الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جليلة
قال المؤلف في (ص 162): "ولكنا لا نريد أن نترك مهلهلاً دون أن نضيف إليه امرأة أخيه جليلة، التي رثت كليباً -فيما يقول الرواة- بشعر لا ندري أيستطيع شاعر أو شاعرة في هذا العصر الحديث أن يأتي بأشد منه سهولة وليناً وابتذالاً، مع أننا نقرأ للخنساء، وليلى الأخيلية شعراً فيه من قوة المتن وشدة الأسر، ما يعطينا صورة صادقة للمرأة العربية البدوية".
وساق بعد هذا قصيدة جليلة في أحد عشر بيتاً.
قصة جليلة والأبيات التي سردها المؤلف واردة في كتاب "الأغاني" مروية عن شرقي بن القطامي، وإذا كانت روايتها تدور على شرقي، فأهل العلم ينظرون إليها بمنزلة الأسمار، ويأخذونها حرصاً على ما فيها من حلية أدبية. وسواء علينا أوجد لروايتها سند غير ابن القطامي، أم لم يوجد، فالقصيدة ليست على ما يصف المؤلف من الابتذال، فإنك تجد فيها نظماً محكماً، ومعاني سامية، وأبياتها تختلف بحسب روايتها في المقدار، وترتيب بعض الأبيات. وعلى أي حال كانت، لا يصح لأستاذ الآداب أن يصف بالابتذال وضعف الأسر هذا الشعر:
يا قتيلاً قوّض الدهر به
…
سقف بيتيَّ جميعاً من علِ
ورماني فقدُه من كثبٍ
…
رمية المصمى به المستأصَل
هدم البيت الذي استحدثته
…
وسعى في هدم بيتي الأول
مسّني فقدُ كليبٍ بلظى
…
من ورائي ولظًى مستقبلي
ليس من يبكي ليومين كمن
…
إنما يبكي ليوم ينجلي
يشتفي المدرك بالثأر وفي
…
دركي ثأري ثكل المثكل
ليته كان دمي فاحتلبوا
…
دركاً معه دمي من أكحلي
ولا ندري كيف غاب عن المؤلف أن يشفق على هذه الثكلى، ويترك لها من هذا الشعر ولو ريحه، فهلّا قال كما قال في قسم من "قفا نبك": فيه شيء من ريح جليلة، ولكن من ريحها ليس غير!.
ولا عجب أن يتصور المؤلف، أو يصور تاريخ العرب على غير وجهه الحق، ولا عجب ألا يبصر ما في حقائق الإسلام من وضاءة وحكمة، فإنه أصبح غريباً عن العرب والإسلام، والغريب -كما يقولون- أعمى، وإنما العجب من أستاذ الآداب أن ينقد الشعر بما لا ينقده به ذوو الأذواق السليمة!.