الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مؤقتاً في سبتمبر 1953 م مساعداتها لإسرائيل، لأنها انتهكت القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن فيما يتعلق بمياه نهر الأردن، هي نفسها التي تسخف القانون الدولي والأمم المتحدة برمتها، ليس فقط حيال فلسطين، بل حيال العالم كله (1).
الوسيط المخادع
إن الجواب على كل ما سبق هو ما قمنا بتوضيحه في صفحات هذا الكتاب، حيث بدأ العرب مؤخراً يدركون، أن هذا (الوسيط النزيه)، وهو ما تهوى الإدارات الأميركية المتعاقبة ـ بما فيها إدارة بوش الراهنة ـ نعت نفسها به في سياق تعاملها مع أطراف الصراع العربي الإسرائيلي، لم يكن سوى وسيط مخادع بامتياز، خلال مسيرة تدخل أميركي في الشرق الأوسط، امتدت حتى ولادة ما يسمى بالنظام العالمي الجديد، حيث تحول هذا الوسيط النزيه أو المخادع، إلى وسيط متآمر وغادر .. بل وطرف في النزاع بعد انفراده بقيادة النظام الدولي وعدم حاجته لإخفاء الأسباب الحقيقية لمواقفه الغادره تجاه القضايا العربية. وهنا يجب أن نؤكد "أن الغدر وعدم الوفاء بالوعود، عادة أمريكية أصيلة، منذ الهنود الحمر وحتى الآن، ولهذا لم ولن يجنى العرب إلا الحصرم من ارتمائهم في الحضن الأمريكي، لأن التماس الأمان في حضن أمريكا بلاهة .. فحضن الأفاعي أكثر أمناً من هذا الحضن الغادر"(2).
وعود حرب الخليج
http://www.aljazeera.net/books/2003/7/ - TOP
كلنا عايش أحداث حرب الخليج الثانية، والتصريحات والوعود التي أطلقتها الإدارة الأمريكية وأعوانها، من الزعماء والساسة العرب، عن ولادة نظام عالمي جديد، سيتمكن من خلاله العرب والفلسطينيين بالذات، من الحصول على حقوقهم كاملة، حيث جاءت هذه التصريحات والوعود، رداً على مبادرة الرئيس العراقي الراحل (صدام حسين)، الذي طالب بحل القضية الفلسطينية مقابل انسحابه من الكويت. وقد استهجنت أمريكيا وبعض الدول العربية، هذا الطرح من الرئيس العراقي، على اعتبار أنه لا توجد صلة بين المشكلتين، هذا بالرغم من إدراك الذين عارضوا هذه المبادرة،
(1) الوسيط الخادع .. دور الولايات المتحدة في إسرائيل وفلسطين المؤلف: نصير عاروري الطبعة: الأولى 2003كامبردج بوك ريفيوز
(2)
إسرائيل .. البداية والنهاية - د. مصطفى محمود ـ ص112.
إن الهدف منها كان تعرية الموقف الأمريكي الذي يكيل بمكيالين، والذي عمل على تطبيق قرارات ما يسمى بالشرعية الدولية بحذافيرها على العراق، في حين أن هناك أكوام من القرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، مكدسة في أقبية الأمم المتحدة، والتي عملت أمريكيا بالذات على عدم تنفيذها. وإزاء هذا الموقف المحرج، الذي تعرضت له السياسة الأمريكية، والذي أظهر بوضوح ازدواجيتها وكيلها بمكيالين، وجد ـ حتى الذين رفضوا المبادرة العراقية وأيدوا الموقف الأمريكي ـ أنفسهم في موقف لا يحسدون عليه. فكان لابد من تبرير هذه السياسة الفجة التي اتبعتها أمريكيا في حرب الخليج، والتي لم تترك أي مجال للتفاوض وحل المشكلة بالطرق السلمية.
وهنا نشطت الدعاية الأمريكية وعملائها وأذنابها في المنطقة العربية، من كتاب وصحفيين وساسة، والذين برهنوا عن انتهازية لم يعرف التاريخ مثيلاً لها، وأخذوا ينظرون ويبررون، ويفلسفون الموقف الأمريكي، الذي جاء حسب تحليلاتهم الخائبة نتيجة لانهيار نظام القطبين، وبزوغ فجر النظام العالمي الجديد. ولم ينسَ هؤلاء من تقديم تحليلاتهم الخائبة عن هذا النظام الدولي الجديد. فقالوا إن إسرائيل ستفقد في ظله قيمتها الإستراتيجية، التي كانت لها قبل انتهاء الحرب الباردة، وبالتالي فإن أمريكيا ـ حسب زعمهم ـ ستعمل جاهدة على حل الصراع العربي الإسرائيلي وفق قرارات الشرعية الدولية، وستمارس ضغوطها من أجل حصول الفلسطينيين على حقوقهم كاملة. وقد كان بعض هؤلاء المحللين، متفائلاً أكثر من اللازم، حين طرح إمكانية استخدام أمريكيا للقوة العسكرية، لتطبيق قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالصراع العربي الإسرائيلي، مثلما فعلت مع العراق الشقيق!! وقد انطلت هذه الكذبة على كثير من الدول والشعوب العربية، وبالذات التي وقفت موقفاً مؤيداً لأمريكا، حيث تمكنت أمريكيا من تنفيذ مخططها بضرب القوة العسكرية العراقية، ليس من أجل الكويت، أو من أجل تطبيق قرارات الشرعية الدولية، بل من أجل حماية مشروعها الصليبي في المنطقة العربية، والمتمثل في إسرائيل، والذي شعرت أنه بات مهدداً من القوة العراقية الضخمة والمتطورة.