الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس
اللعبة الكبرى .. يعملها الأمريكان ويقع فيها المسلمون
! (1)
أضواء أخرى
…
على ما حدث في 11 سبتمبر
لم تكن هجمات الحادي عشر من سبتمبر مجرد ضربة وجهت للقوة العظمى الوحيدة في الصميم فحسب، بل غدت مفصلاً تاريخياً ومنعطفاً أفرز الكثير من الظواهر، ولم تسبب تلك الهجمات أضراراً على صعيد الأرواح والممتلكات فقط، بل برزت فيما بعد أضرار أخرى، من بينها الشعور الوطني المتعجرف في أميركا، والسياسة الخارجية العدوانية، والنظام الدولي المرعب الجديد. ولم تنته آثار تلك الأحداث عند هذا الحد، بل أخذت تفرز ظواهر أخرى، قد تكون أصغر حجماً لكنها ليست أقل ضرراً وإزعاجاً، من بينها ردة الفعل السمجة التي باتت تظهر على صعيد الكتب والتحليلات الإعلامية. والمقصود بهذا هو موجة الكتب والتحليلات المملة، التي يمكن تسميتها بكتب (الحادي عشر من سبتمبر)، أو كتب (النظام الدولي الجديد)، التي ينشرها من باتوا يعرفون بـ (نقاد الثقافات) و (مؤرخو الأفكار)، أو (ما يسمون زوراً بالخبراء) الذين يطلون علينا عبر الفضائيات، ووسائل الإعلام المختلفة، لإقناعنا بوجه نظر معينه في أغلب الأحيان لا تكون بعيده عن دوائر الاستخبارات الأمريكية، أو يقدمون تفسيراتهم الشخصية لما حدث في الحادي عشر من سبتمبر. ومثل هذه الكتب والتحليلات تقدم للقارئ الكثير من الإدراك المتأخر، والقليل من المعرفة، وتحاول أن تضع تلك الأحداث ضمن اتجاهات تاريخية واسعة، ما كانت خافية على أحد بمن في ذلك مؤلفو تلك الكتب وقراؤها. وأصبح من الصعب اليوم العثور على (مثقف) في الغرب، امتنع ـ لحد الآن ـ عن الإدلاء بدلوه في هذا الموضوع، سواء من
(1) اللعبة الكبرى .. يعملها الأمريكان ويقع فيها المسلمون! - أورخان محمد علي- اسلام اون لاين-3 - 11 - 2001 - http://www.islamonline.net/arabic/politics/2001/11/article4.shtml
خلال بحث نشره أو ملاحظة عابرة أدلى بها. وفي كل تلك الإسهامات تطل من بين الكلمات تلك النبرة المتعالمة، التي تقول للقارئ، ألم أقل لكم ذلك؟ " (1).
وفي معالجتنا في هذا الكتاب لأحداث 11 سبتمبر، سنحاول الخروج عن تلك الظاهرة، لان تلك الاحداث ليست موضوعنا الرئيس في الاساس، بل جاءت في اطار رؤية شامله نحاول من خلالها القاء الضوء على الابعاد الدينية والتوراتية للسياسة الأمريكية تجاه المنطقة العربية والعالم، يضاف إلى ذلك اننا سنحاول اثباث فرضية طرحناها منذ الاسبوع الأول للاحداث، استنتجناها من خلال فهمنا للتوجهات الأمريكية تجاه المنطقة العربية والعالم الإسلامي في ظل النظام الدولي الجديد، حتى يمكن الاستفادة منها في المستقبل، ليس فقط لادانة أمريكا، بل لادانة انفسنا بالدرجة الأولى، لاننا سمحنا لانفسنا بالجري وراء سراب وبطولات مزعومه، وغيبنا وعينا وعقولنا، وحتى تغافلنا عن مبادئ ديننا السمح الذي لايقبل مثل هذه العمليات، والتي ارتدت علينا كمسلين وعرب باسوأ النتائج.
ولهذا فاننا سنحاول هنا تقديم تحليل منطقي للأحداث وتداعياتها، بالرغم من التضليل الإعلامي الهائل الذي مارسته وسائل الأعلام الأمريكية، لإقناع الرأي العام العالمي بمسئولية ابن لادن وتنظيم القاعدة على وجه الخصوص، والمسلمين عامه عن أحداث 11 سبتمبر. فبالرغم من أن كثيراً من الدراسات والتحقيقات شككت في صدق هذه الاتهامات الأمريكية، لأسباب عديدة ـ سنوضحها في هذا الفصل ـ إلا انه للأسف، ظلت مثل هذه الأصوات خافته وغير مسموعة أو تم إسكاتها، هذا بالرغم من مشروعية طرحها ومنطقيته. فآلة الدعاية الأمريكية الضالة والمضللة استطاعت بأكاذيبها تضليل العالم، من خلال ما يشبه عملية غسيل دماغ كونية، مارستها الإدارة الأمريكية بآلتها الإعلامية الضخمة، مستعينة بخبراء ومتخصصين من كل الجنسيات لتمرير ما تريده هذه الإدارة، التي مارست أعتى أنواع الإرهاب على العالم، بحيث أصبحت حرية الرأي مقيدة قبل أن تبدأ.
(1) الإرهاب والليبرالية- بول بيرمان ـ الناشر: نورتون، نيويورك ولندن- ط1 2003 - عرض/ كامبردج بوك ريفيوز
فالإرهاب الذي واجهت به أمريكيا العالم رافعة شعار: (إما معنا أو مع الإرهاب)، سيظل إلي أبد الآبدين وصمة عار في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية .. لا .. ليس في تاريخ الولايات المتحدة فقط .. بل في تاريخ الحضارة الغربية كلها .. وصمة الكذب القادر علي قتل من يرفض تصديقه .. وصمة البرابرة والهمج التي سقطت عن وجوههم فجأة كل الأقنعة، التي تقنعت بها لتكشف زيفاً عاش بالكذب القرون تلو القرون. فالأمر هنا لا يتعلق فقط باتهام أغلب الظن أنه كاذب، شنت أمريكا بسببه حرباً عالمية، بل بالممارسات التي صحبت شن هذه الحرب. وحتى لو كان هذا الاتهام صادقا، ً فإنه لا يبرر علي الإطلاق شن مثل هذه الحرب، ولا أي حرب علي الإطلاق. لأن أفغانستان الدولة لم تشن حرباً علي الولايات المتحدة، و إنما تشتبه الأخيرة في شخص ما وتتهم أفغانستان بإيوائه (1).
ولكنها اللعبة الكبرى للقرن الحادي والعشرين .. لعبة قامت بها مراكز القوى الخفية التي تحكم الولايات المتحدة من خلف الستار ونفذتها بكل نجاح. وهي تفوق في آثارها وانعكاساتها عملية اغتيال الرئيس الأمريكي الأسبق (جون كيندي)، التي نفذتها هذه القوى أيضًا، ونجحت في إسدال ستار كثيف من الغموض عليها. هذه اللعبة الكبيرة والخطيرة سترسم الخطوط العامة للسياسة الدولية لعشر سنوات مقبلة على الأقل، ولا يستطيع أحد الآن توقع مضاعفاتها وتطوراتها وآثارها في السياسة الدولية، وفي تصعيد الهيمنة الأمريكية على العالم، وإن بدت آثارها القريبة في أنها أشعلت الحرب الأولى لهذا القرن. كما أنها تنذر بحدوث توترات شديدة بين العالم الإسلامي والولايات المتحدة، حتى إنها حدت بالكثيرين للقول بأن حرب الحضارات التي تنبأ بها (هانتنجتون) قد بدأت (2).
إنها عملية محبوكه ومنظمه يديرها رجال تسللوا إلى مقاعد صنع القرار، وجواسيس، وأموال، وزعامات سياسيه، ورؤوس تفكر وتخطط، وعصابات تقتل، وإرهاب يفجر، ولكن الجرائم لم يحدث قط أن ولدت كاملة، وكل جريمة لا بد أن ينقصها شيء، والمجرم مهما بلغ ذكاؤه، لا بد أن ينسى شيئاً
…
شيئاً صغيراً تافهاً
(1) راجع بل هي حرب على الإسلام - الدكتور محمد عباس- مكتبة مدبولي - 2002
(2)
راجع بتفصيل مقال أورخان محمد علي- موقع الإسلام انلاين3 - 11 - 2001