الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لكن الغريب على ضوء تلك الخطورة، أن يمر كل هذا الوقت على هجمات 11 سبتمبر دون أن يوضع أي من تلك الأسلحة موضع الاستعمال، حيث من الصعب تصوّر جماعة بهذه الدرجة من التسلّح تضم 20 ألف شخص في الحد الأدنى، أو 70 ألفاً في الحدّ الأقصى، من المسلّحين المدرّبين المنتشرين في جميع أنحاء العالم، لا تقدم على أي عمل مهم، في الوقت الذي تعرّض زعماؤها إلى تلك الهجمة العاتية، التي شنت عليهم، وهنا يبدو غريباً أنّ الهجوم البيولوجي الوحيد الذي وقع حتى الآن هو الهجوم المتفرّق بالإنثراكس، الذي لم تظهر للقاعدة علاقة به، بل كان من تدبير جماعة يمينية أمريكية متطرفة (1).
المسؤولية عن هجمات 11 سبتمبر في خطابات بن لادن
كان من اللافت للنظر أن زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن لم يعلن مسؤولية تنظيمه مباشرة عن الهجمات التي تعرضت لها مرافق حيوية في الولايات المتحدة يوم 11 سبتمبر 2001، بل عمد إلى التدرج في إعلان هذه المسؤولية. فإثر الهجمات وتحديدا بتاريخ 16/ 9/2001 أصدر بن لان بيانا مطبوعاً أعرب فيه عن استغرابه لاتهام أميركا له وللقاعدة بالوقوف وراء تلك الهجمات، وأكد أنه لم يقم بهذا العمل معرباً عن قناعته بأن من قاموا بها إنما نفذوها بدوافع ذاتية. وذكر في البيان أنه يعيش في إمارة أفغانستان الإسلامية وقد بايع أمير المؤمنين فيها على السمع والطاعة في جميع الأمور، وهو لا يأذن بالقيام بمثل هذه الأعمال من هناك. وبعد ذلك تدرج بن لادن في بياناته وأحاديثه المسجلة والمصورة خلال السنوات الخمس من نفي المسؤولية عن الهجمات إلى التشجيع على القيام بها والإشادة بها، فالإشارة إلى ما يوحي بالمسؤولية عنها.
فبعد شن الولايات المتحدة حربها على أفغانستان بغرض الانتقام من الهجمات التي تعرضت لها، قال بن لادن في شريط مصور بثته قناة الجزيرة في 3/ 11/2001 إن أفغانستان وتنظيم القاعدة يتعرضان لقصف عنيف دون أن يثبت أي دليل على تورطهما في الهجمات التي تعرضت لها واشنطن ونيويورك، غير أنه أشاد في كلمته
(1) القاعدة .. الإخوة الإرهابيون -المؤلف: بول. إل. ويليامس - كامبردج بوك ريفيو
بالهجمات ووصفها بالضربات العظيم. وبعد ثلاثة أشهر من هجمات سبتمبر، وصف بن لادن في شريط مصور بث بتاريخ 10/ 12/2001 - الهجمات بالمباركة، وقال إنها شنت (ضد الكفر العالمي وضد رأس الكفر أميركا)، وأشار إلى أن أحداث 11 سبتمبر ما هي إلا رد فعل على الظلم المتواصل الذي يمارس (على أبنائنا في فلسطين وفي العراق وفي الصومال وفي جنوب السودان وفي غيرها كما في كشمير وآسام). ووصف في الشريط الذين قاموا بالهجمات بأنهم فتية فتح الله عليهم بأن يقولوا لرأس الكفر العالمي أميركا ومن حالفها أنتم على باطل وضلال، وضحوا بأنفسهم من أجل لا إله إلا الله، على حد تعبيره.
وبعد عام على الهجمات تطرق زعيم القاعدة لأحداث سبتمبر في شريط مصور بثته الجزيرة في 10/ 9/2002 فقال: "عندما تتحدث عن غزوتي نيويورك وواشنطن، تتحدت عن أولئك الرجال الذين غيروا مجرى التاريخ وطهروا صفحات الأمة من رجس الحكام الخائنين وأتباعهم، بغض النظر عن أسمائهم ومسمياتهم، نتحدث عن رجال لا أقول إنهم حطموا برجي التجارة ومبنى وزارة الدفاع الأميركية فقط، فهذا أمر يسير، ولكنهم حطموا هبل العصر، وحطموا قيم هبل العصر". وذكر بن لادن أسماء منفذي الهجمات وأشاد بهم فرداً فرداً. وفي الذكرى السنوية الثانية للهجمات بثت الجزيرة في 10/ 9/2003 شريط فيديو يظهر فيه كل من بن لادن ونائبه أيمن الظواهري وهما يسيران جنباً إلى جنب. وتضمن الشريط كلمتين للرجلين أشادا فيهما بمنفذي الهجمات وتوعدا الأميركيين بشن المزيد من الهجمات.
وفي 29/ 10/2004 وجه بن لادن رسالة إلى الشعب الأميركي، والتي حصلت عليها الجزيرة بالصوت والصورة للمرة الأولى منذ أكثر من عامين، حيث تحدث بن لادن في بدايتها عن الأسباب التي دعته لاختيار الولايات المتحدة لكي ينفذ فيها أحداث 11 سبتمبر. وهي المرة الأولى التي تحدث بن لادن فيها عن الدوافع التي جعلته يفكر في التخطيط لتلك الهجمات، مؤكدا أن الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 كان أول الأحداث التي جعلته يفكر في ذلك. وفي شريط بثته الجزيرة ناشد الرجل الثاني في القاعدة أيمن الظواهري المسلمين الاقتداء بمنفذي هجمات 11 سبتمبر، قائلاً:"إن العدو لا يفهم غير لغة الأبراج المحترقة والمصالح المدمرة. ووعد الظواهري بأخبار قال إنها ستثلج صدور المسلمين".