الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التركيز على (الأصولية)(1)، مع تصريحات تقول بتبرئة الإسلام كدين سماوي منها، وتثبيت فكرة أن الأصولية هي (الإسلام السياسي).
وبعدها بفترة بدأ التركيز على ربط الإسلام والمسلمين والعرب بـ (الإرهاب)، حيث ترسخ هذا المفهوم في أذهان معظم الأميركيين بعد التفجير في مركز التجارة العالمي في شباط فبراير 1993م، وحينها صب الحاقدون وقود كراهيتهم على النار المستعرة، وبدأ الحديث عن شبكة عالميه فائقة التنظيم، ومكونه من مجموعات الإرهاب الإسلامي، ومتربصة للانقضاض داخل الولايات المتحدة (2).
نظرية هنتنغتون الجديدة
إذا كان العرب والمسلمون قد استقبلوا كتاب المفكر والأكاديمي الأميركي المعروف (صموئيل هنتنغتون) قبل الأخير (صدام الحضارات) بالقلق والرفض الواسعين، لترويجه فكرة أن الصراع العالمي القادم سوف يكون صراعا بين الحضارة الغربية من ناحية، وحضارات الشرق، وعلى رأسها الإسلام من ناحية أخرى، فإنه حري بهم الانتباه لنظرية أخطر يروجها (هنتنغتون) في كتابه الجديد (من نحن؟ تحديات الهوية الوطنية الأميركية)، نظراً للدور الذي ينادي (هنتنغتون) بأن يلعبه الإسلام كدين وحضارة في تشكيل الهوية الوطنية الأميركية خلال الفترة الراهنة، وفي المستقبل المنظور.
فعلى الرغم من أن (هنتنغتون) لا يرى ـ في كتابه الجديد ـ أن الإسلام هو أحد التحديات الأساسية، التي أدت إلى تراجع شعور الأميركيين بهويتهم الوطنية خلال العقود الأخيرة، فإنه يرى أن العداء للإسلام والحضارة الإسلامية قد يساعد بشكل كبير في تحقيق التفاف الأميركيين المنشود، حول هويتهم الوطنية في المستقبل المنظور، حيث يطرح (هنتنغتون) رؤية لإعادة بناء الهوية الأميركية، تقوم على استشراف بعض التغيرات الجذرية الإيجابية الطارئة على المجتمع الأميركي في
(1) الأصولية هي مصطلح غربي أطلق في الأساس ولا يزال عل الجماعات المسيحية المتطرفة التي نشأت بعد حركة الإصلاح الديني، حيث طالبت هذه الفرق بالعودة لأصول العقيدة المسيحية، وهى الكتاب المقدس، ونادت بالتفسير الحرفي لكلماته، وقد تميز نشاط هذه الفرق بالتطرف والعنف، ورفض الآخر.
(2)
صناعة الإرهاب ـ د. عبد الغني عماد - ص84
الفترة الأخيرة، التي من شأن تأكيدها عودة الروح للهوية الوطنية الأميركية. ويعني (هنتنغتون) بهذه التغيرات تحولين أساسيين: أولهما عودة الأميركيين للدين المسيحي، وزيادة دور المسيحية في الحياة العامة الأميركية. وثانيهما الدور الذي يمكن أن يلعبه الإسلام كعدو أساسي جديد لأميركا. ويبشر بأن العودة للمسيحية ـ التي تعد أحد الركائز الأساسية للهوية الأميركية ـ تمثل عاملاً هاماً في دعم الهوية الأميركية ونشرها خلال الفترة الراهنة. كما أن الصحوة الدينية ـ وفقا لتحليل هنتنغتون ـ تصب مباشرة في الدور المساعد الذي يمكن أن يلعبه الدين على الساحة الدولية وخاصة في تعريف عدو أميركا الجديد وهو الإسلام.
وهنا يرى أن عداء أسامة بن لادن لأميركا هو عداء ديني، وأن الأميركيين لا يرون الإسلام على أنه عدو لهم، ولكن الإسلاميين المسلحين، المتدينون منهم والعلمانيون، يرون أميركا وشعبها ودينها وحضارتها أعداء للإسلام. ونتيجة لذلك يرى (هنتنغتون) أن البديل الوحيد للأميركيين هو أن ينظروا لهؤلاء الإسلاميين المسلحين بأسلوب متشابه. ثم يبدأ في وصف نفوذ الإسلاميين المسلحين، ويقول: إنهم كونوا شبكة دولية لها خلايا عبر العالم، هدفها الأساسي هو تدمير الغرب، وإن المسلمين دخلوا في العقود الأخيرة حروبا طالت البروتستانت، والكاثوليك، ومسلمين آخرين، وهندوسا، ويهودا، وبوذيين، وصينيين، وحاربوا في كوسوفا، والبوسنة، والشيشان، وكشمير، وفلسطين، والفلبين. وإن مشاعرهم السلبية تجاه أميركا زادت في التسعينيات. ويضيف أن الشعوب الإسلامية لم تتعاطف مع الأميركيين بعد 11 سبتمبر، وأن عداوتها لأميركا عميقة، وليست بسبب إسرائيل، فهي مدفونة في الحقد على الثروة الأميركية، والسيطرة الأميركية، والعداء للثقافة الأميركية في شقيها العلماني والديني. وينهي (هنتنغتون) فكرته بتوقع دخول أميركا حروبا مع دول وجماعات مسلمة في السنوات القادمة، مما يرشح الإسلام بشكل واضح للعب دور العدو الأساسي والكبير، الذي يوحد الأميركيين ضده (1).
(1) من نحن؟ تحديات الهوية الوطنية الأميركية: صموئيل هنتنغتون ـ عرض/ علاء بيومي ـ الجزيرة نت 2ـ8ـ2004م