الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأحد بالحذق في علمه"، وقال أبو العباس ابن سريج (ت: 306 هـ): "محمد بن جرير الطبري فقيه العالم"، وقال أبو بكر بن خزيمة (ت: 311 هـ): "إني لا أعلم على أديم الأرض أحدًا أعلم منه"، وقال الخطيب البغدادي (ت: 463 هـ): "كان أحد أئمة العلماء، يحكم بقوله، ويرجع إلى رأيه لمعرفته وفضله، وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، وكان حافظًا لكتاب اللَّه، عارفًا بالقراءات، بصيرًا بالمعاني، فقيهًا في أحكام القرآن، عالمًا بالسنن وطرقها، صحيحها وسقيمها وناسخها ومنسوخها، عارفًا بأقوال الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من الخالفين؛ في الأحكام، ومسائل الحلال والحرام، عارفًا بأيام الناس وأخبارهم"، وأثنى عليه ابن تيمية (ت: 728 هـ) كثيرًا، وعدَّه من كبار أئمة الإسلام الذين ينقل الدين عنهم، ويعتمد على قولهم، وقال السيوطي (ت: 911 هـ): "رأس المفسرين على الإطلاق، أحد الأئمة، جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره".
توفي ببغداد سنة (310 هـ)، عن ست وثمانين سنةً
(1)
.
2 - ابن عطية
هو عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن ابن عطية، أبو محمد المحاربي، يرجع نسبه إلى مضر، ولد بغرناطة
(2)
سنة (481 هـ)، ونشأ بها في بيت علم وفضل، فأبوه كان من أكابر علماء غرناطة وفقهائهم، وأجداده أيضًا مشهورون بالعلم والفضل والكرم
(3)
.
كان مبتدأ طلبه للعلم على يدي علماء غرناطة، ومنهم والده الذي قرأ عليه علوم الشريعة واللغة والتاريخ، واستمرت رعايته له؛ ففي الوقت الذي ألف فيه أبو محمد "المحرر الوجيز" كان والده ربما أيقظه في الليلة مرتين يقول له:"قم يا بني اكتب كذا وكذا في موضع كذا من تفسيرك"
(4)
. ثم رحل إلى كبريات مدن الأندلس الزاخرة
(1)
للتوسع في ترجمته ينظر: تاريخ بغداد 2/ 548، ومعجم الأدباء 6/ 2441 - وهما أوفى من ترجم له-، والفهرست ص 287، وإنباه الرواة 3/ 89، وسير أعلام النبلاء 14/ 267، وطبقات المفسرين ص 95.
(2)
بلدة مشهورة من أقدم وأعظم وأحصن بلدان الأندلس، وتقع الآن جنوب إسبانيا. ينظر: معجم البلدان 4/ 195، وأطلس التاريخ العربي ص 76.
(3)
ينظر: فهرس ابن عطية ص 9، وتاريخ قضاة الأندلس ص 109.
(4)
بغية الملتمس ص 441.
بالعلم والعلماء؛ كقرطبة، وإشبيلية، ومرسية، وبلنسية، وجيان، ولقي وجوه علمائها وقرأ عليهم، وراسل جماعةً من العلماء فأجازوه
(1)
.
تولى قضاء "المرية"
(2)
سنة (529 هـ) زمن دولة "المرابطين"
(3)
التي عاصرها ابن عطية (ت: 541 هـ) منذ توليها مقاليد حكم الأندلس من (483 هـ) إلى (540 هـ) تقريبًا، وقال لسان الدين ابن الخطيب عن قيامه بذلك:"توخى الحق، وعدل في الحكم، وأعز الخطة"
(4)
.
وقد شارك في جهاد النصارى في نواحي الأندلس، حتى وصف بأنه "كان يكثر الغزوات في جيوش الملثمين"
(5)
، وقال عن لقائه بأحد مشايخه:"لقيته في "جيان"
(6)
، في نهوضي إلى غزوة طلبيزة سنة ثلاث وخمسمئة"
(7)
، وشارك في بعض معارك "سرقسطة"
(8)
سنة (511 هـ) وكتب رسالةً إلى بعض مشايخه يصف له فيها هذه الغزوة
(9)
.
وكان أشعري الاعتقاد
(10)
، كما هو ظاهر في مواضع كثيرة من تفسيره
(11)
، وله موافقات لأقوال السلف، وللمعتزلة في مواضع، كما أشار إلى ذلك ابن تيمية (ت: 728 هـ)، وابن حجر الهيتمي (ت: 974 هـ)
(12)
.
وقد كان من أعيان مذهب الإمام مالك بن أنس (ت: 179 هـ)، وهذا واضح في
(1)
ينظر: فهرس ابن عطية ص 59، والصلة 1/ 367، والديباج المذهب 2/ 57.
(2)
مدينة كبيرة تقع على البحر المتوسط، جنوب شرقي الأندلس. ينظر: معجم البلدان 5/ 119، والروض المعطار ص 537.
(3)
ويقال لهم: الملثمون، وهم قوم من بربر المغرب، كان فيهم جد وصلابة في الدين، أقاموا دولةً للإسلام والجهاد في المغرب والأندلس قرابة ستين ممنة، وأميرهم يوسف بن تاشفين. ينظر: الكامل في التاريخ 8/ 134، 137، والمعجب في تلخيص أخبار المغرب ص 122.
(4)
الإحاطة في أخبار غرناطة 3/ 412. وينظر: الديباج المذهب 1/ 175.
(5)
المعجم، لابن الأبار ص 271. والملثمون هم المرابطون.
(6)
مدينة كبيرة بالأندلس، تقع شرقي قرطبة. ينظر: معجم البلدان 2/ 195، والروض المعطار ص 183.
(7)
فهرس ابن عطية ص 137.
(8)
مدينة مشهورة شرق الأندلس، تسمى: المدينة البيضاء؛ لكثرة جصها ورخامها. ينظر: معجم البلدان 3/ 212، والروض المعطار ص 317.
(9)
قلائد العقيان ص 224.
(10)
نسبةً إلى أبي الحسن الأشعري، وهم فرقة خالفوا مذهب أهل السُّنَّة في مسائل في الإيمان والقدر والصفات وغيرها. ينظر: الملل والنحل 1/ 94، وموقف ابن تيمية من الأشاعرة 1/ 229.
(11)
ينظر: المحرر الوجيز 2/ 28، 3/ 69، 211 - 213، 6/ 79.
(12)
ينظر: مجموع الفتاوى 13/ 361، والفتاوى الحديثية ص 242.
تفسيره، وعند من ترجم له
(1)
.
وقد جاءت مصنفات ابن عطية (ت: 541 هـ) قليلةً في جنب سعة علمه، وما برع فيه من الفنون، والذي ذكر له من ذلك هو:
1 -
"المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز"، وهو أشهر كتبه، حتى قيل فيه:"لو لم يكن له إِلا التفسير لكفى"
(2)
، وبه ظهر فضله وعلمه، قال علي بن سعيد (ت: 685 هـ) في تذييله على رسالة ابن حزم (ت: 456 هـ) في "مفاخر أهل الأندلس": "ولأبي محمد ابن عطية الغرناطي في تفسير القرآن الكتاب الكبير الذي اشتهر، وطار في الغرب والشرق"
(3)
، وقد تفرغ له وأفنى فيه سني حياته كما أشار في مقدمته
(4)
، فجاء محررًا مستوعبًا وجيزًا كما أراد؛ قال ابن الأبار (ت: 658 هـ): "وتأليفه في التفسير جليل الفائدة، كتبه الناس كثيرًا، وسمعوه منه، وأخذوه عنه"
(5)
، وقال ابن تيمية (ت: 728 هـ): "وتفسير ابن عطية وأمثاله أتبع للسُّنَّة والجماعة وأسلم من البدعة من تفسير الزمخشري، ولو ذكر كلام السلف الموجود في التفاسير المأثورة عنهم على وجهه لكان أحسن وأجمل"
(6)
، وقال أبو حيان (ت: 745 هـ): "هو أجل من صنف في علم التفسير، وأفضل من تعرض للتنقيح فيه والتحرير"
(7)
، وقال لسان الدين ابن الخطيب (ت: 776 هـ): "وألف كتابه المسمى بالوجيز، فأحسن فيه وأبدع، وطار لحسن نيته كل مطار"
(8)
، وقال السيوطي (ت: 911 هـ): "وألف تفسير القرآن الكريم، وهو أصدق شاهد له بإمامته في العربية وغيرها"
(9)
.
وصار هذا التفسير موضع عناية كثير من العلماء نقلًا واعتمادًا؛ كالقرطبي (ت: 671 هـ)
(10)
، وأبي حيان (ت: 745 هـ)
(11)
، وجمعًا ومقارنةً بغيره من التفاسير؛ كابن بزيزة التميمي التونسي (ت: 662 هـ)
(12)
، وأبي زكريا الشاوي (ت: 1096 هـ)
(13)
، وتهذيبًا
(1)
ينظر: الديباج المذهب 2/ 57، وشجرة النور الزكية 1/ 129.
(2)
فوات الوفيات 2/ 256.
(3)
نفح الطيب 3/ 179.
(4)
المحرر الوجيز 1/ 7 - 8. وينظر: منهج ابن عطية في تفسير القرآن الكريم ص 83.
(5)
المعجم ص 261.
(6)
مجموع الفتاوى 13/ 361.
(7)
البحر المحيط 1/ 20.
(8)
الإحاطة 3/ 412.
(9)
بغية الوعاة 2/ 73. وينظر: البحر المحيط 1/ 20.
(10)
ينظر: مقدمة ابن خلدون 2/ 121، وهذا ظاهر جدًّا في تفسير القرطبي.
(11)
ينظر: البحر المحيط 1/ 20.
(12)
ينظر: مقدمة فهرس ابن عطية ص 36.
(13)
طبع كتابه في مجلدين، عن دار الكتب العلمية، ط 1، 1430 هـ.