الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حلف وارسو، وهو محور المهام المطلوبة (أمنيًّا) فيما سُمِّي (هلال الأزمات)، وعرَّفه الأمين العام الأسبق لحلف الأطلنطي بأنه المنطقة الممتدة بين المغرب وإندونيسيا! كما أصبح المحور الرئيس المطروح رسميًّا لأهداف تشكيل عدد من فرق (التدخل السريع)، لا سيما من جانب البلدان الأوروبية الجنوبية، أي في المنطقة الإسلامية المتوسطية (1). فالمشهد السياسي العالمي الذي تدور إستراتيجيته منذ سنوات على اتهام الإسلام والمسلمين، وإشعال الفتن في كل بؤرة إسلامية من الصومال إلى أفغانستان إلى البوسنة إلى جنوب السودان، إلى اذربيجان إلى الشيشان، إلى طاجيكستان إلى بورما، إلى كشمير إلى فلسطين، إلى العراق إلى ليبيا إلى سوريا، كل هذا المسرح العريض يشهد بأن هناك تحريضاً مستمراً واتهاماً ظالماً بالزور والكذب، والتآمر وسعي بالفتن، وبالسلاح وبالدولار في كل أرض عربيه وإسلاميه لزعزعة أمنها وإرهابها والإيقاع بين أهلها وتشويه دينها ومبادئها، وما يجري منذ سنوات هو أفضل تمهيد وتبرير للحرب الخاتمة القادمة (2).
التطبيق العسكري والأمني للشعار
مع استخدام ألفاظ الأصولية والإرهاب وما شابه ذلك، أصبح العداء للإسلام هو أيضًا المحور الرئيس في نوعية ما أدخل من تعديلات على المهام الأمنية لحلف شمال الأطلسي، منذ قمة بروكسل عام 1993م، وجرى تثبيته في قمة واشنطن عام 1999م، ورافق ذلك تعديل مماثل لصياغات المهام الأمنية على مستوى الجيوش الوطنية في الدول الأعضاء، وهو ما يأخذ عادة شكل إصدار (كتاب أبيض) جديد من جانب وزارات الدفاع. ورافق ذلك ـ أيضًا ـ امتداد ظاهرة عقد الاتفاقات والتحالفات، وتشكيل قوات مشتركة بما يتعدّى حدود الحلف شرقًا ويصل إلى البلدان المرشحة للانضمام، ثم من وراء ذلك إلى الاتحاد الروسي والصين الشعبية ودول وسط آسيا، التي استقلت دون أن تخرج من هيمنة الأنظمة القديمة عليها،
(1) الإسلام عدو بديل - نبيل شبيب ـ إسلام أون لاين 12/ 01/2001م
(2)
إسرائيل .. البداية والنهاية - د. مصطفى محمود ص46 - كتاب اليوم / اخبار اليوم - الطبعة السادسة
والمرتبطة بموسكو كما كانت ـ ولكن بلباس رأسمالي بعد اللباس الشيوعي السابق ـ هذا فضلاً عن العداء القديم المتجدد في الهند والفلبين وغيرهما.
لهذا يمكن التأكيد على أن التسويق السياسي والإعلامي لعبارات من قبيل: أن الحرب على أفغانستان (هي حرب ضد الإرهاب، وليست ضد الإسلام أو المسلمين) لا يمثل سوى تسويق مواقف كلامية تضليلية. أما المضمون الفعلي لما يجري، فقد بدأ الإعداد له على امتداد سنوات عديدة سابقة، ووصل الآن إلى مرحلة أولى للتنفيذ، قد تليها مراحل أخطر وأوسع نطاقًا، يتم فيها وضع رداء (مكافحة الإرهاب الدولي) الفضفاض فوق كل تحرّك عدواني جديد، وكل ضربة جديدة لأي جهة مستهدفة، صديقة كانت ـ الآن ـ أم عدوة، وسواء شاركت في مكافحة الإرهاب فعلاً أم لم تشارك (1). ومما له دلالاته انه لم يعد هناك نقاش كثير حول حق الغرب في التدخل في شؤون الدول الإسلامية، بل إن ما تجري مناقشته الآن هو، كيف يمكن الوصول لتحقيق أهداف الغرب بأقل قدر ممكن من الخسائر؟. ومن الطبيعي في ظل هذا الجو السائد أن يقبل التصرف الأمريكي المعتمد على القوة العسكرية المتفوقة، والمتجاهل للأمم المتحدة مع الادعاء بالاعتماد على قراراتها مادام الأمر المطروح هو العقلانية أو الإسلام! بل إن التدخل الأمريكي يصبح مع الوقت حملة (تبشيرية) من أجل الحضارة والحرية" (2)، حيث أن الشواهد على هذا الموقف كثيرة، غير أن ما يجري على الأرض ربما يكون اكثر إقناعاً، من حرب الخليج إلى حرب الإبادة التي يتعرض لها كلا من الشعب الفلسطيني والشعب العراقي، مرورا بحرب أفغانستان وما تبعها بما سمته أمريكا بالحرب على الإرهاب، واخيراً حربها الحالية ضد العراق.
وهنا يرصد المؤرخ التركي (كيريانجيل) في دراسة له أنه منذ عام 1798 م (عندما غزا نابليون مصر) وحتى عام 1953 م (عندما أطاح انقلاب عسكري أعدته وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بنظام حكم محمد مصدق في إيران)، تعرض العالم الإسلامي إلى 318 هجوم عدواني من الغرب، وبين الفترة الممتدة من عام 1956م (العدوان الثلاثي على مصر)، حتى عام 1994م (العدوان الروسي على
(1) الإسلام عدو بديل - نبيل شبيب ـ إسلام أون لاين 12/ 01/2001م
(2)
موقع الإسلام في صراع الحضارات و النظام العالمي الجديد ـ محمد السماك ص18
جمهورية شيشان)، أحصيت خمسة عشر هجوماً عدوانياً. والآن لا يبالغ الأمريكيون في الحديث عن حرب يمكن أن تمتد سنوات أو حتى عشرات السنين، كما قال مسئولون بريطانيون، فيما يشبه المزايدة على واشنطن. وقد سبق (لصامويل هنتنغتون) أن أشار إلى تورط الولايات المتحدة خلال السنوات الخمس عشرة بين عامي 1980م و 1995م، طبقاً لتقارير من وزارة الدفاع الأميركية، في سبع عشرة عملية عسكرية في الشرق الأوسط، كانت كلها موجهة ضد المسلمين مباشرة، ولم تحدث أية عمليات من هذا القبيل إطلاقاً من قبل القوات العسكرية الأمريكية ضد أي شعب أو حضارة أخري. وخلص (هنتنغتون) إلي القول إن المشكلة بالنسبة للغرب ليست في التطرف الإسلامي، بل في الإسلام كطريقة مختلفة للحياة اقتنع المسلمون بسموها وتفوقها علي غيرها (1).
(1) إمبراطورية الشر الجديدة ـ عبد الحي زلوم ـ القدس العربي ـ 3/ 2/2003م