الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع
أفغانستان .. بدايتها جهاد .. ونهايتها إرهاب
إعداد المسرح
.. !
لمعرفة طبيعة الحملة التي شنتها أمريكا على أفغانستان، لابد من إلقاء الضوء على خلفية هذه الحملة، والمقدمات التي أوصلت إليها، ابتداء بالغزو السوفيتي لأفغانستان، ومروراً بحركة الجهاد ضده، ووصولاً بطالبان والقاعدة، واحتلال أفغانستان من قبل القوات الأمريكية. ففي سنة 1979م أقدم الاتحاد السوفيتي السابق على غزو أفغانستان واحتلالها. وخوفاً من انتشار النفوذ الشيوعي، مدت الولايات المتحدة يد المساعدة في تنظيم وتسليح المجاهدين، مقاتلي الإسلام في سبيل الله، الذين كانوا سيخوضون حرباً مقدسة ضد الجيوش الشيوعية السوفيتية، التي لا تعرف الله، فيلحقوا بها الهزيمة بعون الله، والأموال الأمريكية وصواريخ ستنغر (1)، حيث تقول الحقائق المتوفرة أن كل ما تم في أفغانستان منذ استيلاء الشيوعيون عليها وحتى الآن، كان مخططاً أمريكياً من الألف إلى الياء، والقصة نعرضها كما هي وكما أوردها الأستاذ (محمد حسنين هيكل) في كتابه من نيويورك إلى كابول، على لسان (بريجنسكى) مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس (كارتر).
يقول هيكل: "في الساعة الثانية من صباح يوم 27 ديسمبر 1979م انعقد مجلس الأمن القومي بحضور الرئيس كارتر، لبحث الدخول العسكري السوفيثى في أفغانستان، ولاستعراض الخيارات المفتوحة أمام الولايات المتحدة للرد عليه. حيث انتهت مداولات مجلس الأمن القومي الأمريكي برئاسة (جيمي كارتر) صباح 27 ديسمبر 1979م بتوجيه رئاسي، يقضي بأن يتوجه مستشار رئيس الآمن القومي (رنجنيو برجينسكي) إلى منطقة الشرق الأوسط بادئاً بالقاهرة، لمقابلة الرئيس (أنور السادات) والبحث معه في تنظيم جهد إسلامي شامل يساند المقاومة الإسلامية الأفغانية، في مواجهتها لجيش الاحتلال السوفيتي، ثم يتوجه مستشار
(1) الدولة المارقة - الدفع الأحادي في السياسة الخارجية الأمريكية - كلايد برستوفتز - تعريب فاضل جتكر - ص137
الأمن القومي بعد القاهرة إلى الرياض، لمقابلة الملك خالد، وولي العهد الأمير فهد، ووزير الدفاع الأمير سلطان، ويجري معهم محادثات تضمن حشد موارد السعودية ونفوذها لقيادة جهاد إسلامي ضد الشيوعية في أفغانستان، وإذا نجح (برجينسكي) في مهمته مع الرئيس السادات، فإنه يستطيع أن ينقل إلى القادة السعوديين ما يطمئنهم إلى أنهم ليسوا وحدهم في ساحة الجهاد. وأخيراً يتوجه مستشار الأمن القومي إلى باكستان ليقوي موقف الحكومة فيها بموارد السعودية ونفوذها، وبثقل مصر ووسائلها، وحتى تثق هذه الحكومة في إسلام أباد أنها سوف تكون وسط عمل إسلامي يلتف فيه من حولها، ويجمع على أرضها قوى الإسلام وإمكانياتها. وكان ذلك حلم باكستان، الذي بدأ بعيد المنال والآن أصبح في متناول اليد.
ويضيف هيكل: وطوال الأسبوع الأول من شهر يناير 1980م كان (زنجينيو برجنسكي) مستشار الرئيس (جيمي كارتر) للآمن القومي في زيارة سرية ممتدة للشرق الأوسط. ففي يوم 3 يناير قابل الرئيس (أنور السادات) لمدة ثلاث ساعات ونصف الساعة، وفي اليوم التالي 4 يناير كان في جدة يقابل الأمير فهد والأمير سلطان، ويوم 5 يناير وصل (برجنسكي) إلى إسلام أباد، ليرتب الأرضية للجهاد باسم الإسلام ضد الإلحاد (1).
وبالرغم من هذا التحرك الأمريكي لتجنيد دول إسلامية للجهاد ضد الاحتلال السوفيتي لأفغانستان، إلا أن المؤامرة الأمريكية كانت سابقة على الاحتلال السوفيتي لأفغانستان، وبالذات بعد نجاح الثورة الإسلامية في إيران، حيث تلقت المخابرات الأمريكية تكليفاً من د. بريجنسكي مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن القومي، بتحضير وإعداد دراسة شاملة حول الحركات الإسلامية في جميع أنحاء العالم العربي .. حتى تعرف الإدارة الأمريكية أفضل الأساليب للتعامل معها، حتى لا تتكرر مفاجأة الثورة الإسلامية في إيران (2).
(1) من نيويورك إلى كابول ـ محمد حسنين هيكل ص 241
(2)
صلاة الجواسيس - عادل حمودة ص97 - الفرسان للنشر - ط11 2003