الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصب اللعنة على شعب بابل، نحن لا ننسى أن التوراة كتبت في العراق كتبت في مدينة (الدعة) على نهر الفرات في شمال وسط العراق، وأن التوراة جُمعت وكتبت هناك".
أحمد منصور (مقاطعاً): "يعني هل هذه هي الفرصة التاريخية .. لتدمير كل ما يمكن أن يصيغه الآخرون من تاريخ عن العراق؟ ".
د. طالب البغدادي: "بالتأكيد هذه الفرصة التاريخية اللي ما سنحت لهم، بالرغم من أن العراق شهد أحداث عنيفة كثيرة وشهد حروب كثيرة .. لكنه لم يشهد مثل هذا الدمار، هناك حملة منظمة لتدمير الهوية الثقافية للشعب العراقي، وتدمير الهوية الثقافية يعني وضع الوجود القومي للشعب العراقي موضع الشك، لأنه أنا في اعتقادي لو أسرد لك بعض .. بعض الشيء عن .. اللي ذكره في شارع حيفا يعني ماذا أحرقوا فيه؟ يعني يقشعر بدني أو تقشعر حواسي، إذا أقول لك أن هناك نسخ من القرآن الكريم قد حُرقت، أي نسخ؟ ابن البواب وابن مقلة، وياقوت المستعصمي وحمد الله الأماسي، و .. علي التبريزي هؤلاء الذين وضعوا أسس الخط العربي والحرف العربي، ناهيك عن .. عن القرآن الذي خطته أيادي الإمام علي بن أبي طالب بالخط الكوفي الجميل، ناهيك عن النسخ الأخرى من القرآن، لكن ابن البواب في بغداد، وابن مقلة في بغداد، وحمد الله الأماسي، كل هذه النسخ من القرآن الكريم موجودة ومحفوظة في مكتبة المخطوطات"(1).
العمق الحقيقي للحرب ـ مقصلة الكبرياء
بعد هذا التدمير المنظم للعراق ولحضارة العراق، وتعمد الإساءة لشعب العراق العريق، وإظهاره وكأنه حفنة من قطاع الطرق واللصوص، الذين انقضوا على نهب وسرقة كل ما وقعت عليه أيديهم، كتبت الكاتبة (حياة الحويك عطية) مقالاً في جريدة الخليج بينت فيه البعد الحقيقي، فقالت: "هذا هو العمق الحقيقي للحرب، أمر أبعد بكثير من نظام صدام حسين: كسر الكبرياء الوطنية، وتدمير وطنية الحضارة والثقافة، وإذلال الروح، وسحق كل شيء. حرام، وألف حرام! فلنوقف هذه المجزرة!
(1) قناة الجزيرة 14ـ4ـ2003 ـ ما وراء الأحداث / تدمير حضارة العراق/- تقديم احمد منصور
إنها مجزرة أخطر من مجزرة الأرواح والأجساد والممتلكات والمؤسسات! إنها مجزرة رقبة الكبرياء العراقية، ومن ورائها العربية كلها، تحت مقصلة الحقد اليهودي الأمريكي، إنها تشويه وجه الشهيد وتمثيل بجثته، أوقفوا التمثيل بجثة العراقيين.
حرام، حرام! هذه بلاد سومر التي اعترف لها (كرومر) بأن التاريخ بدأ بها، وكل شيء بدأ فيها .. كلنا مدينون لما بين النهريين، ايه (نا) .. (نا) العرب، ام (نا) الإنسانية كلها، بل كلتاهما معاً. حرام! حرام! هذه بلاد آشور بانيبال، وسرجون، واسرحدون، ونبوخذ نصر، والرشيد، والمأمون والمعتصم وصلاح الدين. ولكن ألا يعني كل اسم من هؤلاء ثأراً مراً حاقداً لدى هؤلاء الغزاة الصهاينة؟ أو ليس هذا التشويه انتقاماً حارقاً من السبي، وعمورية، وحطين، وفيما هو أعمق: انتقام من مكتبة نينوى، وألواح آشور ومسلة حمورابي، وقصيدة أبى تمام
…
من تمثال جواد سليم، وارث السياب .. بل من شهداء الجيش العراقي على تخوم وأرض فلسطين؟.
هذا هو العمق الحقيقي للحرب، أمر أبعد بكثير من نظام صدام حسين: كسر الكبرياء الوطنية، وتدمير وطنية الحضارة والثقافة، وإذلال الروح، وسحق كل شيء، لأجل بداية جديدة، لا مكان فيها إلا لما يرسمه (ريتشارد بيرل) و (بريمر) ولفيفه، من إسرائيل إلى الولايات المتحدة. إذلال لن تنعكس آثاره على العراقيين وحدهم، على مستقبلهم وحدهم، بل على هذه الأمة بكاملها، للقضاء على آخر بؤر الكرامة فيها، وتحويلها إلى جمع من الدلالين والسماسرة، من الباعة والمبيعين، أما البضاعة فكل شيء، ولا حرمة لشيء في غياب الكرامة (1).
نعم هذا هو البعد الحقيقي للحرب .. الانتقام والثأر من السبي، وآشور، وسرجون، وصلاح الدين، وكل الذين وقفوا في وجهه الشعب المختار وأحقاده وأحلامه في تأسيس مملكة الرب من النيل إلى الفرات
…
من نبوخذ نصر وبابل (أم العاهرات) التي توعدتها التوراة الحاقدة بأشد أنواع الدمار
…
"يا بنت بابل المخربة، طوبى لمن يجازيك جزاءك الذي جازيتنا. طوبى لمن يمسك أطفالك ويضرب بهم الصخرة
…
سيبكي وينحب عليها ملوك الأرض الذين زنوا بها واترفوا معها، حين يرون دخان
(1) مقصلة الكبرياء ـ حياة الحويك عطية ـ الخليج 18/ 4/2003
لهيبها، وعلى بعد يقفون خوفاً من عذابها ويقولون: يا ويلتاه يا ويلتاه أيتها المدينة العظيمة، بابل المدينة القوية، لأنه في ساعة واحدة أتي الحكم عليك" (1).
هذا هو البعد الحقيقي للحرب، الذي على أساسه فعلت (الصهيونية المسيحية) فعلها وتأثيرها في كل من بريطانيا وأمريكا، ووصل بها الأمر إلى استخدام أكبر المحرمات الدولية ضد العراق على مختلف الصعد، ولتفرغ ضده كل سموم الأحقاد المزمنة والحديثة، حيث عجزت كل العصور والأزمان الماضية أن تقتص منه، كما يجب أن تقتص - يهودياً ـ ولم يجد يهود العالم وصهيونيوه ـ اليهود منهم وغير اليهود - مناسبة (لمحق العراق) - كما قال الجنرال الأميركي شوارزكوف- أفضل من الحقد الأخير في القرن العشرين، للولوج إلى القرن الحادي والعشرين يهودياً وصهيونياً، وبدعم أميركي دون أن تكون (عقدة بابل) حاضرة في هذا القرن، كما في القرون والعصور الماضية
…
وليس أسلوب تدمير العراق، عسكرياً وسياسياً واقتصادياً ونفسياً، ثم خنقه وقطع أنفاسه، إلا الدليل الحي على ما وصل إليه الحقد اليهودي ماضياً وحاضراً ومستقبلاً
…
مجنداً كل طاقاته وإمكانياته وحلفائه في هذا الخصوص، عبر توكيل رسمي لأمريكا وبريطانيا .. من أجل محق العراق البابلي، ومحو عقدة بابل من قاموس يهود العالم وتوراتهم ..
وإذا كانت (عقدة بابل) عقدة حية في نفوس اليهود، ويريدونها أن تبقى كذلك حتى (محوها) من الوجود، ألا يحق لعاصمة (الشريعة ألام) الحمورابيه أن تبقى حية في نفوس أبناءها، وفي تاريخ الإنسانية باعتبار أن الحضارة والاكتشافات ليست ملك شعب بمفرده، بل هي ملك للإنسانية جمعاء؟ أليست شريعة حمورابي وقوانينه ملكا للبشرية كلها وقد استفادت منها كلها؟ أليست بابل هي أهم وريثة شرعيه لأول وأهم حضارة وهي سومر؟؟
…
شاء اليهود أم أبوا
…
وشاء الصهاينة - على اختلافهم - أم أبوا
…
سيبقى العراق بتاريخه وحضارته، كما ببابله وسومره، صفحة مضيئة في سجل التاريخ، على امتداد عصوره وأزمانه، مهما حاول اليهود والصهاينة والأمريكان، وكل أعداء
(1) على أعتاب الألفية الثالثةـ الجذور المذهبية لحضانة الغرب وأمريكا لإسرائيل ـ حمدان حمدان- ص214 - بيسان للنشر والتوزيع- ط1 2000