الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
يزيد بن معاوية:
قال المؤلف في (ص 55): "وأما يزيد، فقد كان صورة لجدّه أبي سفيان، كان رجل عصبية وقوة وفتك، وسخط على الإسلام، وما سنّه للناس من سنن".
يصف المؤلف يزيد بالسخط على الإسلام، وما سنه للناس من سنن، وهذا أحد آراء في يزيد بن معاوية، ومنهم من كان يزعم أنه من الخلفاء الراشدين، وكلا القولين باطل يعلم بطلانه كل عاقل (1). فلم يكن يزيد ملكاً ملحداً، ولا خليفة راشداً، بل كان ملكاً يأخذه الهوى بالإثم، وقد يلقي به الغضب في سياسة عرجاء، ومن يخلص نفسه من شهوة تكثير المارقين، ويجردها من داعيتي التعصب للأمويين، أو التحامل عليهم، ثم ينظر في تاريخ يزيد من كل ناحية، يصل إلى أنه لم يكن من الملوك الراشدين، ولا يستطيع أن يحكم عليه بأنه من قوم لا يؤمنون.
فالمؤلف يرمي أبا سفيان ويزيد بالسخط على ما سنّه الإسلام من سنن، ويستند في هذا إلى استنباط أشبه شيء بالسراب، أو قصة يتفق المحققون على وضعها، وكان حقاً عليه ألا يحرمهما من التأويل الذي ابتغاه لنفسه، ولم يتق وصمته الخلقية، وسقطته العلمية، وهو أن الإيمان بالقرآن، والتكذيب به قد اجتمعا له في وقت واحد، فهو مسلم بقلبه، جاحد بعقله، واعتقاد أن النقيضين لا يجتمعان، إنما يوجد في أدمغة أنصار القديم.
*
وقعة الحرَّة:
قال المؤلف في (ص 55): "وأنت لا تنكر أن يزيد هو صاحب وقعة
(1) ابن تيمية في "منهاج السنة"(ج 2 ص 247).
الحرة التي انتهكت فيها حرمات الأنصار في المدينة، والتي انتقمت فيها قريش من الذين انتصروا عليها في بدر، والتي لم تقم للأنصار بعدها قائمة. ولأمر ما يقول الرواة حين يقصون وقعة الحرة: إنه قد قتل فيها ثمانون من الذين شهدوا بدراً؛ أي: من الذين أذلوا قريشاً".
يعلم كل من له إلمام بالتاريخ: أن سبب وقعة الحرة: سخط طائفة عظيمة من المسلمين على سيرة يزيد، واشترك في هذا السخط فريق من الأنصار، وفريق من قريش، وكان على رأس قريش: عبد الله بن مطيع بن الأسود القرشي العدوي، وعلى رأس الأنصار: عبد الله بن حنظلة الأنصاري، ثم إن قائد جيش يزيد، وهو مسلم بن عقبة حين أرهق أهل المدينة، وأسرف في قتلهم، لم يميز قرشياً من أنصاري، فالحرب وقعت بين جيش يزيد وجماعة المسلمين القاطنين بالمدينة، وقائد هذا الجيش الذي أسرف في الفتك بأهل المدينة، هو الذي سار بالجيش نفسه إلى محاربة ابن الزبير القرشي ومن معه من آل مكة القرشيين.
يحكي المؤلف عن الرواة: أنه قتل في وقعة الحرة ثمانون من الذين شهدوا بدراً، وليس في كتب التاريخ ما يصدق هذه الرواية، فمن المؤرخين من لم يتعرضوا لإحصاء القتلى بهذه الواقعة؛ كابن جرير، وابن الأثير، ومنهم من ذكروا عددهم في إجمال، ولم يعرجوا على ذكر أهل بدر، كما صنع ابن الجوزي في "المنتظم"، والصفدي في "الوافي بالوفيات"؛ حيث قالا: إن القتلى يوم الحرة سبع مئة من وجوه الناس؛ من قريش، والأنصار، والمهاجرين، ووجوه الموالي، ومن لا يعرف عشرة آلاف. وتعرض لذكر أهل بدر صاحب كتاب "الإمامة والسياسة"، فقال: "وذكروا أنه قتل يوم