الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وزهدًا وشجاعةً وسخاءً، وأمرًا بالمعروف ونهيًا عن المنكر، وكثرة تصانيف، وهو أعظم من أن تصفه كلمي، أو ينبه على شأوه قلمي"
(1)
.
توفي مسجونًا بقلعة دمشق، سنة (728 هـ)، عن سبع وستين سنة
(2)
.
4 - ابن القيم
هو محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزرعي الدمشقي، أبو عبد اللَّه شمس الدين، الشهير: بابن قيم الجوزية
(3)
. ولد سنة (691 هـ)، ونشأ بدمشق في رعاية والده "الشيخ الصالح العابد الناسك. .، وكانت له في الفرائض اليد الطولى"
(4)
، فأخذ علم الفرائض عن أبيه، ثم جد في طلب العلم عن جلة من علماء وقته، ورحل إلى القاهرة غير مرة، وحج مرات كثيرةً، وأَمَّ في المدرسة الجوزية وغيرها
(5)
.
وممن أخذ عنهم من العلماء الشهاب العابر (ت: 697 هـ)، وأبو الفتح البعلبكي (ت: 709 هـ)، وبدر الدين ابن جماعة (ت: 733 هـ)، والمزي (ت: 742 هـ)، وابن مفلح (ت: 763 هـ). ولازم شيخ الإسلام ابن تيمية (ت: 728 هـ) من سنة (712 هـ) بعد عودة ابن القيم (ت: 751 هـ) من القاهرة، وأكثر عنه، وتأثر به غايةً، حتى صار أبرز تلاميذه؛ قال الذهبي (ت: 748 هـ): "كان من عيون أصحاب ابن تيمية"
(6)
، وقال الصفدي (ت: 764 هـ): "ولم يخلف الشيخ العلامة تقي الدين ابن تيمية مثله"
(7)
، ولذا تتلمذ له جماعة من كبار علماء وقته؛ كابن عبد اللهادي (ت: 744 هـ)، والذهبي (ت: 748 هـ)، وابن كثير (ت: 774 هـ)، وابن رجب (ت: 795 هـ)
(8)
.
(1)
مختصر طبقات علماء الحديث، ضمن الجامع لسيرة شيخ الإسلام ص 194.
(2)
للتوسع في ترجمته ينظر: العقود الدرية، لابن عبد الهادي، والأعلام العلية، للبزار، وتاريخ ابن الوري 2/ 275، والبداية والنهاية 18/ 296، والجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية.
(3)
الجوزية مدرسة مشهورة للحنابلة بدمشق، نسبةً إلى واقفها (ابن الجوزي) يوسف ابن الواعظ المشهور (ت: 656 هـ). ينظر: منادمة الأطلال ص 227، والأعلام 9/ 312.
(4)
البداية والنهاية 18/ 235.
(5)
ينظر: السلوك لمعرفة دول الملوك 4/ 132، والبداية والنهاية 18/ 523، 540، وذيل طبقات الحنابلة 2/ 449.
(6)
العبر 4/ 155.
(7)
الوافي بالوفيات 2/ 196.
(8)
ينظر: الوافي بالوفيات 2/ 195، والنجوم الزاهرة 10/ 249.
وقد كان على اعتقاد السلف أهل السُّنَّة والجماعة، شارحًا له، داعيًا إليه، وكتبه في تقرير ذلك كثيرة مشهورة.
وكان من علماء الحنابلة فقهًا وتدريسًا، مع غير التزام بالتقليد إذا بان له الدليل، وهو في هذا على ما كان عليه شيخه ابن تيمية، كما حكى عنه فقال:"وقد أنكر بعض المقلدين على شيخ الإسلام في تدريسه بمدرسة ابن الحنبلي، وهي وقف على الحنابلة، والمجتهد ليس منهم. فقال: إنما أتناول ما أتناوله منها على معرفتي بمذهب أحمد، لا على تقليدي له"
(1)
، وقال:"كثيرًا ما ترد المسألة نعتقد فيها خلاف المذهب، فلا يسعنا أن نفتي بخلاف ما نعتقده، فنحكي المذهب الراجح ونرجحه، ونقول هذا هو الصواب"
(2)
.
وقد بورك له فى التصنيف، فقاربت مصنفاته مئة مصنف، واشتهرت وانتشرت، قال ابن رجب (ت: 795 هـ): "صنف تصانيف كثيرةً جدًّا في أنواع العلم"
(3)
، وقال ابن حجر (ت: 852 هـ): "وكل تصانيفه مرغوب فيها بين الطوائف"
(4)
، ومن أشهرها: مفتاح دار السعادة، وزاد المعاد في هدي خير العباد، وروضة المحبين، وبدائع الفوائد، وتهذيب مختصر سنن أبي داود، والفروسية. وهذه الستة السابقة ألفها في حال سفره، وبعده عن مكتبته، وكتب أيضًا: إعلام الموقعين عن رب العالمين، وأحكام أهل الذمة، والروح، وحادي الأرواح، وغيرها كثير
(5)
.
وكتب في علوم القرآن: التبيان في أيمان القرآن، وأمثال القرآن، وقصد إلى تفسير "المعوذتين" وسورة "الكافرون"، وله مباحث وتحقيقات في مسائل من علوم القرآن، وتفسير لجملة من الآيات، جمعت في أكثر من مصنف؛ من أجمعها: بدائع التفسير الجامع لما فسره الإمام ابن القيم الجوزية
(6)
.
وقد كثرت عبارات العلماء في الثناء عليه، وبيان مكانة علمه وفضله، قال المزي (ت: 742 هـ): "هو في هذا الزمان كابن خزيمة في زمانه"
(7)
، وقال ابن حجر (ت: 852 هـ): "كان جريء الجنان، واسع العلم، عارفًا بالخلاف ومذاهب السلف"
(8)
، وقال
(1)
إعلام الموقعين 2/ 170.
(2)
إعلام الموقعين 4/ 135.
(3)
ذيل طبقات الحنابلة 5/ 174.
(4)
الدرر الكامنة 5/ 139.
(5)
ينظر: ابن قيم الجوزية حياته آثاره موارده ص 185، 197.
(6)
المرجع السابق، وينظر: بدائع التفسير 1/ 5، 3/ 380، 386.
(7)
الرد الوافر ص 68.
(8)
الدرر الكامنة 5/ 138.