الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة
تقدم في مبحث تاريخ تفسير السلف ذكر طبقات السلف الثلاث؛ الصحابة والتابعين وتابعيهم، والعهد الذي عاصرته كل طبقة، كما ذكرنا الطبقات الزمنية لكل منهم، ففي الصحابة طبقتا كبارهم وصغارهم، وفي التابعين طبقة المخضرمين، وكبار التابعين، وأواسطهم وصغارهم، وفي أتباع التابعين: طبقة كبار أتباع التابعين وأواسطهم وصغارهم.
أما في هذا المبحث فسوف نستعرض طبقات مفسري السلف باعتبار الكثرة والقلة
(1)
في مقدار آثار تفسيرهم النظري الاجتهادي دون النقلي الروائي
(2)
، وذلك من خلال موسوعة التفسير المأثور، حيث تيسر لي بفضل اللَّه عز وجل أن أحصي تفسير كل مفسري السلف المذكورين في الموسوعة، بصورة أحسب أنها أقرب إلى الدقة والمصداقية؛ لأمور، من أهمها:
1 -
اعتماد هذا الإحصاء على موسوعة التفسير المأثور التي شملت كل مصادره المطبوعة، وما تبقى من مصادره المفقودة، وبالتالي شمول هذا الإحصاء الذي لم يقتصر على مصدر واحد فقط كما هو حاصل في أغلب الإحصاءات المعاصرة.
2 -
اعتماد الموسوعة منهجًا دقيقًا في تجزئة الآثار يعتمد على تفسير المفردة القرآنية الواحدة (المنهج التحليلي)، وهذا ما لا تجده في كتب نقلة التفسير المأثور
(3)
،
(1)
اتبعت في ذلك المعنى اللغوي للطبقة وهو "عبارة عن القوم المتشابهين". مقدمة ابن الصلاح ص 500.
(2)
وقد جرت الموسوعة في تحديد التفسير النقلي من الاجتهادي بناء على ظاهر ما نقله أئمة نقَلَة التفسير المأثور في كتبهم كعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وغيرهم، فطالما نسبوا القول لأحد السلف ولم يُشِرْ إلى أنه يرويه عن غيره فالقول له بناء على ظاهره. وستأتي أمثلة ومناقشة للمسألة في هذا البحث عند الحديث عن الربيع بن أنس، وينظر أيضًا: تفسير أتباع التابعين ص 153.
(3)
تميز ابن أبي حاتم في تفسيره بهذا المنهج تميزًا واضحًا، لكن لم يتحقق فيه المنهج الوارد في (3).
التي كثيرًا ما تورد الأثر كاملًا، وفيه تفسير عدد من مفردات القرآن
(1)
.
3 -
اعتمدت في بيان مقدار تفسير كل مفسر إحصاء ما ورد في الموسوعة في فقرة تفسير الآية فحسب، وتركت ما ذكر في الآثار المتعلقة بالآية؛ لأنها غالبًا ما تكون آثارًا عامة لم تُسق لتفسير الآية، وإنما رأى فيها مصنفو المصادر تعلقًا بمعنى الآية فألحقوه بتفسيرها، وهو كثير عند ابن أبي حاتم والسيوطي في الدر المنثور، بخلاف فقرة تفسير الآية في الموسوعة التي أدرجنا فيها الآثار التي يظهر أنها مسوقة لتفسير الآية
(2)
، من خلال كون المفسر قصد الحديث عن الآية بأن ينص عليها، أو يذكر لفظًا يختص بها ونحو ذلك
(3)
.
مما تقدم يتبين لك أن ما جاء في الدراسات الإحصائية المعاصرة قد أخل بسبب أو أكثر من الأسباب السابقة التي أحسب أنها بمجموعها توقفنا على سورة أدق لمقدار التفسير المأثور عن السلف.
وبعد أن انتهيت من الإحصاءات وفق المنهج السابق تحصل لدي مقدار التفسير لكل واحد من السلف
(4)
.
وبناء على ذلك جعلت أقسام السلف باعتبار الكثرة والقلة في التفسير على ثلاث طبقات:
- الطبقة الأولى: المكثرون من مفسري السلف: وهم من تجاوز تفسيرهم الاجتهادي 500 أثر.
(1)
وهو جلي عند السيوطي في الدر المنثور الذي كثيرًا ما يجمع الآثار التفسيرية المفصلة الواردة في المصادر عن مفسر واحد من طريق واحدة، ويسوقها مساقًا واحدًا في رواية واحدة.
(2)
هذا بصرف النظر عن حقيقة كلامه عن الآية أهو تفسير صريح أم استنباط وتدبر أم غير ذلك، مما يبحثه المعاصرون.
(3)
وهو المنهج الذي تميز به ابن جرير الطبري. ولا يخفى أن المسألة تعتمد على الاجتهاد ومن ثم قد تتباين وجهات النظر في ذلك.
(4)
لا يخفى أن هذا جهد بشري لا يمكن أن يكون دقيقًا 100 %، لاختلاف النظر في تحديد التفسير الاجتهادي من النقلي، أو التفسير المباشر وما سواه، أو تجزئة الآثار، أو فوات سابق في المصادر أو الآثار، ولما قد يحصل من خلل في الإحصاء والعد، إلى غير ذلك، لكن حسبي أني اجتهدت حسب الطاقة، وتحريت الدقة قدر الإمكان، ومن ثم فإن المحصلة إن لم تكن دقيقة جدًّا فإنها مؤشر يوضح مقدار تفسير كل مفسر بصورة تقريبية لن تختلف كثيرًا عن الواقع، واللَّه أعلم.
- الطبقة الثانية: المقلّون من مفسري السلف: وهم من تجاوز تفسيرهم الاجتهادي 100 أثر في التفسير دون أن تبلغ 500.
- الطبقة الثالثة: المشاركون في التفسير من السلف
(1)
: وهم من لم يبلغ تفسيرهم الاجتهادي 100 أثر.
وكل طبقة من هذا الطبقات جعلتها على طبقات كما سيأتي، وباللَّه التوفيق.
* * *
(1)
وأنبه على أنه أمر اصطلحت عليه من خلال واقع الإحصاءات المتحصلة لدي، والا فهناك من السلف من ذُكر أنهم من المفسرين، لكن لم تبلغ آثاره الحد المذكور لأسباب حاولت بيان أبرزها أثناء ترجمة بعضهم، كما سيأتي في طبقة المشاركين في التفسير.