الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التدخل والنهب؟ ألا يمكن إعادة صياغة الرواية بواقعية وبدون ملكات أدبية تحت عنوان (في انتظار القاعدة)؟. (1)
في انتظار القاعدة .. وابن لادن
بعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي في مطلع التسعينات من القرن الماضي، لم يعد بمقدور رعاة البلبلة في واشنطن أن يصرخوا قائلين: أن الروس قادمون، وان طول الواحد منهم يبلغ عشرة أقدام! (كحجة للتدخل)، ولذلك فإنه يتعين عليهم على الدوام أن يجدوا عدوا جديداً. فأمريكا تعز أعدائها، وبدون أعداء تتحول لأمة بلا هدف أو اتجاه. فبدلاً من المؤامرة الشيوعية الدولية، تخبرنا واشنطن حالياً ـ في يوم أو آخرـ أنها تخوض حرباً ضد المخدرات أو التجسس العسكري أو الصناعي، أو انتشار أسلحة الدمار الشامل أو الجريمة المنظمة، أو نيابة عن حقوق الإنسان، أو بصفة اخص ضد الإرهاب (2). وقد بدأت أمريكا بخوض هذه الحروب، وبالذات الحرب ضد الإرهاب، حيث مهدت لذلك بتشويه صوره الإسلام وإبرازه وكأنه الخطر الرئيس الذي يهدد العالم الغربي، ولهذا بدأ منذ ذلك الحين العمل على اتخاذ الإسلام كعدو بديل كما وضحنا سابقاً، وأصبح إبراز رمز بانتماء إسلامي، ليكون في صدارة أهداف الحملات ضد (الإرهاب الدولي) هدفا ملحاً بحدّ ذاته، وكان هذا من قبل أن يضع تنظيم القاعدة بزعامة بن لادن نفسه في هذا الموضع، لا سيما بعد إخفاق محاولات أخرى تركَّزت على منظمة (حزب الله) في لبنان، حيث أخفقت تلك المحاولات، نتيجة سياسته التي جعلت منه مقاومة إسلامية معترفًا بها وطنياً وعربياً. كما جرت محاولات للتركيز على منظمتي (حماس) و (الجهاد الإسلامي) في فلسطين، لكن مؤتمر (شرم الشيخ) ـ الذي انعقد لهذا الغرض ـ أخفق إخفاقًا ذريعًا على مذابح جرائم العدوان الإسرائيلي المستمرة. لهذا تم اختيار تنظيم القاعدة وزعيمه بن لادن ليكون الرمز الجديد للإرهاب الإسلامي.
(1) في انتظار البرابرة - ج. م. كوتزي - ترجمة ابتسام عبد الله - المركز الثقافي العربي
(2)
الدولة المارقة - دليل إلى الدولة العظمى الوحيدة في العالم - ويليام بلوم - ترجمة كمال السيد- ص 45
فكل الوقائع تشير إلى أن التركيز على ابن لادن وتنظيمه، وإعطاءه مركز (الصدارة) بدأ من قبل أن يظهر هو نفسه بقوة على سطح الأحداث. بل بدأت ملاحقته - كما كان بإخراجه من السودان إلى أفغانستان ـ من قبل أن يتجاوز حدود الإعلام والاستثمارات المالية في التعبير عن معاداته للوجود العسكري الأمريكي في الخليج، ولكنه كان يجمع سائر المواصفات الأخرى التي تصلح لجعله رمزًا دولياً بانتماء إسلامي للإرهاب (1). فأسامة بن لادن نفسه هو شخصية يمكن فهمها بدون حاجة إلى دراسة عميقة في علم النفس، تغوص في النوازع والهواجس الداخلية لتصرفات البشر. والقصة فيما هو شائع قصة شاب من عائلة سعودية لها جذور يمنية تعمل بالمقاولات، وكان له مكتب يمارس نشاطه التجاري في أفغانستان، وعندما بدأت الحرب الخفية ضد الإلحاد في أفغانستان استعمل مكتب بن لادن واجهة لتوصيل الأموال بشكل يبدو مشروعاً إلى أوجه نشاط لم تكن وقتها مشروعة (2). أي انه عمل تحت إمرة المخابرات السعودية والأمريكية لمقاومة الاحتلال السوفيتي لأفغانستان.
وهذه ليست المرة الأولى التي تستعمل فيها المخابرات الغربية والأمريكية الإسلام لتحقيق أهدافها .. فقد سبق أن جربته في مصر، عندما سعى (كيرميت روزفلت) مسئول الشرق الأوسط في المخابرات المركزية الأمريكية إلى تجميل صورة الملك فاروق، وحاول إقناعه بأن يكون أمير المؤمنين، وأن يتحالف مع الإخوان المسلمين لمنع الثورة الشيوعية في مصر. حيث يعترف كيرميت بأنه استوعب نظرية استعمال الإسلام استعمالاً سياسياً من نابليون بونابرت .. الذي حاول إقناع المصريين خلال حملته الشهيرة على مصر بأنه ولى من أولياء الله الصالحين .. وأن الرسول صلى الله عليه وسلم زاره في المنام، وباركه، وبشره بأنه سيصبح سلطاناً على الشرق. وراح نابليون يطوف بحلقات الذكر .. ويناقش مشايخ الأزهر في تفسير القرآن .. لكن الإسلام الذي استعمله هو نفسه الإسلام الذي أحرقه في ثورة القاهرة (3).
(1) إسلام اونلاين
(2)
من نيويورك إلى كابول- محمد حسنين هيكل ص130
(3)
صلاة الجواسيس - عادل حمودة ص13