الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
"جامع الإمام الترمذي"(ت: 279 هـ): وقد اقتصر فيه على آثار التفسير المرفوعة.
5 -
"السنن الكبرى النسائي"(ت: 303 هـ)، ومن ضمنها باب كبير في تفسير القرآن، طبع مستقلًّا باسم تفسير النسائي.
ويندرج ضمن هذه الكتب مصنف عبد الرزاق الصنعاني (ت: 211 هـ)، ومصنف ابن أبي شيبة (ت: 234 هـ). اللذان حويا ثروة تفسيرية كبيرة عن الصحابة والتابعين لا سيما فيما يتعلق بآيات الأحكام.
وفي هذا الباب الكثير من دواوين السُّنَّة، مما يطول المقام باستقصائها.
*
المرحلة الرابعة: مرحلة اختصار الأسانيد
(1)
:
قال السيوطي واصفًا المرحلة السابقة التي جمع فيها تفسير السلف مسندًا:
". . . ثم بعد هذه الطبقة أُلِّفت تفاسير تجمع أقوال الصحابة والتابعين كتفسير سفيان بن عيينة، ووكيع بن الجراح، وشعبة بن الحجاج، ويزيد بن هارون، وعبد الرزاق، وآدم بن أبي إياس، وإسحاق بن راهويه، وروح بن عبادة، وعبد بن حميد، وسعيد، وأبي بكر بن أبي شيبة، وآخرين، وبعدهم ابن جرير الطبري، وكتابه أجلّ التفاسير وأعظمها، ثم ابن أبي حاتم، وابن ماجه، والحاكم، وابن مردويه، وأبو الشيخ بن حبان، وابن المنذر، في آخرين، وكلها مسندة إلى الصحابة والتابعين وأتباعهم، وليس فيها غير ذلك؛ إلا ابن جرير فإنه يتعرض لتوجيه الأقوال، وترجيح بعضها على بعض، والإعراب، والاستنباط، فهو يفوقها بذلك".
ثم قال واصفًا المرحلة التي تليها من اختصار الأسانيد عند المتأخرين: "ثم ألّف في التفسير خلائق فاختصروا الأسانيد، ونقلوا الأقوال بترًا، فدخل من هنا الدخيل،
(1)
كانت بداية السؤال عن الإسناد في عهد كبار التابعين؛ "لكن الإلحاح في طلبه ازداد بعد جيل الصحابة وكبار التابعين بسبب شيوع الوضع واتساع نطاقه على مر الزمن، فأصبح الإسناد ضرورة لا مناص للمحدث من ذكره إذا أراد لرواياته القبول حتى إن الزهري أحد صغار التابعين (ت: 124 هـ) اعتبر إغفال الإسناد جرأة على اللَّه تعالى". [بحوث في تاريخ السُّنَّة المشرفة ص 53]، وهكذا شاع الإسناد في أوائل القرن الثاني الهجري إلى حدود القرن الخامس والتزم به المحدثون، ويعكس لنا أهمية الإسناد ما قاله نقاد الحديث وأئمته كعبد اللَّه بن المبارك (ت: 187 هـ) الذي قال: "الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء". [صحيح مسلم 1/ 15، وينظر: المرجع السابق ص 53]، وفي المقابل كان الرواة الذين لا يسندون متهمين، ورواياتهم مرفوضة، ولم يقتصر طلب الإسناد على الأحاديث المرفوعة بل أيضًا اعتُني به في مرويات التفسير، باعتبار أن رواة التفسير هم رواة الحديث.
والتبس الصحيح بالعليل، ثم صار كل من يسنح له قول يورده، ومن يخطر بباله شيء يعتمده، ثم ينقل ذلك عنه من يجيء بعده ظانًا أن له أصلًا، غير ملتفت إلى تحرير ما ورد عن السلف الصالح، ومن يرجع إِليهم في التفسير، حتى رأيت من حكى في تفسير قوله تعالى:{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7]، نحو عشرة أقوال، وتفسيرها باليهود والنصارى هو الوارد عن النبي وجميع الصحابة والتابعين وأتباعهم، حتى قال ابن أبي حاتم: لا أعلم في ذلك اختلافًا بين المفسرين"
(1)
.
وظاهر كلام السيوطي أن اختصار الأسانيد انتشر كظاهرة في القرن الرابع الهجري، لكن بداياتها كانت قبل ذلك، ويمكن القول: إنها مرت بصور عديدة متداخلة زمنيًّا، حتى استقرت على الحال المعروفة من حذف الأسانيد بصورة كاملة، فمن تلك الصور والمراحل:
1 -
دمج الأسانيد بعضها في بعض في إسناد واحد بحيث لا يتميز القائل وقوله، وهذا واضح عند السدي (ت: 127 هـ) في النسخة التي جمعها من تفسير ابن مسعود وناس من الصحابة من طريق مرة الهمداني، وتفسير ابن عباس من طريق أبي صالح وأبي مالك، وقد انتقد الإمام أحمد هذه الطريقة فقال عن السدي:"إنه ليحسن الحديث، إلا أن هذا التفسير الذي يجيء به قد جعل له إسنادًا، واستكلفه"
(2)
.
2 -
حذف الإسناد أثناء التفسير، وكذلك القائل أيضًا عند البعض، وهو واضح وصريح عند مقاتل بن سليمان (ت: 150 هـ) في تفسيره الكبير، وربما يكون أول من فتح باب حذف أسانيد التفسير
(3)
، وقد عيب عليه ذلك الصنيع، فقال عبد اللَّه بن المبارك حين وقف على تفسيره:"يا له من علم لو كان له إسناد"
(4)
.
3 -
اختصار الأسانيد أثناء التفسير: وهو جلي عند يحيى بن سلام (ت: 200 هـ) في تفسيره، حيث يسقط بعض رجال السند أحيانًا. فمثلًا تجده أحيانًا يسند عن قتادة، فيذكر الواسطة وكثيرًا ما يحذفها
(5)
.
4 -
الالتزام بالإسناد في بعض الروايات، وحذفها في البعض الآخر اختصارًا، وهذا منهج التزمه ابن أبي حاتم (ت: 327 هـ) في تفسيره، حيث قال في مقدمته: "سألني
(1)
الإتقان 6/ 2343.
(2)
تهذيب التهذيب 10/ 314.
(3)
ينظر: تفسير أتباع التابعين ص 77.
(4)
تهذيب التهذيب 10/ 279.
(5)
تنظر أمثلة لذلك في: تفسيره 1/ 54، 58، 2/ 536، 541.
جماعة من إخواني إخراج تفسير القرآن مختصرًا بأصح الأسانيد، وحذف الطرق والشواهد والحروف والروايات، وتنزيل السور. . . فتحريت إخراج ذلك بأصح الأخبار إسنادًا، وأشبهها متنًا، فإذا وجدت التفسير عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لم أذكر معه أحدًا من الصحابة ممن أتى بمثل ذلك، وإذا وجدته عن الصحابة فإن كانوا متفقين ذكرته عن أعلاهم درجة بأصح الأسانيد، وسميت موافقيهم بحذف الاسناد. وإن كانوا مختلفين ذكرت اختلافهم وذكرت لكل واحد منهم إسنادًا، وسميت موافقيهم بحذف الاسناد، فإن لم أجد عن الصحابة ووجدته عن التابعين عملت فيما أجد عنهم ما ذكرته من المثال في الصحابة، وكذا أجعل المثال في أتباع التابعين وأتباعهم"
(1)
.
5 -
الاكتفاء بذكر الأسانيد في المقدمة: كما هو الحال لدى الثعلبي (ت: 427 هـ)، الذي أورد عشرات الأسانيد في مقدمة كتابه عن معظم مفسري السلف ومَنْ بعدهم، وفيهم من أورد له عدة أسانيد من طرق مختلفة، منها الصحيح ومنها الضعيف، خصوصًا ابن عباس رضي الله عنهما، لكن ذلك لم يتميز أثناء تفسيره، فكثيرًا ما يورد القول عن ابن عباس دون بيان طريقه، مما سبّب التباس الصحيح بالضعيف، وعدم تميز كل منهما. وقد صنع مقاتل بن سليمان في تفسيره ما يقارب هذا الصنيع، لكنه لم ينسب الأقوال إلى قائليها في أغلب تفسيره، واللَّه أعلم.
* * *
(1)
تفسير ابن أبي حاتم 1/ 14.