الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعضه بعضًا، وأنه هو أوثق تعويلًا، وأحسن تأويلًا"
(1)
، وقال الشنقيطي (ت: 1393 هـ) في مقدمة تفسيره: "واعلم أن من أهم المقصود بتأليفه أمران: أحدهما: بيان القرآن بالقرآن، لإجماع العلماء على أن أشرف أنواع التفسير وأجلها: تفسير كتاب اللَّه بكتاب اللَّه"
(2)
.
ومن شواهد الاستناد إليه في بيان معاني القرآن قول ابن جرير (ت: 310 هـ) في قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} [الدخان: 3]: "والصواب من القول في ذلك قول من قال: عني بها ليلة القدر؛ لأن اللَّه أخبر -تعالى ذكره- أن ذلك كذلك بقوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1] "
(3)
. وانتقد ابن عطية (ت: 541 هـ) بعضا من الأقوال بقوله: "وهذه الأقوال كلها ضعيفة، ودعاوى لا تستند إلى قرآن ولا حديث"
(4)
.
2 - القراءات القرآنية:
والمقصود بها: كيفية أداء الكلمات القرآنية اتفاقًا واختلافًا، مع عزو كل وجه لناقله
(5)
. وتنقسم إلى قسمين:
الأول: القراءة الصحيحة، وهي ما اجتمع فيها ثلاثة شروط:
1 -
استفاضتها وشهرتها بين القراء.
2 -
موافقتها وجهًا صحيحًا في العربية.
3 -
موافقتها لرسم مصاحف المسلمين.
الثاني: القراءة الشاذة، وهي كل قراءة تخلف عنها شرط من شروط القراءة الصحيحة.
قال ابن جرير (ت: 310 هـ): "ثم كل من اختار حرفًا من المقبولين من الأئمة المشهورين بالسُّنَّة، والاقتداء بمن مضى من علماء الشريعة راعى في اختياره: الرواية أولًا، ثم موافقة المصحف الإمام ثانيًا، ثم العربية ثالثًا. فمن لم يراع الأشياء الثلاثة في اختياره لم يقبل اختياره، ولم يتداوله أهل السُّنَّة والجماعة"
(6)
.
والفرق بينهما هنا: أن القراءة الشاذة لا يقطع بقرآنيتها، ولا تصح الصلاة بها.
= مفردات القرآن، وإمعان في أقسام القرآن، توفي سنة (1349 هـ). ينظر: مقدمة مفردات القرآن ص 11.
(1)
دلائل النظام ص 83.
(2)
أضواء البيان 1/ 8.
(3)
جامع البيان 21/ 6.
(4)
المحرر الوجيز 3/ 434.
(5)
ينظر: منجد المقرئين ص 49، والبدور الزاهرة ص 7.
(6)
شرح الدرر اللوامع في أصل مقرأ الإمام نافع، للمنتوري 2/ 864.
أما الاستناد إليهما في بيان المعاني فصحيح معتبر؛ فإن الاحتجاج بالقراءة الصحيحة -بشروطها الثلاثة السابقة- من جنس الاحتجاج بالقرآن الكريم؛ لأن كل قراءة صحيحة بمثابة آية مستقلة، وذلك أن كيفيات أداء الكلمات القرآنية إنما ثبتت بتنزيل من اللَّه تعالى ذكره، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا ما تيسر منه"
(1)
، قال ابن تيمية (ت: 728 هـ): "وقد بيَّنَّا أن القراءتين كالآيتين، فزيادة القراءات كزيادة الآيات"
(2)
، وقال الشوكاني (ت: 1250 هـ): "وقد تقرر أن القراءتين بمنزلة الآيتين"
(3)
، وقال الشنقيطي (ت: 1393 هـ): "إن القراءتين إذا ظهر تعارضهما
(4)
في آية واحدة لهما حكم الآيتين كما هو معروف عند العلماء"
(5)
.
أما الاحتجاج بالقراءات الشاذة على المعاني فالعلماء فيه على رأيين، أصحهما: صحة الاحتجاج بالقراءات الشاذة، وهو مذهب أبي حنيفة (ت: 150 هـ)، والشافعي (ت: 204 هـ)، وأحمد (ت: 241 هـ)، وعليه أكثر العلماء، وعامة المفسرين، وذكره ابن عبد البر (ت: 463 هـ) إجماعًا
(6)
، ولا يكاد يرى أثر هذا الخلاف في كتب التفسير، بل الأصل فيها نقل هذه القراءات، والاحتجاج بها ضمن قواعد الاستدلال المعتبرة، قال أبو عبيد القاسم بن سلام (ت: 224 هـ): "فأما ما جاء من هذه الحروف التي لم يؤخذ علمها إِلا بالإسناد والروايات التي تعرفها الخاصة من العلماء دون عوام الناس فإنما أراد أهل العلم منها أن يستشهدوا بها على تأويل ما بين اللوحين، ويكون دلائل على معرفة معانيه، وعلم وجوهه، وذلك كقراءة حفصة وعائشة:(حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر)[البقرة: 238]
(7)
، وكقراءة ابن مسعود:(والسارقون والسارقات فاقطعوا أيمانهم)[لمائدة: 38]
(8)
. .، فهذه الحروف وأشباه لها كثيرة قد صارت مفسرةً للقرآن، وقد كان يروى مثل هذا عن بعض التابعين في التفسير فيستحسن ذلك، فكيف إذا روي عن لباب أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ثم صار في
(1)
أخرجه البخاري في صحيحه 6/ 194 (5041)، ومسلم في صحيحه 2/ 422 (818).
(2)
مجموع الفتاوى 13/ 400.
(3)
فتح القدير 1/ 226.
(4)
القراءات المقبولة لا تتعارض، بل تتخالف.
(5)
أضواء البيان 2/ 11.
(6)
الاستذكار 2/ 35. وينظر: فضائل القرآن، لأبي عبيد ص 195، ومجموع الفتاوى 20/ 260، ومختصر ابن اللحام ص 72، وشرح الكوكب المنير 2/ 139.
(7)
قراءة شاذة. ينظر: قراءات النبي صلى الله عليه وسلم، للدوري ص 77، والمصاحف 1/ 352، 365، 371.
(8)
قراءة شاذة. ينظر: القراءات الشاذة، لابن خالويه ص 33.