الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(مهمة إلهية) أوكلت إليه لتبرير الهجوم الأمريكي على العراق". وأضاف (راو): "إنها رسالة تخفي نيات مبيتة يوجهها بوش". وأكد (راو) "أن الإنجيل لا يأتي إطلاقاً على ذكر أي حملة صليبية، وقال:"لا أعتقد أن شعباً ما يمكن أن يتلقى أمراً إلهياً بتحرير شعب آخر"(1).
رفض الحلول والسعي للحرب
لقد كان الأمر أكثر تعقيداً مما يتصور الرئيس الأمريكي، الذي غطى الحماس الديني على بصيرته السياسية، وأعماه عن الصراعات الدينية والسياسية القادمة، التي سيفتح لها الباب بحربه على العراق، وبرجوعه إلى عصر الاستعمار المباشر بعد أن أصبح الضمير البشري يرفض هذا النمط من الاستعمار. ولكن الذي يبشر بالخير أنه لا يزال في أمريكا اليوم أصوات ـ مثل صوت القس فريتس ـ تدعو إلى التواضع والإنصاف، وهي أصوات قد يكون لها شأن في المستقبل، لكن من المحزن أن هذه الأصوات لا تكاد تسمع الآن بسبب طبول الحرب وصخب الأصولية المسيحية وأختها اليهودية. وفي محاولة يائسة لمنع الحرب، أصدرت جماعة من المثقفين الأمريكيين نداء بعنوان (ليس باسمنا)، رد فيه موقعو البيان على قول الرئيس بوش:"إما أن تكونوا معنا، أو تكونوا ضدنا"، بقولهم:"نحن نرفض إعطائكم الحق بان تتكلموا باسم جميع الأمريكيين. نحن لن نتنازل أبداً عن حقنا في المساءلة. نحن لن نقدم لكم ضمائرنا لقاء وعود أمنية فارغة. ونقول لكم: ليس باسمنا. نحن نرفض أن نشارك في هذه الحروب، ونرفض كل افتراض بأنها تخاض باسمنا أو لأجل خيرنا"(2).
وبالرغم من هذه المعارضة الداخلية والخارجية للحرب، "أعلن الرئيس (بوش) في يناير 2002م عن نيته توسيع حربه على الإرهاب إلى ما يتعدى تدمير شبكة القاعدة إلى كوريا الشمالية وإيران والعراق، وربما أعداء رسميين آخرين للولايات المتحدة. واستبعدت كوريا وإيران في جملة واحدة وركز بوش على العراق، ودلت خطب متوالية لشخصيات بارزة في إدارة بوش على أن واشنطن عازمة على شن
(1) الخليج 2/ 4/2003م عدد 8718
(2)
خطورة أمريكا (مفات حربها المفتوحة في العراق- نويل مامير، باتريك فاربيار- ترجمة ميشال كرم- ص 252 - دار الفارابي - ط1 2004
هجوم كبير على العراق" (1). وهكذا تحولت آلهة الحرب من جبال الأولمب إلى واشنطن، لكي تبدأ صفحة جديدة من سفك الدماء، متذرعة هذه المرة بمبررات مقاومة الإرهاب وحماية السلام .. وهي الحجة نفسها التي سفكت الشيوعية تحت مظلتها أنهارا من الدماء"(2). ولكن التحضيرات للحرب على العراق كشفت عن هموم عميقة لحلفاء بوش، فقد جاهر قسم كبير من وزارة حرب (بوش الأب) بمعارضة الحرب على العراق، مثل جيمس بيكر وزير الخارجية الأميركي الأسبق، وبرنت سكوكروفت مستشار الأمن القومي الأسبق.
ولكن الحرب الأمريكية على أفغانستان والعراق وربما غيرهما في المستقبل، كانت مطلباً ملحاً للإدارة الأميركية التي تسعى وتخطط لتحقيقها وتهيئ الظروف المواتية لإشعالها، فقد كان يمكن على سبيل المثال تسلم أسامة بن لادن قبل عام 1998م، وأبدت قيادة طالبان في أفغانستان استعدادها لتسليمه إلى السعودية، وكان ثمة مفاوضات قطعت شوطا مهما مع (تركي الفيصل) المدير السابق للمخابرات السعودية، ولكن قصف أفغانستان والسودان قوض المشروع، بل إنه حتى بعد أحداث 11 سبتمبر كان ثمة فرصة لتسليم أسامة بن لادن لباكستان ومحاكمته هناك. وكان من المحتمل أن تفضي هذه المحاكمة إلى تسليمه للولايات المتحدة، أو يطبق عليه حكم لن يقل عما يفترض أن تسعى إليه الولايات المتحدة، وبخاصة أن باكستان دولة حليفة لأميركا، ولكن بريطانيا والولايات المتحدة تجاهلتا الاتفاق وعملتا على هدمه (3).
وحتى الحرب الأمريكية البريطانية الأولى على العراق كان يمكن تجنبها، حيث أبدى صدام حسين استعداده للانسحاب من الكويت بشرط ضمان عدم تعرضه لضربه أمريكية، كما جاء في مذكرات (بريماكوت) المبعوث الروسي لبغداد، والذي لم يستطع أن يعطي أي تعهد بضمان عدم إقدام أمريكا على ضربه، وحتى حرب احتلال العراق الأخيرة، كان يمكن الوصول إلى حلول كثيرة ومخارج لها ولكن أمريكا تريد الحرب ولا تريد غيرها مهما حدث. وهنا يطرح (فليب هيرو) في كتابه (العراق تقرير
(1) خطة غزو العراق تأليف: ميلان راي ترجمة: حسن الحسنـ عرض/ إبراهيم غرايبةـ الجزيرة نت
(2)
مذكرات حول واقعة الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) ـ د. عماد الدين خليل ـ ص110
(3)
خطة غزو العراق تأليف: ميلان راي ترجمة: حسن الحسن ـ عرض/ إبراهيم غرايبة ـ الجزيرة نت
من الداخل) مجموعة من الأسئلة الحادة، ويقول: إن الولايات المتحدة لا تستطيع تفادي الإجابة عنها أمام الرأي العام العالمي، وهي: لماذا قامت الولايات المتحدة بالحرب على العراق مع أن تقارير لجان التفتيش التابعة للأمم المتحدة أكدت أنه تم نزع ما بين 90 إلى 95% من أسلحة الدمار الشامل العراقية؟ وأين الدليل على صلة العراق بتنظيم القاعدة؟ ثم ما دور جهازي الاستخبارات الأمريكية (سي آي إي) والبريطانية (أم آي سكس) في محاولات الانقلاب الست الفاشلة التي نظمت للإطاحة بنظام حكم صدام حسين منذ عام 1991م؟.
فالمؤتمر الوطني العراقي برئاسة (أحمد جلبي) الذي تأسس برعاية أميركية عام 1990م، وثم ترسخه في اجتماع فيينا عام 1992م وموله جهاز (السي آي إي) ، كان الهدف منه قلب نظام الحكم في بغداد، حيث وضعت مخططات انقلابات عسكرية بين عامي 1995م و1996م أشرفت عليها السي آي إي بالتعاون مع المؤتمر الوطني والأحزاب الكردية في شمال العراق من أجل التخلص من النظام في بغداد، لكن الفشل كان حليفها. ومن المثير هنا أنه عندما اقترب انقلاب سنة 1995م من النضوج، أرسل مدير جهاز (السي آي إي) آنذاك (جون ديتش) إلى رئيس محطة عمان التابعة للجهاز فريقاً خاصاً للتنسيق مع المخابرات الأردنية بشأن الانقلاب (1). ومن الجدير بالذكر أيضاً ان ولفويتز كان وراء محاولات الاغتيال المتكررة التي استهدفت الرئيس العراقي صدام حسين، كما طور إلي جانب -ديك تشيني- خطة عام 1991، أطلق عليها عملية العقرب، للقيام بغزو بري للعراق. ومرة أخري، خطط (ولفويتز) لغزو شمال العراق انطلاقاً من تركيا، حيث أطلق علي تلك العملية عملية المطرقة. وفي عام 1997م، وضع (ولفويتز) والجنرال (وين داوننغ) مسودة خطة ضد العراق باستخدام المعارضة العراقية التي تتخذ من لندن مقراً لها (2).
(1) العراق .. تقرير من الداخل ـ المؤلف: ديليب هيرو كامبردج بوك ريفيوزـ الجزيرة نت
(2)
إمبراطورية الشر الجديدة ـ عبد الحي زلوم ـالقدس العربي ـ 28/ 2/2003م