الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قول المؤلف في (ص 8): "أن أجيبك على هذا السؤال، بل أنا لا أكتب ما أكتب إلا لأجيبك عليه، ولأجل أن أجيبك عليه إجابة مقنعة يجب".
ولو فرضنا أن التكرار في البيت ثقيل معيب، فمن الذي يقول: إن العربي القحّ لا يكبو في بيت من الشعر يحسبه خفيفاً على الذوق، وهو على الذوق ثقيل؟ فالمؤلف يزعم أن القصيدة مصطنعة، والبيت غير فصيح. ولا ينازع في أن منشئها عربي فصيح، فالعلّة التي يذكرها في نظم العربي لهذا البيت المكروه يصح لنا أن نذكرها حين ننسب الشعر لابن كلثوم، ولا أحسبه يقول: إن صانع القصيدة أتى بهذا البيت غير الفصيح نكاية بابن كلثوم.
ولو فرضنا أن التكرار في البيت مكروه، وأن العربي القح لا يخونه ذوقه، فيقول ما تنبو عنه الأذواق السليمة، لكان من المعقول أن يحكم باصطناع البيت وحده، ولا يسري حكمه إلى القصيدة بجملتها.
*
كيف كان شعراء ربيعة يتحدثون
؟
قال المؤلف في (ص 167): "ومهما يكن من شيء، فإن قصيدة ابن كلثوم هذه من رقة اللفظ وسهولته، ما يجعل فهمها يسيراً على أقل الناس حظاً من العلم باللغة العربية في هذا العصر الذي نحن فيه. وما هكذا كانت تتحدث العرب في منتصف القرن السادس للمسيح، وقبل ظهور الإسلام بما يقرب من نصف قرن. وما هكذا كانت تتحدث ربيعة خاصة في هذا العصر الذي لم تسد فيه لغة مضر، ولم تصبح فيه لغة الشعر. بل ما هكذا كان يتحدث الأخطل التغلبي الذي عاش في العصر الأموي؛ أي: بعد ابن كلثوم بنحو قرن. واقرأ هذه الأبيات، وحدثني: أتطمئن إلى جاهليتها؟ "، وساق المؤلف نحو
اثنين وثلاثين بيتاً من معلقة ابن كلثوم، وقال:"أمتن من هذه القصيدة وأرصن، قصيدة الحارث من حلّزة".
شأنُ الباحث الذي يريد نفي قصيدة عن عصر، ويذهب إلى نفيها من ناحية مخالفتها لأسلوب ذلك العصر: أن يشرح هذا الأسلوب، ويرسم صورته في أذهان طلابه، ويقيم البيّنة على أن هذه الصورة صادقة، هكذا يفعل الباحث المستقيم، ولكن المؤلف ينفي قصيدة:"ألا هبّي" عن منتصف القرن السادس للمسيح، بزعم أن العرب أو ربيعة ما كانت تتحدث هكذا، ولم يخطر على باله أن يقول كلمة تصور طريقة الحديث في ذلك العهد، وتثبت أن هذه السهولة لا تطوع بها ألسنتهم في حال.
نحن والمؤلف في عدم معرفة طرز حديث ذلك العهد على سواء، وليس بين أيدينا سوى هذا الشعر الذي يقول الرواة: إنه مما تحدثت به ربيعة في منتصف القرن السادس للمسيح، وليس من أدب البحث أن نقول لهم: هذا لا يشبه حديث ربيعة في ذلك العهد، إلا أن نعرف من طريق آخر كيف كان شعراء ربيعة يتحدثون.