الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسار أزمة العراق
منذ عام 1990م مرت المسألة العراقية بأحداث كثيرة، أهمها قرار مجلس الأمن رقم 661 الذي يقضي بفرض عقوبات اقتصادية على العراق، ثم الحرب الأمريكية مع حلفائها عام 1991م على العراق، وانسحاب العراق من الكويت، وإلزامه بتفكيك أسلحة الدمار الشامل والصواريخ بعيدة المدى، وتنظيم ما يسمى منطقة حظر الطيران في شمال العراق وجنوبه، ومواصلة ضربه بالصواريخ ومراقبة أرضه وأجوائه، ثم إطلاق (برنامج النفط مقابل الغذاء) تحت إشراف الأمم المتحدة عام 1996م، حيث استقال المشرف على البرنامج (دينس هاليداي) بعد سنه وبرر استقالته بالقول:"إننا في مسار تدمير مجتمع بكامله".
وفي عام 1998م أوقف العراق تعاونه مع (أونسكوم) بعدما رفض مجلس الأمن تأكيد أن العقوبات الاقتصادية سترفع في حال التثبت من نزع الأسلحة العراقية، وبعدها قصفت القوات الأمريكية والبريطانية العراق على مدى أربعة أيام في (عملية ثعلب الصحراء) من دون استشارة الأمم المتحدة أو إخطارها. وفي عام 1999م كشفت معاينات أجرتها اليونيسيف في جنوب العراق ووسطه أن معدل وفيات الأطفال تضاعف من 56 حالة وفاة لكل ألف ولادة عام 1989م إلى 131 حالة وفاة لكل ألف ولادة. وفي عام 2000م استقال منسق الشؤون الإنسانية (هانز فون سبونيك) احتجاجا على العقوبات الاقتصادية، وواصلت أميركا وبريطانيا قصفهما لمواقع عراقية ومحطات رادار بحجة خطورتها على الطيارين الأميركان والبريطانيين. وفي عام 2002م وضعت قائمة طويلة خاصة بالسلع المزدوجة الاستخدام التي لا يسمح للعراق باستيرادها، وقد جعلت هذه القائمة التي سميت (العقوبات الذكية) الوضع الإنساني في العراق أسوأ من قبل.
القضاء على التفتيش
لم تكن السياسة الأميركية والبريطانية معنية بالتهديد الناشئ عن امتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل، فقد فعلت الولايات المتحدة الكثير لإتلاف نظام التفتيش وإفشاله، هذا بالرغم أن الأمم المتحدة أنشأت بقرارها رقم 687 وكالة
التفتيش الخاصة بالعراق (أونسكوم) لمراقبة نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية والتثبت من ذلك، تمهيداً لرفع العقوبات عن العراق. فبعد سبعة أعوام من أعمال التفتيش والمفاوضات والمراقبة والمواجهة حققت أونسكوم الكثير. وفي بداية عام 1998م رفضت بريطانيا والولايات المتحدة مناقشة إنهاء العقوبات على العراق إذا قررت أونسكوم أن العراق التزم بقرارات مجلس الأمن، وبدا واضحاً أن العقوبات ستبقى مفروضة على العراق في جميع الأحوال والاحتمالات. كما دفعت أمريكا العلاقة بين العراق وأونسكوم للانهيار بالإصرار على تفتيش مواقع حساسة لا صلة مباشرة لها بصناعة أسلحة الدمار الشامل، ويعتبرها العراقيون حساسة من زاوية أمنهم القومي وكرامتهم وسيادتهم الوطنية، مثل مرافق الحرس الجمهوري، ومكاتب الاستخبارات والأمن والقصور الرئاسية.
ورغم كل التعجيز الذي وضع في وجه تعاون العراق مع أونسكوم، فإن رئيس اللجنة قال في تقريره: إن الجزء الأكبر من عمليات التفتيش قد نفذ، ومن بين 300 عملية تفتيش كانت هناك خمس حوادث فقط اعتبرها تقرير (بتلر) مخالفة لقرار التفتيش. وكان (بتلر) يقدر ستة إلى ثمانية أسابيع لانتهاء مهمة أونسكوم، وبدلاً من ذلك خربت الولايات المتحدة وكالة التفتيش وأعاقت عمل لجنة أنموفيك (1)، حيث كان المسمار الأخير في نعش أونسكوم انكشاف سلسلة من الأسرار تتعلق باختراق الاستخبارات الأميركية للوكالة، وهذا ما اعترف به رئيس الوكالة (رولف إيكيوس) في يوليو 2002م و (سكوت ريتر) الرئيس التالي، وتبين أن فريق التفتيش يضم على الأقل تسعة عملاء سريين شبه عسكريين تابعين لوكالة الاستخبارات الأميركية، حيث استخدمت المخابرات الأمريكية وكالة أونسكوم في التجسس واختراق الشيفرة والاتصالات العسكرية والأمنية العراقية، وقال (ريتر): إنه زار إسرائيل مرات عدة واجتمع بقائد الاستخبارات الجنرال (أيالون)، وقدمت له إسرائيل آلات تسجيل وتصوير رقمية لتسجيل المكالمات المشفرة والمرسلة من أعمق مصادر القوة الأمنية والعسكرية العراقية.
(1) خطة غزو العراق (عشرة أسباب لمناهضة الحرب على العراق) - ميلان راي ترجمة: حسن الحسن- بيروت: دار الكتاب العربي، 2003م - عرض/ إبراهيم غرايبة ـ الجزيرة نت