الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والضحاك"
(1)
، وقال ابن كثير:"كان الضحاك إمامًا في التفسير"
(2)
.
أما مقدار ما وصلنا من تفسيره فقد بلغت آثاره من التفسير الاجتهادي في الموسوعة (2143) أثرًا، وهي حصيلة كبيرة مقارنة بمفسرين آخرين مشاهير من التابعين، كعكرمة.
*
أسباب تقدمه في التفسير وكثرة آثاره:
1 -
تفرغه لعلم التفسير رواية ودراية: ففي باب الرواية سنده من أشهر أسانيد الرواية عن ابن عباس
(3)
، أما في تفسيره الاجتهادي فهو تفسير يبلغ الذروة، أثنى عليه كثير من المتقدمين والمتأخرين كما تقدم.
2 -
اعتناء تلاميذه بنقل تفسيره: خصوصًا جويبر بن سعيد الأزدي
(4)
، وأبو روق، وعبيد بن سليمان.
3 -
البعد عن الفتن: حيث عاصر كثيرًا من الفتن التي عصفت بالأمة، لكن لم يرد أنه شارك في أي منها، بل كان يبتعد عن الحكام، والعمل لهم
(5)
.
4 -
طول عمره: حيث توفي وقد جاوز الثمانين من عمره، أمضاها في التعليم والتفسير ونشره.
5 -
اعتناء نقلة التفسير بنقل تفسيره: يأتي على رأسهم ابن جرير الذي نقل أغلب تفسيره
(6)
.
(1)
سير أعلام النبلاء 4/ 451.
(2)
البداية والنهاية 9/ 230.
(3)
لكن حكم بانقطاعه عند جمهور المحدثين باعتبار عدم صحة سماع الضحاك من ابن عباس، وعلى التسليم بذلك فقد أجيب بأن الضحاك أخذ تفسير ابن عباس من سعيد بن جبير، فالواسطة معلومة، وعليه فالسند متصل. ومع كل ذلك فأسانيد التفسير والنسخ التفسيرية المشهورة لها تعامل آخر عند المحدثين المتقدمين، كما سيأتي في بحث "منهج المحدثين في نقد مرويات التفسير".
(4)
وهو أكثر من روى عن الضحاك مع ضعفه.
(5)
فقد عزا السيوطي في الدر المنثور 11/ 441 عند تفسير قوله تعالى: {رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ} إلى عَبد بن حُمَيد، وابن المنذر أن سلمة بن نبيط قال: بعث عبد الرحمن بن مسلم إلى الضحاك فقال: اذهب بعطاء أهل بخارى فأعطهم فقال: اعفني، فلم يزل يستعفيه حتى أعفاه، فقال له بعض أصحابه: ما عليك أن تذهب فتعطيهم وأنت لا ترزؤهم شيئًا، فقال: لا أحب أن أعين الظلمة على شيء من أمرهم.
(6)
بحسب إحصاء د. محمد بن عبد اللَّه الخضيري فقد بلغت آثار تفسير الضحاك عند ابن جرير (1439) أثرًا، وعليه فهو في المرتبة الخامسة بين التابعين بعد مجاهد وقتادة والسدي والحسن. ينظر: بحث التفسير بالأثر بين ابن جرير وابن أبي حاتم ص 87، 88، مجلة الدراسات القرآنية (تبيان لاحقًا)، ع 4.
ومع تقدم الضحاك في التفسير لكن لم تبلغ آثار تفسيره مبلغ الطبقة الأولى في المرويات، ولذلك أسباب لعل من أبرزها:
1 -
كثرة اشتغاله بالرواية خصوصًا عن ابن عباس، وتقدم أن طريق الضحاك من أشهر طرق روايات ابن عباس، ومن أكثرها نقلًا له.
2 -
قلة تنقل الضحاك، حيث لم يرد في سيرته ما يدل على ذلك. ولا شك أن لذلك دورًا في ضعف انتشار تفسيره.
3 -
يظهر من سيرة الضحاك شدة الورع والبعد عن الناس، فقد يكون لذلك دور في ضعف انتشار تفسيره. واللَّه أعلم.