الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوعه! قولوا للمؤلف: بأي أذن سمعت، أم بأيّ ذوق أدركت أن الموالي هم الذين اصطنعوا هذا النثر الذي فيه مدح لكسرى، أو ثناء على الفرس؟.
إذا كان الأعشى شاعراً، وجاءت كتب التاريخ والأدب بأنه كان يتردد على ملوك الفرس، أفلا يكفي هذا أمارة على أنه كان يلقي بين أيديهم شعراً، وأن هذا الشعر يشتمل على مديح وثناء؟!.
وإذا كان عديّ بن زيد شاعراً، وحدثنا التاريخ بأنه كان يتردد على كسرى، ويتولى الكتابة العربية في ديوانه، أفنستبعد مع هذا أن يأتي في شعره شيء من الثناء على كسرى أو سلطانه؟!.
لقد سُلِّطَ هذا المؤلف على شعر الأعشى، فأعطى قسطاً منه إلى اليهود، وقسطاً إلى الموالي، وسُلِّط على شعر عدّي بن زيد، فجعله مقسّماً على النصارى والموالي، ذهب أولئك بشطر منه، وذهب هؤلاء بالشطر الآخر!.
إن الذي يريد أن ينفي هذا الشعر عن الأعشى، وعدّي بن زيد، يحتاج إلى أن يدَّعي أنهما اسمان خياليان، أو أنهما لم يكونا شاعرين، أو أنهما لم يتصلا بكسرى، فلا الأعشى تمكّن من زيارته، ولا عدّي بن زيد عمل في دولته.
وقد أدرك الأعشى عهد البعثة، ولم يكن عديّ بن زيد منها ببعيد، وقد تواردت كتب التاريخ والأدب على أنهما كانا يفدان على كسرى، فهل للمؤلف أن يناقش في هذا على طريقة النظر الصحيح؟!.
*
أبيات أبي الصلت بن ربيعة:
قال المؤلف في (ص 11): "وهم أنطقوا شاعراً من شعراء الطائف بأبيات رواها الثقات من الرواة على أنها صحيحة لا شك فيها، وهي أبيات
تضاف إلى أبي الصلت بن ربيعة، وهو أبو أمية ابن أبي الصلت المعروف. وقد يكون من الخير أن نروي هذه الأبيات وهي:
"لله درهم من عصبة خرجوا"
وسرد منها سبعة أبيات تنتهي بقوله:
"شيبا بماء فعادا بعد أبوالا"
ثم قال: "وقد زاد ابن قتيبة في أوله هذه الأبيات، وهي أبلغ في الدلالة على ما نريد أن ندل عليه، وهي:
لن يطلب الوتر أمثالُ ابن ذي يزنٍ
…
لجج في البحر للأعداء أحوالا
أتى هرقل وقد شالت نعامته
…
فلم يجد عنده القول الذي قالا
ثم انتحى نحو كسرى بعد تاسعة
…
من السنين لقد أبعدت إيغالا
حتى أتى ببني الأحرار يحملهم
…
أنك عمري لقد أسرعت قلقالا
ثم قال المؤلف: "فانظر إليه كيف قدم الفرس على الروم في أول الشعر، وعلى العرب في سائره".
إن كان في أول الشعر تقديم للفرس على الروم، فليس في سائره تقديمهم على العرب. أما قوله:
"ما إن ترى لهم في الناس أمثالا"
فإنما هي مبالغة الشاعر الذي لا يحبس نفسه في حدود الحقيقة، وقد تكون هذه الكلمة تستعمل لذلك العهد -مثلما نستعملها اليوم- للمبالغة في مدح المتحدث عنه من غير قصد إلى تفضيله على كل من سواه، أنستبعد من أبي الصلت -وهو شاعر- أن يقدم هذه الكلمة البالغة في المديح إلى