الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثًا إسماعيل السُّدِّيّ (ت: 127 هـ)
(1)
إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السُّدِّيّ، أبو محمد القرشي الكوفي الأعور، مولى زينب بنت قيس بن مخرمة، وقيل: مولى بني هاشم، أصله حجازي، سكن الكوفة، وكان يقعد في سُدَّة باب الجامع بالكوفة، فلُقِّب السُّدِّيّ
(2)
. وهو في عداد صغار التابعين.
وقد ثبتت روايته عن أنس بن مالك، وفي سماعه من ابن عباس نظر، وقيل: إنما رآه، ورأى أبا هريرة وابن عمر وغيرهم رضي الله عنهم. كما روى عن أبي عبد الرحمن السلمي، ومرة بن شراحيل الهمداني (مرة الطيب) صاحب ابن مسعود، وعن أبي مالك غزوان الغفاري، وأبي صالح باذام.
روى عنه: شعبة، والثوري، وزائدة، وإسرائيل، والحسن بن صالح، وأبو عوانة، وأسباط بن نصر، والمطلب بن زياد، وأبو بكر بن عياش، وآخرون.
*
منزلته في التفسير:
اشتهر السُّدِّيّ بالتفسير وعُرف به، قال العجلي:"عالم بالتفسير راوية له"، وقال الذهبي:"الإمام، المفسر"
(3)
.
وقد ورد انتقاد للسُّدِّيّ في تفسيره من بعض التابعين كالشعبي
(4)
، لكن في المقابل
(1)
ينظر في ترجمته: تهذيب الكمال 3/ 132، تاريخ الإسلام 3/ 371، سير أعلام النبلاء 5/ 264، تفسير التابعين: 1/ 300.
(2)
تهذيب الكمال 3/ 132. ويعرف بالسُّدي الكبير، تمييزًا عن السُّدي الصغير، قال الذهبي في تاريخ الإسلام 3/ 372: "فأما السُّدي الصغير فهو محمد بن مروان، أحد المتروكين، معاصر لوكيع". والصغير هو راوي تفسير الكلبي. ينظر: ميزان الاعتدال 4/ 32.
(3)
سير أعلام النبلاء 5/ 264.
(4)
قال عبد اللَّه بن حبيب بن أبي ثابت: سمعت الشعبي، وقيل له: إن إسماعيل السُّدي قد أُعطي حظًّا من =
أثنى عليه أغلب أهل العلم: فهذا إسماعيل بن أبي خالد (ت: 143 هـ) -من أقرانه- يقول عنه: "كان السُّدِّيّ أعلم بالقرآن من الشعبي"
(1)
. ومر إبراهيم النخعي (ت: 96 هـ) بالسدي، وهو يفسر، فقال:"إنه ليفسر تفسير القوم"
(2)
.
والحق أن إسماعيل السُّدِّيّ كان رأسًا في التفسير روايةً ودرايةً، بل هو من أكثر تابعي الكوفة روايةً ودرايةً فيه
(3)
، ففي باب الرواية روى كثيرًا من تفسير ابن مسعود وابن عباس وغيرهما من الصحابة بسنده المشهور عن مرة الهمداني، وعن أبي مالك وأبي صالح
(4)
، بل هو أكثر العراقيين رواية لتفسير هذين الصحابيين الجليلين
(5)
. كذلك كان مكثرًا في رواية أسباب النزول.
أما في باب التفسير النظري الاجتهادي فقد كانت له أيضًا منزلة كبيرة، -وإن كان باب الرواية عليه أغلب
(6)
- ووصلنا عنه آثار كثيرة، بلغت في الموسوعة (3178) أثرًا.
ولعل أبرز الأسباب في كثرة تفسيره ما يلي
(7)
:
1 -
تفرغه للتفسير وانقطاعه له، فقلما تجد له آثارًا في سوى التفسير، لذا كان يوصف بالمفسر ونحو ذلك.
2 -
كثرة مصادره واهتمامه بالرواية، وهذا واضح في كثرة مروياته لأسباب النزول والإسرائيليات.
3 -
كثرة روايته للإسرائيليات حتى فاق المشاهير من رواة الإسرائيليات ككعب ووهب، في الرواية والسرد والاستطراد، والإطالة والإغراب.
= علم القرآن، قال: إن إسماعيل قد أعطي حظًّا من جهل بالقرآن. قال الإمام الذهبي معقبًا: "ما أحد إلا وما جهل من علم القرآن أكثر مما علم، وقد قال إسماعيل بن أبي خالد: كان السُّدي أعلم بالقرآن من الشعبي رحمهما اللَّه". سير أعلام النبلاء: 5/ 265.
(1)
تاريخ الإسلام 3/ 372.
(2)
تاريخ الإسلام 3/ 372، وقد قال بعض المعاصرين: إن هذا الكلام من النخعي خرج مخرج الذم، بناء على مفهوم كلام أحد رواة الأثر، وأنه قصد بالقوم المرجئة. ينظر: التقرير في أسانيد التفسير ص 98.
(3)
تفسير التابعين 1/ 300.
(4)
وقد تقدم الحديث عنه في طرق تفسير ابن عباس.
(5)
تفسير التابعين 1/ 303.
(6)
المرجع السابق 1/ 302.
(7)
المرجع السابق 1/ 300.
4 -
عناية تلميذه أسباط بن نصر بنقل تفسيره وتفرغه لذلك.
5 -
تأخر وفاته حيث امتد به العمر حتى عام 127 هـ، واحتاج الناس في ذلك العهد أكثر إلى التفسير، خصوصًا في الكوفة -بلد السُّدِّيّ- التي قلَّ فيها المتصدّون للتفسير.
ومع تقدم السُّدِّيّ في التفسير لكن لم تبلغ آثار تفسيره الاجتهادي مبلغ الطبقة الأولى، ولذلك أسباب لعل من أبرزها:
1 -
غلبة تفسيره الروائي النقلي على التفسير الدرائي الاجتهادي.
2 -
الوسط العلمي في عهد التابعين بالكوفة والذي كان يقوم على التورع عن الخوض في تفسير القرآن والتوسع فيه، ومن هنا كان انتقاد الشعبي للسدي، ولا بد لمثل ذلك أن يؤثر في قبول تفسير السُّدِّيّ، واللَّه أعلم.