الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نفس القراءة! فهو الآن أكثر من التفسير وأقوى، وأدنى ما يستنبط من علم هذه الحروف: معرفة صحة التأويل. على أنها من العلم الذي لا يعرف العامة فضله، إنما يعرف ذلك العلماء"
(1)
.
ومن شواهد استناد الأئمة الخمسة للقراءات قول ابن جرير (ت: 310 هـ) في قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} [آل عمران: 7]، حيث اختار أن قوله:{وَالرَّاسِخُونَ} مستأنف؛ مستندًا إلى قراءة أُبي وابن عباس: (ويقول الراسخون في العلم)، وقراءة عبد اللَّه:{إن تأويله إِلا عند اللَّه، والراسخون في العلم يقولون}
(2)
. وذهب ابن جرير (ت: 310 هـ)، وابن عطية (ت: 541 هـ)، وابن كثير (ت: 774 هـ) إلى أن معنى {وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ} [المائدة: 3]: وما افترسه ذو ناب وأظفار من الحيوان، كالأسد والنمر ونحوهما. استنادًا إلى أدلة منها قراءة ابن عباس:(وأكيل السبع) (
3).
3 -
السُّنَّة النبوية:
ويراد بها: كل ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول، أو فعل، أو تقرير، مما لم ينطق به الكتاب العزيز
(4)
.
وهي من أجلِّ ما يستند إليه في بيان معاني القرآن بإجماع من المسلمين، قال الشافعي (ت: 204 هـ): "لم أسمع أحدًا -نسبه الناس أو نسب نفسه إلى علم- يخالف في أن فرض اللَّه عز وجل اتباع أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، والتسليم لحكمه"
(5)
، وقال ابن تيمية (ت: 728 هـ): "السُّنَّة إذا ثبتت فإن المسلمين كلهم متفقون على وجوب اتباعها"
(6)
، وقال أيضًا:"اتفق الصحابة والتابعون لهم بإحسان وسائر أئمة الدين أن السُّنَّة تفسر القرآن وتبينه، وتعبِّر عن مجمله"
(7)
، وقال ابن الوزير (ت: 840 هـ): "النوع الثالث: التفسير النبوي، وهو مقبول بالنص والإجماع"
(8)
.
وقد نصَّ العلماء على تقديم دليل السُّنَّة في البيان عن معاني القرآن على غيره من
(1)
فضائل القرآن ص 195. وينظر: البرهان في علوم القرآن 1/ 336، والإتقان 2/ 533.
(2)
جامع البيان 5/ 221 - 222.
(3)
ينظر: جامع البيان 8/ 62، والمحرر الوجيز 3/ 97، وتفسير القرآن العظيم 3/ 22.
(4)
ينظر: لسان العرب 17/ 89، وشرح الكوكب المنير 2/ 159، ومذكرة أصول الفقه ص 167.
(5)
جماع العلم ص 11.
(6)
مجموع الفتاوى 19/ 85.
(7)
مجموع الفتاوى 13/ 363.
(8)
إيثار الحق على الخلق ص 152.
أنواع الأدلة عدا نص القرآن، كما قال أبو عبيد القاسم بن سلام (ت: 224 هـ): "السُّنَّة هي المفسرة للتنزيل، والموضحة لحدوده وشرائعه"
(1)
، وقال أحمد بن حنبل (ت: 241 هـ): "السُّنَّة عندنا آثار رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، والسُّنَّة تفسر القرآن، وهي دلائل القرآن"
(2)
، وقال أبو عمرو بن العلاء (ت: 154 هـ) وعبد الرحمن بن مهدي (ت: 198 هـ): "الحديث يفسر القرآن"
(3)
، وقال ابن جرير (ت: 310 هـ): "ورسول اللَّه أعلم بمعاني وحي اللَّه وتنزيله"
(4)
، وقال أيضًا:"ولا أحد أعلم بما عنى اللَّه تبارك وتعالى بتنزيله منه عليه السلام"
(5)
.
ومن شواهد اعتماد الأئمة الخمسة على السُّنَّة في البيان قول ابن جرير (ت: 310 هـ) في قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} [المائدة: 38]، حيث اختار أنه السارف لربع دينار أو قيمته؛ مستندًا إلى السُّنَّة، فقال:"والصواب من القول في ذلك عندنا قول من قال: الآية معني بها خاص من السراف؛ وهم سراق ربع دينار فصاعدًا أو قيمته؛ لصحة الخبر عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "القطع في ربع دينار فصاعدًا"
(6)
"
(7)
. ورجح ابن القيم (ت: 751 هـ) مستندًا إلى السُّنَّة بأن الدرجات في قوله تعالى: {دَرَجَاتٌ مِنْهُ} [النساء: 96]: "هي المذكورة في حديث أبي هريرة الذي رواه البخاري في صحيحه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من آمن باللَّه ورسوله، وأقام الصلاة، وصام رمضان، فإن حقًّا على اللَّه أن يدخله الجنة، هاجر في سبيله، أو جلس في أرضه التي ولد فيها"، قالوا: يا رسول اللَّه، أفلا تخبر الناس بذلك؟ قال: "إن في الجنة مائة درجة أعدها اللَّه للمجاهدين في سبيله، كل درجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم اللَّه فاسألوه الفردوس؛ فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة"
(8)
"
(9)
. وقال ابن كثير (ت: 774) في معنى {الْحَوَارِيِّينَ} [المائدة: 111]: "والصحيح أن الحواري: الناصر. كما ثبت في الصحيحين أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
(1)
الفقيه والمتفقه 1/ 234.
(2)
طبقات الحنابلة 1/ 226.
(3)
تهذيب الكمال 34/ 127، وتاريخ بغداد 2/ 580.
(4)
جامع البيان 16/ 449.
(5)
المرجع السابق 6/ 276. وينظر: 3/ 406، 24/ 737.
(6)
أخرجه بهذا اللفظ النسائي في سننه (4945)، وأخرجه البخاري في صحيحه (6789، 6791)، ومسلم في صحيحه (1684)، وغيرهما بنحوه.
(7)
جامع البيان 8/ 409.
(8)
أخرجه البخاري في صحيحه (2790).
(9)
تفسيره 1/ 292.