الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بوش يركب الزوبعة ويوجهه العاصفة
قال سانت بوش الابن في خطاب القسم يوم 21 يناير عام 2001م: "بوسع ملاك أن يركب الزوبعة وأن يوجه هذه العاصفة". وحسب تحليل هوارد فاينمان، فإن هذه العبارة مأخوذة من كتابي أيوب وحزقيال، فالزوبعة ترمز إلى صوت الرب!. يقول حزيقيال:"أوحى الرب إلى حزيقيال الكاهن ابن بوزي عند جوار نهر خابور، في ديار الكلدانيين، إذ كانت على يد الرب، فابصرت ريحاً عاصفة تهب من الشمال مصحوبة بسحابة هائلة، ونار متواصلة متوهجة بهالة حيطة من الضياء، ومن وسطها يتألق مثل النحاس اللامع البارق من وسط النار، ومن داخلها بدا شبهه أربعة كائنات حية تماثل في صورها شبه إنسان، وكان لكل واحد منها أربعة أوجه، وأربعة أجنحة"(سفر حزقيال).
موت الشرير
كم مره ينطفئ مصباح الأشرار؟ وكم تتوالى عليهم النكبات، إذ يقسم لهم نصيباً في غضبه؟ يصبحون كالتبن في وجه الريح، وكالعاصفة التي تطوح بها الزوبعة. أنتم تقولون: إن الله يذخر إثم الشرير لأبنائه، لا! إنه ينزل العقاب بالأثيم نفسه، فيعلم. فليشهد هلاكه بعينه، وليجرع غصص غضب القدير. إذ ما بغيته من بيته بعد فنائه، وقد بتر عدد شهور حياته (سفر أيوب).
كما قال الرئيس (المؤمن)(بوش) في ذكرى أحداث سبتمبر 2001م: إن النور يضئ في الظلمة والظلمة لن تهزمه". وحسب المرجعية التي وضعها السيد (فاينمان) لهذه العبارة، فهي إشارة إلي إنجيل يوحنا، ومأخوذة من كتب اليهود المقدسة حول مجيء المسيح! وعلينا أن نصدق بأن البيت الأبيض محفوف بالملائكة، وأن الرئيس قديس يتخفى في جلد نيرون! (1). http://www.aljazeera.net/books/2003/4/ - TOP
إعلان الحرب من كاتدرائية
إمعاناً في إضفاء المعاني الدينية على سياسته، وإحاطتها بهالة من القداسة، وكأن ما يقوم به ما هو إلا تنفيذاً لإرادة إلهية، عمد الرئيس بوش إلى اللجوء إلى
(1) أفق آخر خيري منصور - سانت بوش ـ الخليج - 10ـ3ـ2003م ـ عدد 8695
الكنيسة لإعلان حربه المقدسة على الارهاب. ففي 13 سبتمبر 2001م جرى تنظيم قداس لا مثيل له في الكاتدرائية الوطنية، وصلى فيها الرئيس بوش وعقيلته، وأربعة رؤساء سابقين
…
وجميع الشيوخ والنواب تقريباً. وترأس كاردينال وحاخام وأمام (شيخ) بدورهم هذه الصلاة، وكان إنجيلي التلفزة الأكثر شهره في العالم، القس (بيلى غراهام)، الذي قام بهداية (جورج دبيليو بوش) نفسه قبل خمس عشرة سنه خلت، قد ألقى عظته التي دعا خلالها إلى إعادة البناء على أسس راسخة تقوم على الإيمان بالرب.
وبعد هذه العظة، صعد الرئيس (بوش) إلى المنبر، وقدم بدوره عظة كان مستشاره التوراتى الأصولي (مايكل جرسون)، قد أعدها له حيث قال: "إن مسئوليتنا تجاه التاريخ جلية
…
علينا أن نرد على هذه الاعتداءات، ونحرر العالم من الشر" (1)
…
وقد اتسمت هذه العظة بنبرتها الدينية، حيث علقت صحيفة واشنطن بوست عليها، قائلة: منذ تحول مذهب المحافظة الديني إلى حركة سياسية، يتولى رئيس الولايات المتحدة، لأول مره، زعامتها فعلاً ـ وهى زعامة لم يحظ بها قط (رولاند ريغان) نفسه، رغم ما أحاط به المحافظون الدينيون من رعاية. فقد أظهرت المجلات المسيحية والإذاعات والتلفزيونات الرئيس بوش وهو يصلى، بينما كان الخطباء الوعاظ يصفون زعامته بأنها نعمة من عند الرب. وقد شهد موكب من القادة الروحيين ممن إلتقوه على إيمانه، وشجعت بعض مواقع (الويب) الناس على الصوم والصلاة من أجل الرئيس (2).
وفي الرابع عشر من سبتمبر، التزمت الدول الثلاث والأربعون المنتمية للمجلس الأوربي ودول أخرى، بالوقوف ثلاث دقائق صمت، تحية لذكرى ضحايا الاعتداءات، تلبية لدعوة الرئيس بوش، حيث لم يكن لهجوم مماثل على أي بلد آخر، أن يطلق مثل هذا القدر المتدفق من العواطف، و بدا وكأن العالم كله قد شعر بفقدان البراءة مثل الأمريكيين تماماً (3). وكتب (جون ماري كولمباني) عموداً شهيراً
(1) الحرب الصليبية - جيمس كارول - ترجمة د. قاسم عبده قاسم - ص48
(2)
التضليل الشيطاني / تيرى ميسان ـ ص72
(3)
الدولة المارقة - الدفع الأحادي في السياسة الخارجية الأمريكية - كلايد برستوفتز - تعريب فاضل جتكر - ص12
بعنوان (نحن كلنا أميركيون) في لوموند بتاريخ 12 سبتمبر 2001م تضامناً مع الأميركيين عقب تفجيرات 11 سبتمبر، وأثار هذا العمود ردود فعل في فرنسا، إذ رأى فيه البعض مبالغة وانسياقاً وراء الإدارة الأميركية (1)، التي أضفت، بتحريكها الشعور الديني، طابعاً من القدسية على ضحايا الاعتداءات، وعلى روايتها للأحداث على حد سواء، وغدا بعد ذلك كل طعن بصحة الرواية الرسمية، في العالم أجمع، بمثابة اختراق للقدسيات.
وهكذا عبر الجميع عن قبولهم الضمني بزعامة أصولي ملهم، يعلن عن عزمه على تولى قيادتهم في معركة هائلة ضد الشر، مما يعني أن جنون إنجيلي التلفزة، الصوفي السياسي أصبح معدياً! وإلا فلا يمكن تفسير هذا الاندفاع الورع، لا بالصدمة النفسية ولا بالاحترام الذي نكنه للأموات. فبالرغم من أن الولايات المتحدة كانت في الأصل تيواقراطية أسسها عدد من المطهريين الفارين من تعصب التاج البريطاني، إلا أن ذلك لا يعنى أن تصبح أمه متزمتة، يحل فيها انجيليو التلفزة محل الاستراتيجيين العسكريين. فلا وجود على كل حال، لأي سابقة تاريخية تلا فيها رئيس أمريكي إعلان الحرب من داخل كاتدرائية (2)، مما يعني أن لحظة الصلاة تلك شكلت نقطة تحول تاريخي، حيث كتبت واشنطن بوست تقول: إن الولايات المتحدة دخلت الحرب حينما دوى النشيد الوطني في أجواء الكاتدرائية. تلك هي ملاحظة يمكن توسيعها، والقول بأن العالم قد دخل الحرب باشتراكه في الجنازة الأمريكية.
(1) الكل أميركيون؟ .. العالم بعد 11 سبتمبر 2001 ـ جون ماري كولمباني- ط1 2002 - الناشر فايار، باريس- عرض كامبردج بوك ريفيوز - الجزيرة نت
(2)
التضليل الشيطاني / تيرى ميسان ـ ص70ـ71