الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن المحتمل أن يكون معنى كلامه: أنه لا يعرف له إلا هذه القصيدة، وأشار إليها بذكر طالعها، ثم هو لا يدري ما وراءها من الشعر المعزوّ إليه، ومن المستبعد أن يقول ابن سلام: إن الرواة المصححين لم يحفظوا لعبيد وطرفة إلا قصائد بقدر عشر، ثم يقول: إنه لا يعرف لعبيد إلا هذا البيت الذي هو مطلع قصيدته.
*
قصيدة عبيد:
قال المؤلف في (ص 152): "ويكفي أن نقرأ هذه القصيدة التي قدمنا مطلعها لنجزم بأنها منتحلة لا أصل لها. وحسبك أن يثبت فيها وحدانية الله، وعلمه، على نحو ما يثبتها القرآن فيقول:
والله ليس له شريك
…
علّام ما أخفت القلوب
القصيدة غير منسوجة على وزن منتظم، ولا يزيد العرب على أن يعدوه عيباً، ويسمّى بالرّمل، قال المرزباني في كتاب "الموشح" (1): "والرمل عند العرب كل شعر ليس بمؤلف البناء، ولا يجدون فيه شيئاً إلا أنه عيب، وقد ذكر الأخفش أنه مثل قوله:
أقفر من أهله ملحوب
…
فالقطبيات فالذنوب
وربما سمّوه: "التخليع". قال قدامة بن جعفر في كتاب "نقد الشعر"(2): "من عيوب أوزان الشعر: "التخليع"، وهو أن يكون قبيح الوزن، قد أفرط قائله في تزحيفه". وضرب لهذا أمثلة منها قول عبيد:
(1)(ص 25).
(2)
(ص 68).
والمرء ما عاش في تكذيب
…
طول الحياة له تعذيب
وقال أبو الفضل أحمد بن أبي طاهر في "اختيار المنظوم والمنثور" يصف هذه القصيدة: "لم يقل أحد في وزنها وعروضها، ولا على مثالها إلا ذو الأصبع العدواني، وما قاربها، ولا دنا منها".
لعل المؤلف لا ينكر القصيدة من ناحية اختلال وزنها، فإنه سيدهشك في الحديث عن مهلهل، ويعد في أسباب إنكاره لقصيدة "أليلتنا بذي حسم" استقامة وزنها، وإطراد قافيتها.
وأما بيت:
"علّام ما أخفت القلوب"
فقد التقط (مرغليوث) أبياتاً من هذا النوع، وفي هذا المعنى، وساقها في مقاله المنشور في مجلة "الجمعية الآسيوية الملكية" مستشهداً بها على أن هذا الشعر لم يصدر عن العرب قبل الإسلام.
وقد سبق القدماء إلى نقد الشعر الجاهلي من هذا الوجه، فإذا رأوا بيتاً فيه شيء من روح القرآن، أو احتوى معنى يختص بالإسلام، ارتابوا فيه، وذهبوا به مذهب المنحول.
أورد ابن قتيبة قصيدة للبيد ذكر أنه قالها قبل الإسلام، وفي آخر القصيدة:
وكل امرئ يوماً سيعلم سعيه
…
إذا كشفت عند الإله المحاصلُ
ثم قال: "هذا البيت يدل على أنه قيل في الإسلام، وهو شبيه بقول الله تبارك وتعالى {وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ} [العاديات: 10]، أو كان لبيد قبل إسلامه