الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والتكرار وغيرها من الأمور، لإجبار العالم على تقبل مزاعمها، أي باختصار محاولة غسل دماغ العالم. ولخطورة مفهوم
غسيل الدماغ
، فإننا سنلقى عليه الضوء بصوره مختصره، لنتعرف على هذا المفهوم وتقنياته وأساليبه، وعلى القارئ مقارنتها بما جرى على ارض الواقع ليتأكد إلى أي حد نجحت أمريكا في غسل دماغ العالم من خلال استخدامها المكثف لأساليب غسل الدماغ وتقنياته.
غسيل الدماغ (1)
لقد أضحت صناعة الوعي، أو تصنيع العقل وصياغة ثقافات الشعوب، فناً دولياً أو تقنية تملك زمامها الولايات المتحدة، أو الشركات متعدية القوميات. ومن سخرية الأقدار أن تطالب هذه الشركات بإلحاح - بحقوق الإنسان في جميع البلدان، وتدعو إلى عقل حر، ولكن بمعنى: عقل متحرر من ثقافته القومية، وانتمائه القومي، وأهدافه القومية، أي نبتاً بغير جذور، وصفحة بيضاء تملؤها هي بما تشاء من معلومات، وتتولى هي محو ما فيها بداية، ثم تصب فيها ما تشاء من خلال برامجها. وأداتها في ذلك التلفزيون والسينما والكتب والصحف والأنباء والإعلانات الموجهة والمرسومة، خصيصاً لهذا الغرض، والعلاقات العامة و (الموضة)، وكذلك إنشاء جماعات سياسة ودينية واجتماعية، بل وخلق بدع دينية أو اتجاهات تحمل طابعاً ديناً لإثارة الشقاق والفتن، وتصدير قضايا ومذاهب فكرية تثير الخلاف، وتستنزف الجهد. ثم هناك برامجها وسياساتها الخاصة بمؤسسات ثقافة الطفل، وكلها لصوغ عقول الناشئة داخل البيت وفي الطريق، وفي المحال العامة وداخل المدرسة. وهكذا يتحول الغزو الفكري أو التضليل الإعلامي إلي أداة للقهر والترويض وإخضاع الشعوب (2).
فالإعلام الأمريكي تحول إلى أداة طيعة في أيدي الشركات الاحتكارية الكبرى، ورجال الحكم المتحالفين معها مما أفقدها ثقة الجمهور، وجعل المجتمع الأمريكي ينصرف عن المشاركة في الحياة العامة والانتخابات خاصة، كما حصل في انتخابات الكونجرس عام 1994م حيث لم يشارك سوى 14% من الناخبين، مما يعني أن
(1) لمزيد من لمعلومات عن غسل الدماغ يرجى مراجعة كتاب غسل الدماغ - الدكتور فخرى محمد صالح الدباغ- دار الطليعة وكتاب مختار حمزة - أسس علم النفس الاجتماعي-- دار البيان العربي/ جده، 1989،.
(2)
العقل الأمريكي يفكر - من الحرية الفردية إلى مسخ الكائنات - شوقي جلال ص228
الديمقراطية الأمريكية قد جرى اغتيالها وإفراغ التراث الليبرالي من محتواه، وإبداله بنظام اوليجاركي (حكم القلة) أفرز نوعاً من ثقافة الكذب، التي تنبع من العلاقات المؤسسية الخفية التي تسيطر على صناعة الأخبار. وهكذا أصبح الإعلام الأمريكي، الذي شهد تنامياً في الطاقات والاستثمارات المالية الضخمة والتقدم التكنولوجي المتسارع، الأداة الرئيسة في إعادة تشكيل فكر ووجدان الشعوب المختلفة. وتحول الإعلام ـ حسب تعبير (نيل بوستمان) أستاذ علم الاتصال الأمريكي ـ من إثارة الفكر والنقاش إلى التسطيح، وتحولت المعلومة إلى سلعة ثم إلى أداة للترفيه وتغييب العقل، وأصبح الإعلام هو جهاز غسيل المخ في هذا الزمان، وهو صانع الأكاذيب والشائعات والأخبار الموجهة، وهو الملقن الذي يلقن الصحف ما تكتب لنا كل يوم (1).
ولما كانت عملية خداع الجماهير، وصناعة الإجماع أو الإذعان ضرورة لازمة لإعطاء الجماهير الجاهلة الوهم بأنها تمارس النفوذ الديمقراطي، كما يقول (وولتر ليبمان)، فقد أصبحت ملكية الإعلام والسيطرة علي أمورها أمراً لازماً للمحافظة علي مصالح الثروات الخاصة، والممارسات الاستمرارية لخداع الجماهير وتضليلها. ومثلما انحصرت رؤوس الأموال في أيدي القلة المتنفذة، فإن ملكية الصحف والوكالات الصحافية في القرن التاسع عشر إلي جانب صناعة الأفلام في هوليوود، ومن ثم التلفزيون والإذاعة في القرن العشرين، قد تمركزت كلها في أيدي القلة ذاتها. ومن البديهي أن الإعلام هو أمر حاسم للغاية في خلق حالة من الإجماع العام وتصنيع الرأي العام. وبإمكان المرء أن يستشعر وجود الكارتل الإعلامي، عندما يسافر ويتنقل بين أرجاء الولايات المتحدة. فهناك آلاف من المحطات الإذاعية وآلاف من القنوات التفلزيونية وآلاف من الصحف. ولكن في حقيقة الأمر، فإنك إذا سمعت خبراً من إحداها، فكأنك سمعته من كل هذه الوسائل الإعلامية، لأن كل مكوناتها محتكرة في أيدي بضع شركات، وهي تتقاسم القيم والمبادئ نفسها. فالجميع يقدمون الرسالة ذاتها بلا زيادة أو نقصان، وهذه الرسالة تصمم بالمقاس لتخدم أجندة بارونات الربا في كل أقطار العالم (2).
(1) إسرائيل .. البداية والنهاية ـ د. مصطفى محمود ص25
(2)
إمبراطورية الشر الجديدة ـ عبد الحي زلوم ـ القدس العربي ـ 29/ 2/2003م
وهكذا تحول الإعلام إلى أداةٍ تابعةٍ وظيفتُها تسويقُ السياسات، التي يقررها النظام الحاكم سياسياً واقتصادياً، وأصبحت وظيفة الإعلام صناعة الموافقة مما يسمح بتنفيذ السياسات في مجتمع يتخذ الشكل الديمقراطي، حيث ترى الليبرالية الرأسمالية في فن الدعاية وسيلة شرعية لإعداد الجماهير لتقبل سياساتها" (1). "أما إذا رفض الشعب ذلك وتمرد فإن علاج ذلك سهل ويسير عند عراب غسل الدماغ (ورهوس فريدريك سكينر 1904) ـ الأستاذ بجامعة هارفارد، ومؤلف العديد من الكتب في علم النفس والتربية والفكر الفلسفي ـ وذلك عن طريق التحكم من الخارج في سلوكهم، أو دفعهم إلى طريق الفساد والرذيلة، هكذا في صراحة وفجور. وبدا ينعمون بالحرية، أو لنقل العبارة مقلوبة، ينعم أهل الثراء والسلطة بالحرية، إذ يخلو لهم الجو. هذه نصيحة (سكينر) وأغلى وصاياه التي أسداها إلى أهل الثراء والسلطان، وإلى جميع الحكومات التي تسعى إلى ترويض شعوبها" (2).
وهكذا أصبح غسل الدماغ علماً وفناً معروفاً لدي كافة المؤسسات التي تسعى إلى السيطرة على العقل البشري، وتوجيهه الوجهة التي تريدها، ومنها بالطبع الحكومات ووكالات الاستخبارات بكافة أشكالها. وغسل الدماغ في أبسط صورة، يعني كل محاولة للسيطرة على العقل البشري، وتوجيهه لغايات مرسومة بعد أن يجرد من ذخيرته السابقة، حيث يقوم مفهوم غسل الدماغ وإجراءاته على افتراض أساسي، مفاده أن اتجاهات الفرد ومعتقداته وقيمة هي نتاج تراكمي لعملية التعليم، يكتسبها الفرد عبر عملية التنشئة الاجتماعية. ولذلك يرى الباحثون العالمين في مجال تعديل السلوك -بشكل عام- وفي مجال غسل الدماغ بشكل خاص، أنه يمكن استخدام مبادئ التعليم وبخاصة مبادئ الاشتراط الكلاسيكي، والاشتراط الإجرائي في أية عملية تهدف إلى تغيير سلوك الأفراد على المستوى الانفعالي والمستوى المعرفي (3). فهندسة الثقافة تعتمد على إنكار العقل والوعي، وترى أن ما نسميه عقلاً هو حاوية أفعال منعكسة، وإن بالإمكان تغيير العقل أو التلاعب به عن طريق
(1) الثقافة والإمبريالية - ادوارد سعيد ـ تعريب كمال أبو ديب ص 343 - دار الآداب/ بيروت - ط1 1997
(2)
العقل الأمريكي يفكر - من الحرية الفردية إلى مسخ الكائنات - شوقي جلال ص154 - مكتبة مدبولي- ط1 1997
(3)
راجع كتاب "غسل الدماغ" للدكتور فخري الدباغ
تكوين أفعال منعكسة شرطية أخرى حسب الطلب. وهذا هو المقصود بإحداث التغييرات في الظروف البيئية، تتمثل بدورها في تغييرات السلوك، وبهذا المعنى نغير الاعتقادات.
وقد عرف الفكر الإنساني عمليات التحوير الفكري وغسل الدماغ منذ أقدم العصور، إلا أن هذه المعرفة كانت معرفة مبسطة لم تصل إلى التعقيد الذي وصلت إليه الآن. فقد كان لتقدم العلوم في عصرنا الحاضر ـ وعلم النفس بالذات ـ دور كبير في تطوير التقنيات والأساليب المستخدمة في عملية غسل الدماغ، حيث ظهرت كثير من النظريات والدراسات النفسية التي ألقت ضوءاً كبيراً على خفايا النفس الإنسانية وما تتحكم بها من غرائز وميول ونزعات، مما ساعد العلماء على دراسة النفس الإنسانية، على أسس علمية مكنتهم من التوصل إلى أساليب وتقنيات قادرة على تعديل سلوك الأفراد والجماعات بدون إثارة الشخص المعني. وقد عبر بطل رواية (فالدن) للمفكر سكينر عن هذا النهج حين قال:"إننا نلتزم نظاماً للسيطرة بحيث أن المسيطر عليهم يشعرون بأنهم أحرار على الرغم من أنهم يخضعون لقانون أشد صرامة من النظم القديمة. وقد وفرت تكنولوجيا التحكم في السلوك سبل القوة والانتصار وتغيير العقول"(1).
وتتراوح أهداف غسل الدماغ بين الدعاية والترويج لسلعة أو فكرة معينة، وحتى إزالة الاتجاهات والقيم والمعتقدات. وهناك أسس تقنية عديدة يستند عليها الدعاة - لمذهب أو لفكرة أو لسلعة في تحوير الاتجاهات وغسل الدماغ أهمها:
1) تعمد الدعاية إلى خلق هدف آخر بدل الهدف الأول. فقد تعمد إلى تعويض الغرائز والحاجات غير المشبعة لدى الجماعات والأفراد. ففي أيام الحروب والضيق الاقتصادي، الذي رافق الحرب العالمية الثانية، لم تجد الحكومات الديكتاتورية إلا أن تسمح بالحرية الجنسية، أو بتناول الخمور دونما قيود، وذلك للتغطية على قمعها للحريات واستفرادها بالقرارات المصيرية، والهاء الشعب بأمور أخرى. وهكذا خلقت الحكومة النازية شعار (المتعة أثناء العمل)، وابتكرت حكومة موسوليني شعار (المتعة بعد العمل).
(1) العقل الأمريكي يفكر ـ من الحرية الفردية إلى مسخ الكائنات - شوقي جلال ص230
2) استغلال أو تطوير أو تأكيد الهيئة الدارجة أو الفكرة السائدة عن الأشخاص أو الشعوب، فللزنجي انطباع خاص لدى الرجل الأبيض. وتعمد الدعاية المضللة ضد الزنوج إلى تضخيم وإبراز تلك الانطباعات، ومن يهمه محاربة الاشتراكية أو العدالة الاجتماعية يفتش عن النواحي المعروفة لدى السذج ويتفنن في خلق الصور المرعبة عن المجتمع الاشتراكي .. الخ. ويصعب تبديل تلك الانطباعات الأولية إلا بالتوجيه والإعلام والتثقيف.
3) التعويض عن الأسماء المحبوبة أو المكروهة بغيرها، أو العاطفية الحادة بالمعتدلة. فكلمة يهودي مكروهة في معظم أنحاء العالم بسبب الطباع اليهودية الانعزالية والخبيثة. لذلك استعملت كلمة yid بدل Jew للتخفيف من وقعها على الأسماع في المجتمعات التي يعيشون فيها. وكلمة جرماني توحي أحياناً بمعاني الفظاظة والغلظة لذلك استعملت كلمة ألماني بدلاً منها للتخفيف كذلك.
4) الانتخاب: فمن بين مجموعة من الحقائق ينتخب القائم بالدعاية حقيقة، أو بضع حقائق تلائم أغراضه ويهمل البقية، ثم يبنى أكاذيبه ودعايته عليها. ومحطة إذاعة إسرائيل وقناة CNN و BBC وغيرها من المحطات، والصحف السائرة في ركابها تنفذ هذه الحيلة باستمرار.
5) الكذب: فمنذ أن موه رجال الدعاية في الحروب الصليبية الغايات الحقيقية على المجتمع المسيحي نفسه .. إلى أكاذيب (جوبلز) الضخمة .. إلى إدعاء الحلفاء بأن ألمانيا الهتلرية صنعت الصابون من ذهن الأسرى الأموات
…
إلى أكاذيب (بوش) و (بلير) بشأن أفغانستان والعراق
…
كان الكذب هو محور تلك الدعايات.
6) التكرار والإعادة الرتيبة والتعابير والملصقات واللافتات (خطاب باول في مجلس الأمن).
7) التأكيد والمجاهرة بصحة الإدعاء (راجع تصريحات بوش وبلير وزمرتهم).
8) الإشارة إلى عدو ما، سواء أكان عدواً وهمياً أو حقيقياً لتقوية معنويات الناس وتجميع عواطفهم العدائية نحو هدف يبعد عن صاحب الدعاية، ويخفف من غرائز العداء لدى الإنسان (الإسلام - الارهاب - بن لادن).
9) الاستعانة بالسلطة أو المصادر الموثقة للتأكيد على صحة ادعائهم كما هو واضح من الإعلان التالي "ألف طبيب يؤكدون أن معجون (كذا .. ) يجعل الجلد أكثر رقة وحيوية وجمالاً"، فمن أين جاء الألف طبيب؟ وكيف أثبتوا صفات الحيوية والجمال؟؟ لكن ذكر طبيب كمصدر يستحق الثقة، يوهم الناس بصحة الإدعاء.
10) استغلال الظواهر السلبية عند العدو وتوسيع التناقضات الظاهرة.
ويضاف إلى هذه الأساليب والتقنيات أساليب أخرى تستخدم في عمليات الدعاية وغسل الدماغ، مثل الإيحاء والاستهواء والإقناع والتكرار والاستمرار في لفت النظر والتنويع المبتكر تجنياً للملل، ويراعى في كل ذلك الاختصار والسرعة والتوكيد والأحكام. وفي الواقع فإن كل هذه الأساليب والتقنيات المستخدمة في الدعاية وغسل الدماغ، تقوم على مبادئ رئيسة أهمها: محاولة الوصول إلى بؤرة الانتباه عن طريق جذب انتباه، ولفت نظر أكبر عدد ممكن من الجمهور، والاعتماد على الترغيب والتشويق والمبالغة وضرب الأمثلة وتقديم العينات، هذا بالإضافة إلى مبدأ مهم، وهو اختيار الأوقات المناسبة لعرض الأفكار والحقائق المتصلة بموضوع الدعاية وغسل الدماغ.
ومن العرض السابق اتضح لنا أن عملية غسل الدماغ، عملية صعبة ومعقدة تتطلب إلمام كبير بالنظريات والعلوم النفسية والاجتماعية، هذا بالإضافة إلى وجوب توفر كم هائل من المعلومات عن الشخص أو مجموعة الأشخاص الذي أو الذين يراد تعديل سلوكهم، أو نشر أفكار معينة بينهم (1)، لأن هذه المعلومات ستمكن القائمين بعملية غسل الدماغ من معرفة نقاط الضعف والقوة، التي يجب أن يركزوا جهودهم عليها، وبالتالي تمكنهم من اختيار الأساليب والوسائل التي تحقق أهدافهم.
وفي عصرنا الحاضر الذي تتصارع فيه فلسفات وأيدلوجيات وعقائد متعددة، تسعى كلاً منها إلى كسب مزيد من الأنصار إلى صفوفها، لعبت الدعاية وغسل الدماغ دوراً مهما في الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي،
(1) يوجد في أمريكا عشرات المراكز التي تقدم الدراسات اللازمة لصناع القرار عن المنطقة العربية والإسلامية، هذا بالإضافة إلى إسهامات المستشرقين والمبشرين قديماً وحديثاً.
وأصبحت وسيلة مهمة من وسائل الدعاية السياسية والأيديولوجية، وحتى في مجال التبشير الديني والترويج التجاري. وبالتأكيد فإن أمريكا في سعيها إلى إقناع العالم والشعوب الغربية بصحة توجهها نحو اتخاذ الإسلام كعدو بديل، ولتبرير حملتها الصليبية على العالم الإسلامي بدعوى محاربة الإرهاب والدفاع عن الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، تدرك أهمية أساليب غسل الدماغ ودورها في تغيير اتجاهات الرأي العام، وكسب التعاطف مع أهدافها الشيطانية. لهذا فان الإدارة الأمريكية استخدمت هذا الأسلوب بكل دقة وحرفية، وأية مقارنه بين ما تقوم به أمريكا على أرض الواقع وبين أساليب غسل الدماغ يؤكد هذه الحقيقة. وحتى لا نتوسع في هذا الموضوع، فإننا سنترك للقارئ التأكد من ذلك، حيث سيجد مئات الامثله التي تنطبق على هذا الأسلوب، وسنكتفي بعرض مثال واحد للتوضيح.
فخلال حرب الخليج، كانت الإدارة الأمريكية تروج للحرب وتلمعها في عيون مختلف قطاعات المجتمع الأمريكي وغيره علي حد سواء. ولتسويق هذه الحرب لأنصار البيئة، قامت شبكة CNN بعرض صور حية لطائر يموت بسبب بقعة نفطية، وقالت إنه طائر من طيور الخليج يموت بسبب النفط الذي سكبه العراقيون القساة في الخليج. لكن المشاهدين أخبروا الـ CNN بأن الطائر المسكين الذي شاهدوه كان من طيور ألاسكا Alaska، ولم يكن من طيور الصحراء العربية، وأنه قتل بسبب النفط الذي سربته شركة إيسو ESSO النفطية الأمريكية، وليس الرئيس العراقي (صدام حسين). وقد اعتذرت CNN عن هذا التضليل! وبعد هذه المحاولة، قال مراسل CNN في بغداد بيتر آرنت Peter Arnet، في تعارض صارخ مع ما قاله البنتاغون، إنه لم يكن هناك أي دليل علي الإطلاق علي أن مصنع حليب الأطفال، الذي أمطر بوابل من القنابل الأمريكية، يحتوي علي منشآت لتصنيع الأسلحة، فما كان من إدارة CNN إلاّ أن أغلقوا فم (بيتر آرنت) وأرسلوا مكانه (كريستيان أمانبور) التي حظيت بالمال والشهرة لتنفيذها أجندة الرأسمالية المعلوماتيّة (1).
هذا مثال بسيط ويمكن سرد آلاف الأمثلة لحملة التضليل والكذب الأمريكية .. ولكن ما خفي أعظم .. !!
(1) إمبراطورية الشر الجديدة - عبد الحي زلوم - القدس العربي-29/ 2/2003