الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مكانة بوش على الخريطة الدينية الأميركية
تتسم الخريطة الدينية للولايات المتحدة بشيء من التعقيد، فلا يمكن رسم حدودها واضحة، وبيان مكانة بوش فيها بشكل مفصل في هذا الكتاب، ولكن يمكن القول إجمالاً: إن أنصار بوش هم في الغالب الأعم من البيض البروتستنت، وممن ينتمون للكنيسة المعمدانية أو الكنيسة المنهجية، التي ينتمي إليها بوش، ونتيجة لهذه العلاقة الحميمة بين بوش والتيار المسيحي الأصولي، وفرت الكنائس الإنجيلية المتصهينة لبوش فوزاً على منافسه الجمهوري (ماكين)، ثم فوزاً ملتبساً على منافسه الديمقراطي (آل جور). ولهذا فإن الذين يبرمجون الرئيس الأميركي هم قساوسة الحركة الصهيونية المسيحية. فالرئيس بوش هو من النوع الذي لا يدخل في نقاش مع نفسه، ولا يمارس التساؤل لكونه ـ أيضاً ـ ينطلق من مرجعية فكر ديني مطلق، لم يكن غريباً أنه صنف مجتمعات العالم إلى متحضرة وغير متحضرة، وخيرة وشريرة وعليها أن تختار أن تكون ضده أو معه، وتوعد من ليس معه بالعقاب الشديد. ومن هذا المنطلق الديني الأصولي يرى أن الأحداث التاريخية تتم كما قال الكاتب (جاكسون ليرز) على (يد إله عادل ومخلص) وأن رئاسته جزء من خطة مقدسة، حتى أنه قال لصديق له عندما كان حاكما لولاية تكساس: إن الله يريده أن يترشح للرئاسة .. وأوعز للولايات المتحدة بأن تقود حملة صليبيه تحريرية في الشرق الأوسط، بل ذهب (جاكسون ليرز) في هذه المقالة إلى القول بأن اللغة الدينية الأصولية كثيراً ما تستعمل في الثقافة السياسية الأميركية، خصوصاً بين أنصار بوش، الذين يؤمنون بأنهم يعملون بإرشاد الهي وينفذون إرادة الله" (1). http://www.aljazeera.net/cases_analysis/2003/3/3-11-1.htm - TOP
علاقة بوش مع الكنيسة الكاثوليكية
الكنيسة الكاثوليكية التي يقدر أتباعها بحوالي 60 مليون شخصاً، لا تربطها علاقة ود بالرئيس بوش، لأسباب سياسية ودينية وتاريخية كثيرة. فكما هو معروف تأسس الحزب الجمهوري في عام 1854م، بعد الهجرة الكاثوليكية المتنامية نحو أمريكا، وظهور تيارات دينية جديدة إضافة إلى ظهور العلمانية، حيث بدأت بعض
(1) الدين في القرار الأمريكي ـ محمد السماك - ص63
المفاهيم تؤثر سلباً في اللغة الدينية السائدة في ذلك الوقت، وشعر البيوريتانيون بأن دولة الفضيلة التي عملوا على تأسيسها، تدخل مرحلة الانحدار، فجاء تأسيس الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه الرئيس الحالي (جورج بوش) عام 1854م معيداً الخطاب الديني البيوريتانى إلى الوجود، ومعيداً الأمل البيوريتاني إلى الوجود. فالتف اليمين البروتستانتى حول هذا الحزب الجديد بقوة على اعتبار أن برنامجه السياسي، الذي تطغى عليه القيم الدينية ينسجم مع طموحاتهم ببناء أمريكا المسيحية، حيث يمثل الحزب الجديد القيم المسيحية البيوريتانية الحقيقية، (المبادئ المسيحية اليهودية)، والذي سوف يعمل على تحقيق النبوءة التوراتية بإقامة مملكة الرب (يهوه)(1). وفي أواخر السبعينات والثمانينات من القرن الماضي حدث تحول يثير الاهتمام بوجه خاص، ألا وهو العلاقة الوثيقة المتزايدة بين اليمين المسيحي الجديد والحزب الجمهوري، حيث لم تبدأ هذه الصلة في أواخر السبعينات. فالعلاقة بين (بيلي جراهام)(ودوايت أيزنهاور) شيء معروف، مثله كمثل صلوات الإفطار في البيت البيض الأبيض أثناء فترة رئاسة نيكسون، ثم وصلت العلاقة إلى آفاق جديدة مع ترشيح (ريجان) ثم فترة رئاسته (2).
إن هذه الخلفية المتطرفة للحزب الجمهورى، ربما توضح سبب تطرف (بوش الابن) وتعصبه ليس فقط تجاه العرب والمسلمين، بل تجاه المسيحيين الكاثوليك، حيث ـ معروف عنه ـ علاقاته الحميمة بالتيار الأصولي المسيحي المتطرف في أمريكيا، وبأكثر زعماء هذا التيار تطرفاً، أمثال (جون ايفانس)، وغيرهم، والذين يعتقدون أن الاتحاد الأوروبي ـ وبالذات دوله الكاثوليكية ـ هم من قوى الشر، التي ستحارب أمريكيا في المستقبل، ويسمون دولها العشر بالوحش الذي ورد ذكره في نبوءات التوراة (3). ولهذا لم يكن مستغرباً أن يرتبط بوش بعلاقات حميمة مع أكبر جامعة أصولية متطرفة، وهى جامعة (بوب جونز) الانفصالية المتشددة التي أسسها القس الأصولي المتشدد (بوب جونز)(4)، والتي تناصر الآراء المضادة للكاثوليكية،
(1) أساطير في ثوب ديني وتحالف استراتيجي - رضا محمد حرب - الخليج العدد 8674
(2)
الدين والسياسة في الولايات المتحدة - ج1ـ مايكل كوربت ـ جوليا ميشتل كوربت ص155
(3)
يد الله - جريس هالسيل - 35
(4)
الدين والثقافة الأمريكية - جورج مارسدن - ترجمة صادق عودة - ص231