الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخير ضد الشر) (العدالة الابديه) ـ (الحرب الصليبية) ثم مصطلح (محور الشر) الذي بدأ يضع فيه أعداءه، خاصة إيران والعراق وكوريا الشمالية" (1).
جدلية الدين والسياسة في تفكير الرئيس بوش
لاحظ كثيرون أثر الدين في رؤية بوش السياسية، بشكل غير معهود في الحياة الأمريكية: فهو يميل إلى التفسير الديني للأحداث السياسية الحالية، وقد قال في حديث للمذيعين الدينيين:"إن الإرهابيين يمقتوننا، لأننا نعبد الرب بالطريقة التي نراها مناسبة". كما يكثر في أحاديثه وخطاباته إيراد المصطلحات الدينية. فهو كثير الحديث عن (الرب) وعن (الصراع بين الخير والشر). وما مصطلح (محور الشر) إلا مثالاً واحداً على ذلك. وقد لاحظ أحد الكتاب أن بوش يفضل استخدام مصطلح (الحرية) على مصطلح (الديمقراطية)، وأن الحرية في عرف بوش ذات مدلول ديني، فهي ليست حرية الخيار السياسي بالضرورة، بل (حرية اكتشاف الرب) بكل المدلول المسيحي التبشيري لذلك. وذكرت مجلة نيوزويك أن أنصار بوش من الإنجيليين يأملون أن تكون الحرب على العراق فاتحة لنشر المسيحية في بغداد، كما يشير موقع (القس بيلي غراهام) على الإنترنت ـ وهو الأب الروحي للرئيس بوش ـ إلى "الجوع الروحي في العراق في الوقت الحاضر"، ولذلك مدلوله الخاص في السياق الحالي (2).
ويميل الرئيس (بوش) إلى اعتماد البرامج الاقتصادية والاجتماعية، التي ترسخ الدين المسيحي في المجتمع الأمريكي وفي العالم. ومن أمثلة ذلك داخلياً تخصيصه بنداً من الميزانية لتمويل المؤسسات التربوية والاجتماعية الدينية، من كنائس ومدارس دينية وغيرها، وهي سابقة في تاريخ الولايات المتحدة، اعتبرها كثيرون بداية النهاية للموقف الحيادي من الدين الذي يلزم الدستور الأمريكي الحكومة به. وبذلك يكون بوش هو أول رئيس أميركي يمول التعليم الديني من
(1) مجلة دير شبيجل الألمانية بتاريخ 17/ 2/2003م ـ وجريدة الأسبوع العربي 24/ 2/2003
(2)
بوش .. طغيان الحماس الديني على البصيرة السياسية- مقال بقلم محمد الشنقيطي - الجزيرة نت ـ4ـ2003
ميزانية الدولة الأميركية، التي يفترض فيها أنها دولة علمانية تقف من الدين موقف الحياد" (1).
ويشير الكاتب الصحفي (بوب وودوارد) في كتابه الجديد: (بوش في الحرب) إلى قصة طريفة تكشف عن جانب من جدلية الدين والسياسة في تفكير الرئيس بوش. فقد حكى بوش للكاتب في إحدى مقابلاته معه أثناء إعداد الكتاب قصة لقائه الأول مع الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) في 2001م. يقول بوش:"دخل الرئيس بوتين وجلس
…
وحضر المترجمان .. وأراد بوتين أن يبدأ الكلام، لكني بادرته بالقول: السيد الرئيس .. دعني أبدأ بالإشارة إلى أمر لفت انتباهي، وهو أن والدتك أعطتك صليباً، وأنكم باركتم ذلك الصليب في إسرائيل الأرض المقدسة. فقال: صحيح. فقلت: إن هذا الأمر يثير عجبي، لأنك كنت شيوعياً وضابطاً في (الكي جي بي) ومع ذلك كنتَ راغباً في حمل الصليب، إن هذا الأمر بالنسبة لي يحمل من المعنى أكثر مما تحمله مجلدات". ثم يضيف الرئيس بوش: " .. وبدأ بوتين يتحدث عن ديون روسيا
…
لكني كنت مهتماً أكثر بمعرفة هذا الرجل (بوتين)، الذي علي أن أتعامل معه، ولهذا أردت التأكد من صحة قصة الصليب" (2). http://www.aljazeera.net/cases_analysis/2003/3/3-11-1.htm - TOP
ولكن هذا الحماس الديني الذي هو مصدر قوة الرئيس بوش وطاقته، فهو أيضاً مصدر ضعفه وسوء تقديره للأمور. وليس هذا رأي أعداء الرئيس بوش ومنتقديه فحسب، بل هو قول مساعديه ومقربيه كذلك. وقد ذكرت مجلة "نيوزويك" أن مستشاري الرئيس بوش يدركون أن "العديد من الأمريكيين ـ وكثيرين عبر العالم ـ يعتبرونه رجلاً أعمته معتقداته .. عن فهم تعقيدات العالم المحيط به كما هي". ولا ينكر مساعدو بوش هذه التهمة، بحسب المجلة، التي تضيف:"يقول مساعدو بوش: إن معتقداته المسيحية المتأججة تحت السطح تمنحه قوة وعزماً، لكنها لا تعينه على فهم السياسات اللازم اتباعها"(3).
(1) البوشنية .. سيره يهودية / بقلم شوقي أبو شعيره ـ جريدة الخليج العدد 8609 - 14 ديسمبر 2002م
(2)
بوش في الحرب ـ بوب وودوارد ـ ص 120 - الناشر (سايمون وشوستر) - أكتوبر 2006
(3)
بوش .. طغيان الحماس الديني على البصيرة السياسية- مقال بقلم محمد الشنقيطي - الجزيرة نتـ4ـ2003