعاوية أمر بعقوبة الشاعرين: القرشي، والأنصاري، وسعيد بن العاص لم يجر العقوبة على واحد منهما، ومروان قد يكون انتقم لعبد الرحمن بن الحكم من جهة كونه ابن أبيه الحكم، لا من جهة أنه من قريش، وقد يفعل مثل هذا من يكون خالي الذهن من معنى التعصب للقبيلة، وشكاية عبد الرحمن إلى ابن بشير من قبيل الالتجاء إلى ذي وجاهة وقربى؛ ليرفع عنه مظلمة، وخطاب النعمان بن بشير لمعاوية عرض لقضية اضطهد فيها مروان عامله رجلاً من الأنصار، وإن سمّي مثل هذا تعصبًا، فهو من نوع التعصب المقبول، وقد انتهت الرواية بأن معاوية كتب إلى مروان بتنفيذ أمره في عبد الرحمن بن الحكم، فنفذه، ولم يعص له أمراً.

وفي الأبيات التي قيل: إن النعمان خاطب بها معاوية، ذكر ليومي بدر وفتح مكة، وإراءته الأنصار في كثرة عدد، وعزّة جانب، ولا حرج في رفع الشكاية بهذا الأسلوب إذا ألجأ إليه حال الدفاع، ولم يرتجف له قلب السياسة حمقاً، وتجنّ له يدها بطشاً.

ومن المحتمل القريب أن تكون قصة تهاجي ابن الحكم وابن حسان قصيرة ذات لون واحد، فأصبحت في كتاب "الأغاني" ذات ذيول وألوان مختلفة، وزادها المؤلف بتصرفه أصباغًا غريبة، وقد أوردها المبرّد في "الكامل"(1) بلون واحد، وجمل لا تشير إلى قصيدتي ابن حسان وابن بشير، فساق ثلاثة أبيات لابن حسان يهجو بها عبد الرحمن بن الحكم، ثم قال:

(1)(ص 149) طبع أوربا.

ص: 213

"فكتب معاوية إلى مروان أن يؤدبهما، وكانا قد تقاذفا، فضرب عبد الرحمن ثمانين، وضرب أخاه عشرين، فقيل لابن حسان: قد أمكنك من مروان ما تريد، فأشد بذكره، وارفعه إلى معاوية، فقال: إذاً والله! لا أفعل، وقد حدني كما تحد الرجال الأحرار، وجعل أخاه كنصف عبد. فأوجعه بهذا القول".

لا ينكر أحد أن الحمية المتطرفة ظهرت في عهد بني أمية، ولا يسلم أحد أنها بلغت بالعرب إلى مثل ما كانوا عليه من جاهليتهم، فضلاً عن أن يكون شراً منه، وهذا المؤلف يحكي أن معاوية لم يحد عن مبدأ المساواة حين أمر بتأديب القرشي والأنصاري، وحين أمر عامله بأن يضرب أخاه الأموي مقدار ما ضرب ابن حسان، وهل يستطيع المؤلف أن يقيم لنا شاهداً على أن عصبية قريش أو الأمويين في الإسلام بلغت عُشر عصبية هذه الدول أو الأمم التي يود أن يكون له في جوفه قلب آخر يملؤه باحترامها، ورأس ثان يهوي به ساجداً لعظمتها!.

إن من هذه الأمم، أو الدول القابضة على شمال أفريقية من يعتدي على حياة الوطني، ولا يقضى عليه ولو بالسجن بضعة أيام، وإذا أنعمت النظر في عصبية هذه الدول أو الأمم، وقايسته بعصبية قريش الخارجة عن حد الاعتدال، وجدت بين العصبيتين فرقاً يكاد يشبه الفرق بين الحرية والاستبداد، أو العدالة والاضطهاد. وقد كانت عصبية الجاهلية تشبه في شدتها وآثارها عصبية هذه الأمم التي يقدس لها المؤلف، ولا تمتاز عنها بشيء إلا أنها كانت تخرج في غير نظام، بل رأينا سبعين مرة كيف تحمى عصبية المدنية، ويتخبطها الغضب، فتظهر في خلقتها الشوهاء، وتصبح أشبه بعصبية الجاهلية

ص: 214